خبر جيش اسرائيلي آخر واسرائيل مختلفة -هآرتس

الساعة 09:08 ص|20 يونيو 2011

جيش اسرائيلي آخر واسرائيل مختلفة -هآرتس

بقلم: أمير أورن

(المضمون: تغير التقنيات في الجيش الاسرائيلي بحيث تزداد الوسائل القتالية التي لا تحتاج الى البشر قد يُغري القيادة الاسرائيلية بمغامرات حمقاء - المصدر).

اجتمع أبناء عائلة واصدقاء في الاسبوع الماضي في "كوخاف هيردين" وافتتحوا تذكارا باسم الفريق دان شومرون. سيُخلد ذكره ايضا في قاعدة التدريب في تسالم التي رعاها عندما انشأ قيادة الاسلحة الميدانية. ولا يكفي هذا فهو يستحق أن يُسمى باسمه "بيت هنتيفوت" في المطار في عنتيبة.

        برغم انه تولى رئاسة هيئة الاركان في السنين التي جلبت على دولة اسرائيل في حين كانت لا زالت غارقة في جنوب لبنان وتستعد لحرب جوية وحرب مدرعات مع سوريا، جلبت مفاجأة الانتفاضة وهجوم الصواريخ من العراق، سيُتذكر شومرون أكثر من كل شيء – بشرط أن تُحبط جهود إنساء ذكراه – بأنه قائد عملية عنتيبة التي سيكون قد انقضى بعد اسبوعين 35 سنة عليها.

        أسماه العقيد (احتياط) موكي بتسار الذي كان في عنتيبة قائد القوة المهاجمة، أسماه في كوخاف هيردين: "بطل العملية لا لأنه كان قائدها فقط بل بفضل شخصيته وقيادته والثقة التي غمر بها مَن حوله". أحدث شومرون بحديثه الى وزير الدفاع شمعون بيرس والى رئيس هيئة الاركان موتي غور تحولا وجرف ذوي القرار بعد استسلامهم لمطالب الخاطفين. قال بتسار: "كان في كفتي الميزان إما البقاء وإما الفناء. احتيج الى شخص ذي استقامة داخلية عميقة وشجاعة وتجربة للعمليات الخاصة وقدرة خطابية وزعامة ومسؤولية، وقدرة على الاقناع وظهور رائع، للمساعدة على التمييز بين الخيال والواقع وبين الهذيان والمسؤولية تمهيدا لبت قرار عملية ذات احتمال نجاح معقول يسوغ مخاطرة المحاربين والرهائن".

        مرت 35 سنة، ويصعب اليوم اعتقاد ان القيادة الاسرائيلية قادرة على اتخاذ قرارات على قدر الخروج الى عنتيبة. ما يزال الضباط يرددون عن ظهر قلب "التمسك بالمهمة في ضوء الهدف"، لكن الهدف يشتق من توقعات المجتمع، وهو لن يدع جيشه بعدُ – والحكومة التي تتولى قيادته – ينجران الى حروب خيار طويلة ذات مصابين كثيرين. نفد الصبر والتحمل. وقد تحول الثمن وخاصة القتلى من نتيجة مصاحبة محزنة نحجم عن الحديث فيها سلفا، الى تقدير حاسم في قرار هل يُبادر الى عمل عسكري. في مجتمع القرن الواحد والعشرين أصبح الخاص أهم من العام. في حرب الوجود في 1948 عُد الملازم اول فيلون فريدمان – الذي سُمي باسمه معسكر فيلون – بطلا لا لامتيازه باعتباره محاربا وقائدا فقط بل لأنه قتل في النهاية جريحين من أتباعه وانتحر كي لا يقع في الأسر.

        إن روح "مكشوفين في برج الدبابة" في الستينيات قبل وجود اجهزة رقابة النيران المتطورة داخل الدبابة، جعلت الحاجة الأدائية في تعرض القادة للخطر بطولة مقدسة. وكان مقدار الوسام كمقدار القتل حوله. في حالات نادرة فقط مدح الجيش الاسرائيلي عن غير حق دائما أداءات برز فيها عدم التماس مع الطرف الثاني مثل دخول دورية هيئة القيادة العامة الى مصر قبل حرب الايام الستة، وعندما حصل اهود باراك ورفاقه في القوة الداخلة وفرق المروحيات على أوسمة تملأ الصدور. اعتاد باراك آنذاك أن يقول أن من الجيد أن أمر كل وسام شرف بقي سرا لئلا يتبين أن وسام الشرف لا يشهد على بطولة المحاربين الذين لم يحاربوا بل على مخاوف من أرسلوهم. كان شومرون أحد الشاذين عن القاعدة وهو الذي امتُدح لتنفيذه حيلة تطويق توفر حياة المحاربين في حرب الايام الستة.

        إن المعركة بأمره الأصلي اشتُقت من المدى القريب، جسما لجسم للأعداء. تفضل الحرب الحالية البعيد على القريب، والضحية والتضحية. ما يزال لا بديل عن تجربة القيادة لكن وزن التحمل البدني قلّ. إن من يجلس في غرفة السيطرة على طائرة بلا طيار في بلماخيم ليس أبعد أو أقل تعرضا لتهديد من طيار يطلق سلاحا دقيقا عن بعد 100 كم بل 200.

        إن ثورة الاتصالات الشبكية سلبت الجنود وحدتهم وتعلقهم بسلسلة القيادة. يُدبر الجيش أموره طولا لكن المجتمع يفعل ذلك عرضا. لن يمضي جيش يعتمد على الخدمة الالزامية والاحتياطية طائعا وراء زعماء فاشلين. إن التسلح الذي يزداد بوسائل بلا ناس تحل محل الانسان وتكون شبه "فيلق مساعدة"، هو توجه تقني مبارك واجتماعي خطر: فكلما بدت الكلفة البشرية (في الجبهة الأمامية لكن لا في الجبهة الخلفية بالضرورة) أقل فقد تُغرى القيادة المغامرة بالتورط في حرب. ما يزال الوضع ليس كذلك لأن الرجال الآليين في هذه الاثناء موجودون هنا في مستوى بت القرار.