خبر فشل استخباري- يديعوت

الساعة 09:25 ص|26 يونيو 2011

فشل استخباري- يديعوت

الواقع من تحت الفانوس

بقلم: اليكس فيشمان

احدى نواقص الاستخبارات هي الاستخفاف الظاهر للمعلومات الاستخبارية العلنية – ذاك العمل المثابر لقراءة وتحليل المادة العلنية يوميا: الصحف، الكتب، التلفزيون، الانترنت، قراءة التقارير المالية، المنشورات الاكاديمية وغيرها. كل هذه معا الى جانب الاف المنشورات العلنية، تخلق صورة ما تصفه الاستخبارات بانه "حالة المزاج" في الهدف.

القيادات أيضا – رؤساء الوزراء، وزراء الدفاع وغيرهم من المستهلكين للمادة الاستخبارية – يجتذبون بالذات لبواطن المادة السرية: التنصتات، الحملات السرية، الوثائق المسروقة وجملة المغامرات الاخرى. تحليل المادة العلنية لا يبث فيهم كميات لازمة من الادرينالين.

غير ان المادة العلنية بالذات تمكنك من أن ترى الصورة الكبرى. المعلومات الاستخبارية المحددة، السرية، يمكن ان تحسن، ان تؤكد الصورة، وتسمح بالتخطيط العملياتي. ولكن من أجل فهم السياقات، محظور على الاستخبارات أن تستخف بالمادة العلنية، التي فيها هالة أقل ولكن فيها معلومات أكثر بكثير. هذه هي بالضبط الكتلة الاساسية لفهم الهدف.

وعليه، لا شك أن تقرير مراقب الدولة عن "مرمرة" سيركز على الفشل الاستخباري. كما أنه لا ريب أن هذا الفشل نبع، من جهة اخرى، من استخفاف شعبة الاستخبارات العسكرية بالمادة العلنية على السفينة التركية، والتي تدفقت في وسائل الاعلام قبل اشهر من انطلاقها على الدرب. المادة العلنية باللغة التركية، مثلا، لم تعالج هنا تقريبا. في شعبة الاستخبارات لم يروا الصورة الكبرى، ولهذا فان "مرمرة" لم توضع في سلم الاولويات السليم، كما ينبغي لحدث ذي معان استراتيجية واسعة. وليس صدفة ان رئيس الوزراء في تلك اللحظة لم يكن في البلاد.

هذا بالضبط ما يحصل اليوم في كل ما يتعلق "بربيع الشعوب" في العالم العربي حولنا. رجال اعمال مصريون وصفوا بدقة أمام زملاء اسرائيليين ما يجري في مصر في السنوات الاخيرة. تحدثوا عن الاضرار الهائلة التي يلحقها جمال مبارك وعصبة "فتيان اقتصاد اللابتوب" خاصته بالطبقة الوسطى المصرية. تحدثوا عن عمى مبارك الذي يسمح لابنه بان يفعل ما يشاء. المادة العلنية هذه كانت ملقاة على الارضية، ولكن لم يكن هناك من يلتقطها. فضلوا عندنا المادة السرية، التي رسمت صورة اخرى، تتناسب والمفهوم المغلوط.

في المسألة السورية ايضا ما كانت هناك حاجة للبحث بعيدا. كان يكفي السؤال لماذا يسافر الدروز في هضبة الجولان منذ أشهر طويلة لزيارة اقربائهم في سوريا وهم يحملون أكياس السكر والمنتجات الاساسية الاخرى. هناك أيضا الطبقة الوسطى تنهار وتركل.

في غزة أيضا نصر على أن نعيش في مفهوم مغلوط عن حكم الرعب لحماس ولا نسأل أنفسنا مثلا كيف حصل أن الاهالي في غزة – رغم التهديدات والضغوط – يحبذون ارسال ابنائهم الى المخيمات الصيفية لوكالة الغوث وليس للمخيمات الصيفية لحماس التي تطور مضامين دينية – وطنية. وكالة الغوث هي بقدر كبير خصم حماس. في مدارسها توجد صفوف مختلطة بل ويعلمون هناك حتى عن الكارثة. فهل هذه هي الاشارة الوحيدة التي تدل على ان الحكم في حماس ليس مطلقا؟ بالتأكيد لا.

في كل صباح، مع الشروق، حين يتلقى رئيس شعبة الاستخبارات مختارات من الصحف من العالم العربي، عليه أن يطلب بان يظهر في رأس الصفحة استعراضان: واحد عن الاقتصاد المصري والثاني عن الوضع السياسي في الاردن. مصر "تأكل" مخزون الطوارىء لديها، أسعار الغذاء توشك على الارتفاع الشديد، الفوضى على الابواب. في الاردن تقع هزات ارضية صغيرة تحت أقدام الملك: مظاهرات عنف، مطالبة الملك بالتخلي عن الصلاحيات، هياج آخذ بالتصاعد. وكل ذلك يظهر في المواد العلنية.

هذه التطورات حرجة. فهي التي ستؤثر على مستقبل المنطقة وعلى مكانة اسرائيل في المدى القريب. اذا لم تستخلص الاستخبارات العسكرية دروسا مبدئية – تنظيمية من شكل معالجتها للاسطول، فانها لن تعرف ايضا كيف تقرأ المفاجأة التالية التي يعدها لنا الشرق الاوسط.