خبر التفكير من خارج العلبة -يديعوت

الساعة 10:01 ص|05 يونيو 2011

التفكير من خارج العلبة -يديعوت

نعم، لا، أسود وأبيض

بقلم: عمانويل روزين

مئير دغان، الرجل والاحابيل، نجح في أن يثير هذا الاسبوع حرجا كبيرا في الدولة، التي نسيت منذ زمن بعيد ما هو الجدال الحقيقي: كيف يمكن أن يحصل، قال لانفسهم السامعون، أن من جهة يعارض الرجل صفقة شليت ومن جهة اخرى يؤيد المبادرة السعودية؟ يفكر من جهة بان نتنياهو هو سياسي مغامر وخطير ومن جهة اخرى يعارض النزول من الجولان. يعتقد من جهة أن ايران هي خطر على السلام العالمي ومن جهة اخرى مقتنع بانه محظور مهاجمته؟

لقد حطم دغان بوابة مغلقة نحو واقع ضحل يحظر فيه التفكير من خارج العلبة؛ كل رد فعل فيه هو شرطي ومعروف مسبقا؛ كل شيء فيه، تماما مثلما في لعبة الاطفال اياها، إما نعم أو لا، أسود أم أبيض. لا يفكرون بطريقة اخرى، لا يفكرون بطريقة أصيلة. لا يفكرون.

من الصعب استيعاب فهم رئيس الموساد المنصرف، في دولة عندما تدخل فتح الى حكومتها حماس ينبغي على الفور النهوض والصراخ والعويل، واذا كان هناك أحد ما يجرؤ على التفكير بانه لعله يوجد في هذه الخطوة بضع نقاط طيبة أيضا – فيخيل أنه هاذٍ، يساري أو مجتث لاسرائيل. رئيس الوزراء يأمر وزراؤه بالتصريح ضد الاتفاق، وذلك لانه لا سمح الله اذا حاول أحد ما التفكير، فسيلحق ضرر خطير بالدولة وبالصهيونية بشكل عام. اسمحوا لي بان افاجئكم: الضرر لحق منذ الان.

منذ وقت غير بعيد، عندما تجرأ ايهود باراك على القول ان التهديد الايراني هو هستيريا ليست في مكانها، وانه لا احتمال بهجوم نووي ايراني على اسرائيل، تجمد مجمدو التفكير في مكانهم. كيف يتجرأ وزير دفاع في دولة اسرائيل على أن يسلب من مواطنيها التهديد الايراني، الخوف الذي يرافقهم في كل صباح من جديد.

في 1984 لايرويل، يعلمون المواطنين كيف يفكرون، والاساس كيف لا يفكرون. الحقيقة هي كذب، قيل هناك. سياسيون لا يريدون حلا حقيقيا. يريدون مذهبهم الفكري، وهم يريدون أن ينتخبوا، وعليه فان كل مؤشر على التفكير المستقل، الكافر أساسا، محاولة تحليل الواقع المعقد بشكل يرتفع قليلا عن السطحي والضحل، يفسر لديهم كتهديد.

نحن نبحث عن رئيس أمريكي يتفق معنا، ليس لاننا نفكر بان مثل هذا الموقف يساعد على الحل – بل لان كل موقف آخر، لا يستوي والاحبولة الاعلامية من شأنه أن يدفعنا الى التفكير والتفكر. مرغوب فيه أن يتفق أحد ما معنا، والا فسنبقى وحدنا، وهذا لا يبدو جيدا.

في هذا الشأن، اليسار عندنا ايضا لا يبدي مظاهر النضج الفكري: كل المستوطنين مخطئون، كل العرب محقون ويجب مقاطعة ارئيل إذ هكذا هو الحال. رد فعل شرطي. العرب هم ايضا، من جهتهم، يساهمون بدورهم لتدمير وتخريب كل فرصة بالانعطافة. ولكن في مكان واحد لا يوجد أي فرق بينهم وبيننا: المكان الذي التفكير والابداع والرغبة في ايجاد سبيل يستبدل هدفا واحدا فقط – التزلف للجماهير واثارة اعجابهم.

دغان تحدث هذا الاسبوع دون أن يتزلف. قالت حقيقته، دون أن يعطيها تصنيفا من اليمين او اليسار، كديما أو الليكود. مجرد حقيقة صافية. يمكن ويجب الجدال معها، ولكن من المجدي ايضا الانصات. لم أستطب مظاهرة الصداقة التي ابداها رئيس الموساد المنصرف تجاه عائلة عوفر، ولا سيما وقد ترافقت وتلميحات غامضة، ولكن هذا لا يمنعني من أن احتسي بعطش اقواله. الماء في الصحراء ليست بالضرورة شرابا لذيذا أو مريرا ولكنها مياه في الصحراء، وهي يمكنها أن تمنحنا جميعا الحياة.

في ظل جدال جماهيري مخلول وباعث على التثاؤب فاننا نحتاج الى مثل هؤلاء الدغانين، مزودين بالمعلومات وبالاستقامة، شجعان وليس لديهم مخاوف ما بعد صهيونية. ليشرحوا لنا بان هذا الواقع أكثر تعقيدا من تراث اسحق شمير الذي العرب فيه هم ذات العرب والبحر هو ذات البحر.