خبر تهوين قدر المحرقة في إسرائيل- إسرائيل اليوم

الساعة 08:46 ص|19 يونيو 2011

تهوين قدر المحرقة في إسرائيل- إسرائيل اليوم

بقلم: حاييم شاين

شبّه الشاعر نتان زاخ في الاسبوع الماضي انتخاب رئيس حكومة اسرائيل بانتخابات ديمقراطية، بانتخاب هتلر في المانيا. لا شك في أن صفة الفائز بجائزة اسرائيل لا تضمن الحكمة والأدب والتصرف السليم. فالطموح احيانا الى اثارة العناوين الصحفية والى تهييج أمواج أقوى من كل كابح اخلاقي وقيمي. ليس كلام زاخ مساً برئيس الحكومة وحده بل إهانة لسائر مواطني دولة اسرائيل الذين انتخبوا قيادة الدولة في انتخابات ديمقراطية. لكن المواطنين الذين لا يفكرون مثل زاخ ولا يصوتون مثله ومثل رفاقه لا يستحقون من وجهة نظره اعتبارا جديا فهم لا يفهمون ما هي الديمقراطية.

لست مهتما بأن أشغل نفسي بنتان زاخ وخواطره. القضية المقلقة هي الاستعمال التهكمي لعناصر متطرفة في المجتمع الاسرائيلي لذكرى محرقة يهود اوروبا لخدمة أهداف عقائدية. هذا الاستعمال يُهوّن من قدر ذكرى المحرقة. المحرقة التي كانت لحظة قاتمة مظلمة في تاريخ الانسانية. وهي لحظة ثارت فيها أمة مستنيرة في ظاهر الامر يُعد من أبنائها: كانط وهيغل ونيتشه، لتُبيد الشعب اليهودي وتقتله وتفنيه.

كان أول من رفع راية المقارنة بين النازية ووقائع في دولة اسرائيل هو كاهن اليسار المتطرف وموجهه البروفيسور يشعياهو ليفوفيتش. فهو الأب الروحي لمن يعتنقون ما بعد الصهيونية الذين يرون العودة الى صهيون وانشاء دولة اسرائيل عمل احتلال وسلب وطرد وإجلاء – فقد وصف اعمال الدولة بعبارات مأخوذة من وصف اعمال النازيين التي وجهت على اليهود.

سمّى ليفوفيتش جنود الجيش الاسرائيلي الذين يخدمون في مناطق يهودا والسامرة "يودو نازيين" (يهودا نازيين). وكانت هذه مقولة تحرشية أباحت دم المحرقة لتُستعمل استعمالا سياسيا. وهذه المقولة كانت اشارة لنزع اللجام وإزالة القيود التي قبلها مواطنو اسرائيل بشأن ذكرى المحرقة. وكانت المقارنة بين جنود الجيش الاسرائيلي والنازيين تعبيرا عن حضيض وهاوية فغرت فاها بين الكثرة الكاثرة من الجمهور في اسرائيل وبين مجموعة المثقفين ووسائل الاعلام المقطوعين عن واقع الحياة في اسرائيل.

من المهم أن نؤكد أنه برغم الاسهام الأساسي لليسار في إنكار المحرقة والتهوين من شأنها، فان جماعات من اليمين جذبتها الدوامة، عن تقدير أن ذكرى المحرقة في اللاوعي الجمعي للمجتمع الاسرائيلي يمكن ان تحث الجمهور على التعاطف والتآلف. هذا ما كان على سبيل المثال في ايام مناضلة الانفصال عندما حملت جماعات من المُجلين عن غوش قطيف رقعا برتقالية على ملابسهم واستعملوا تعبيرات مأخوذة عن ذكرى المحرقة. وقد برزت في الأحداث لافتات عليها تعبيرات مثل "يودنريت" و"الطرد يعادل المحرقة".

توجد ظاهرة مشابهة عند الحريديين ايضا. كان ملايين من اخوتنا الذين قتلوا في المحرقة يُزَعزعون لو علموا أن أحفادهم يُسمون رجال الشرطة في دولة اسرائيل تسميات شتم منها النازيون. هذا استعمال يُرخص ذكرى المحرقة ولا سيما عندما يُسمع عندما يأتي رجال الشرطة خاصة لحماية سكان الأحياء الحريدية من الزعران. إن سهولة الوصم بالنازيين تثير القشعريرة.

اسرائيل برغم جميع الصعاب هي ديمقراطية قدوة، وحرية التعبير فيها قيمة عليا، ومن اجل هذا خاصة من المهم أن نمنع عن أنفسنا استعمالا تهكميا لا داعي له لذكرى المحرقة. يحاول كثيرون من أعدائنا يثورون بنا للقضاء علينا فعل هذا ايضا بواسطة إنكار المحرقة وينبغي لنا ألا نساعدهم.