خبر الخطاب ليس سلاماً- يديعوت

الساعة 09:10 ص|27 مايو 2011

الخطاب ليس سلاماً- يديعوت

بقلم: ايهود اولمرت

كلمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمام مجلسي الكونغرس كانت مثيرة للانطباع. وأثارت احساسا مبررا بالفخار في أوساط العديد من الاسرائيليين ممن هم ليسوا مستعبدين للخصومات والكراهية السياسية. نتنياهو خطيب مصقع وكفؤ على نحو خاص باللغة الانجليزية. وهو يعرف كيف يتحدث الى الامريكيين "بالامريكية" المفهومة والتي تدخل القلب. وليس صدفة أن نال استقبالا حارا وعاطفا جدا في الكونغرس. لا غرو أن خطابه، الذي بث في البث الحي والمباشر في البلاد، نال رد فعل مشابه في الجمهور الاسرائيلي أيضا. هذه لحظة راحة كل اسرائيل يحق له أن يستمتع بها وأن يتفاخر فيها.

 

لعل هذه كانت اللحظة الاكثر فرحا في حياتنا السياسية منذ زمن بعيد، ويحتمل أيضا أن تبقى كذلك لفترة زمنية طويلة اخرى. مثل هذه الخطابات هامة وبالضرورة هي جزء من جدول أعمال كل سياسي، وبالتأكيد السياسي الاسرائيلي الذي يظهر في أحد الاماكن الاهم في العالم. بيد أن الخطابات لا يمكنها أن تكون بديلا عن سياسة السلام. مثل هذه لا يوجد لاسرائيل اليوم. على أي حال هذه لا تجد تعبيرها في اقوال نتنياهو في امريكا ولا حتى في البلاد.

 

السؤال ليس اذا كان نتنياهو نجح في اخافة رئيس الولايات المتحدة أو ان الرئيس اوباما كان حازما بما يكفي كي يثير المخاوف في أوساطنا. الرئيس اوباما لم يغير ولم يجدد شيئا في خطابه الاسبوع الماضي. فقد عبر عن الحقيقة البسيطة التي لا مفر منها. العالم بأسره، وبالتأكيد البلدان العربية، من استراليا عبر كندا واوروبا وكل الادارات الامريكية في الجيل الاخير – دون استثناء - تؤيد بشكل لا لبس فيه حل النزاع بيننا وبين الفلسطينيين على اساس حدود 67 مع تبادل للاراضي. هذا ما قاله اوباما في خطابه الاول وعاد وأكده في خطابه الثاني. شيء لم يتغير بين الخطابين، وان كان الرئيس اوباما أيضا لم يعرض في نهاية اليوم خطة سياسية متبلورة.    واضح أن تبادل الاراضي سيغير مسار خط الحدود بالقياس الى خطوط 67، ولكن هذا التغيير لا يعني التخلي عن مطلب الحل على اساس خطوط 67. تبادل الاراضي سيستدعي نقل مواطنين كانوا جزءا من سيادة اسرائيل حتى العام 67 الى سيادة فلسطينية مقابل ثلاثة تجمعات سكانية يهودية في يهودا والسامرة. حجمهم ومكانهم سيبحثان في المفاوضات. حل الدولتين للشعبين حيوي لامن اسرائيل ووجودها. أساس خطوط 67 هو المفتاح لذلك وليس لنا ما نخشاه في هذا السياق.

 

هكذا أيضا بالنسبة للقدس. دول العالم المتنورة باسرها، بما فيها الغالبية الساحقة من الجمهور الامريكي، تؤيد قطع الاحياء العربية في القدس عن السيادة الاسرائيلية. هذا محتم، وهذا ايضا صحيح وجيد لمن يرغب في الحفاظ على عاصمة اسرائيل كمدينة يهودية. لا مفر من هذا. كرئيس البلدية سابقا أعرف ذلك جيدا، وهذا ايضا ممكن. من يرفض البحث في ذلك يقضي على فرص المسيرة السلمية. يمكن ان يدور المرء لسانه، ان يوقظ متطرفي اليمين وأن يجترف هتافات التأييد من المستوطنين، ولكن السلام، المفاوضات الحقيقية والفهم في العالم لن تنشأ عن ذلك.

السطر الاخير لحملة خطابات رئيس الوزراء في الولايات المتحدة يثير قلقا عميقا. هناك من يعتقد بانه في المواجهة التي لا داعي لها مع اوباما، في الخلاف العلني مع الولايات المتحدة في عدم الاتفاق الواضح مع اوروبا، تراجعنا الى الوراء. آخرون سيقولون ان بذلك اتخذنا خطوة الى الامام نحو الهوة السحيقة على شفا بيتنا منذ زمن. هوة العزلة، الشجب، المقاطعة والانتقاد المتطرف. هوة من شأنها أن تؤدي، في نهاية المطاف، الى الخسارة الدراماتيكية لمكانة اسرائيل في العالم كدولة محبة للسلام ترغب بصدق في التوصل الى اتفاق على اساس حل وسط أليم، يحطم القلب، صعب على التنفيذ ولكن محتم.

هتافات الفرح من الجماهير من شأنها أحيانا أن تضلل. استطلاعات الرأي العام يمكنها أن تنهض بالمزاج. ولكنها لا تغير الواقع. الشجاعة، التصميم، القدرة على اتخاذ القرار وبالاساس الاستعداد للمواجهة حتى مع رجال الحزب والمؤيدين السياسيين من الداخل هي الاختبار الحقيقي للزعامة.

رئيس الوزراء الاول لاسرائيل دافيد بن غوريون، والذي في عهده لم تكن هناك استطلاعات للرأي العام بموجبها يمكن معرفة الى اين تهب الريح قال ذات مرة: "لا اعرف ماذا يريده الشعب، أعرف ماذا يحتاجه الشعب". اسرائيل تحتاج لصنع السلام، للموافقة على انسحاب الى حدود تقوم على اساس خطوط 67، الحفاظ على الاجزاء اليهودية في القدس، التوصل الى ترتيبات امنية تضمنها الولايات المتحدة وتضمن أن تكون نتيجة المسيرة تحافظ على دولة اسرائيل كوطن قومي وآمن للشعب اليهودي. ليس بالتعهدات اللفظية – بل بالواقع الذي سينشأ جراء الاتفاق.

هذا لن يتحقق بخطابات في الكونغرس او في الكنيست، بل بشجاعة اتخاذ القرارات التي تغير الواقع الذي يخلق تهديدا حقيقيا على مكانة دولة اسرائيل، على الدعم الدولي لها وعلى مستقبلها كدولة يهودية وديمقراطية.