خبر قمقم مع رتب.. معاريف

الساعة 02:24 م|21 يونيو 2011

بقلم: عوفر شيلح

(المضمون: السؤال الحقيقي ليس اذا كان بيرتس مرفوضا لرئاسة العمل بل الى متى سيعتبر فقط الجنرالات المتقاعدين هم المرشحين للمنصب المدني الصرف لمن يجسد الغلاف المدني الذي يعمل الجيش في داخله - المصدر).

واحدة أعرفها، منتسبة قديمة لحزب العمل، قالت لي ان ترشيح عمير بيرتس لرئاسة الحزب ليس مناسبا في نظرها "بسبب دوره في حرب لبنان". هذا موقف مشروع، بالطبع: فقد شهدنا في حياتنا قدرا كبيرا من الزعماء الذين فشلوا في ادارة احداث محملة بالمصائر كالحروب، ولم يتحملوا المسؤولية ويذهبون الى بيوتهم. بيرتس هو الاخر لم يستقيل بارادته بعد الحرب، وغادر منصبه فقط بعد أن خسر في الانتخابات التمهيدية رئاسة العمل في 2007. قوله الدائم بان لبنان كان "حرب الصحوة" مثير للحفيظة على نحو خاص، اذا تذكرنا بان ثمن ساعة الايقاظ هذه كان 163 قتيلا.

ولكن بعد أن قلنا هذا، من المجدي ان نبحث مرة اخرى في موضوع وزير الدفاع عمير بيرتس في حرب لبنان، بالقياس لمن خدم في المنصب قبله وبعده، ويعتبرون مرشحين طبيعيين لنيله. في اليوم الذي اختطف فيه ريغف وغولدفاسر كان بيرتس في منصبه منذ شهرين. لم يكن لديه أي سبيل لمعرفة وضع الجيش عميقا: مستوى ومزاج قادته، النقص في التدريب والتأهيل الذي قام به قسم هام من وحداته الميدانية دون أهلية.

والاهم من هذا فقد ورث بيرتس الوضع الذي كان قائما منذ سنوات عديدة: وزير الدفاع، الذي حسب القانون هو منفذ دور الحكومة بصفته القائد الاعلى للجيش، هو عامل ثانوي تماما في ادارة الحرب. كان هذا صحيحا بالنسبة لموشيه ديان الذي لم يرغب في الوصول الى قناة السويس في حرب الايام الستة؛ كان هذا صحيحا بعد بيرتس ايضا بالنسبة لايهود باراك، الذي فضل ان تنتهي حملة رصاص مصبوب بعد بضعة ايام والا تصل الى المرحلة البرية.

معارك اسرائيل تدار في الخط المباشر بين رئيس الاركان ورئيس الوزراء، فيما ان كل الادوات في جانب الجيش: الدراسات التفصيلية، اعداد البدائل وعرضها، تصميم الواقع الذي يراه القادة أمام ناظريهم. وزير الدفاع هو نوع من المرشد السياسي – وفي هذا الدور كان بيرتس بالذات ليس سيئا. فهو، مثلا كان الذي ضغط لقصف صواريخ متوسطة المدى وبعيدة المدى لحزب الله.

وحتى لجنة فينوغراد، التي اقوالها بشأن بيرتس مصابة بذات التفكير البيروقراطي والشكلي الذي يميز تقريرها بشكل عام، اشارت الى أن بيرتس "اظهر احيانا فهما لم يظهره اناس اكثر تجربة منه، وكانت له مساهمة هامة في المداولات وفي القرارات في موضوع اهداف الهجوم". واتهمته اساسا في أنه لم يستشر اناسا اكثر تجربة، وكأن ما كان ينقص في لبنان هو نقاش آخر أو حديث آخر مع عاموس جلعاد. لنعترف بالحقيقة: الذنب الاساس لبيرتس كان هو أنه ظهر سخيفا. فهو لم يتناسب مع النموذج الثابت لدينا، بموجبه وزير الدفاع هو جنرال سابق يعرف كيف يرفع الناظور، وعلى هذا يصعب علينا أن نغفر.

ليس المقصود مما نقول ان نبرئه بأثر رجعي. فقد أبدى عمى وسطحية تماما كمن وقف فوقه وظاهرا تحته أيضا. ولكن اذا كان وجود المرء كدمية للجيش في أثناء الحرب هو جريمة، فان دافيد بن غوريون هو وزير الدفاع الاخير الذي سيخرج بريئا. بالمقابل، فانه في ما يتعلق بالتشديدات في الميزانية وبناء القوة، فان بيرتس جدير بالثناء على دفعه الى الامام مشروعه قبة حديدية وعلى مسؤوليته عن التغييرات في الميزانية. هذا ايضا لا يجعله وزير دفاع ممتاز، ولكن شخصا كهذا لم يكن لدينا منذ زمن بعيد.

السؤال الحقيقي ليس اذا كان بيرتس مرفوضا لرئاسة العمل بل الى متى سيعتبر فقط الجنرالات المتقاعدين هم المرشحين للمنصب المدني الصرف لمن يجسد الغلاف المدني الذي يعمل الجيش في داخله. السؤال هو الى متى سينظر الجمهور ليس في المضمون الحقيقي والفارغ جدا للمنصب الاعتباري، بل فقط الى القمقم المزين برتب حامله.