خبر تهدئة قبل الحسم -هآرتس

الساعة 08:14 ص|23 مايو 2011

 

تهدئة قبل الحسم -هآرتس

بقلم: الوف بن

(المضمون: يُفهم من خطاب اوباما أنه لا يتوقع حقا استئناف المفاوضات. فلا ثقة له بنتنياهو أو بمحمود عباس، وحماس التي ترفض الاعتراف باسرائيل ليست شريكا في نظره. ولكنه منشغل البال من الموقف الدولي الذي يميل الى دعم الاعلان عن الاستقلال الفلسطيني في الامم المتحدة في ايلول - المصدر).

        بعد تبادل الضربات العلني بين براك اوباما وبنيامين نتنياهو في نهاية الاسبوع الماضي، حانت أمس مرحلة التهدئة. رئيس الوزراء أنصت الى خطاب الرئيس في مؤتمر "ايباك" ونشر تعقيبا "أعرب فيه عن التقدير" لما قاله اوباما بل وأثنى على جهوده "في الماضي وفي الحاضر" من اجل السلام.

        اوباما لم يغير رسائله الأساسية من خطابه عن الشرق الاوسط يوم الجمعة، والذي أثار غضب وقلق نتنياهو – بسبب الموقف الصريح من خطوط 1967 مع تبادل للاراضي متفق عليه كأساس للحدود المستقبلية بين اسرائيل وفلسطين. نتنياهو رد على الخطاب بالطلب من اوباما تجديد وعود سلفه، جورج بوش، في ألا تعود الحدود الى خطوط 1967، وأضاف تحذيرات من "السلام الذي يقوم على الأوهام" والذي يؤدي الى خراب اسرائيل.

        أمس جاء اوباما الى مؤتمر "ايباك" كي يُري بأنه لا يخشى ان يقول حقيقته في عرين الأسود للوبي من اجل اسرائيل. عندما صعد الى المنصة استقبله صفير التحقير. لم يتأثر. وقد بدا الرئيس مرتاحا أمام جمهور حي أكثر من كلمته مكبوحة الجماح في وزارة الخارجية، أمام موظفين ودبلوماسيين. أمس جاء اوباما الى اجتماع انتخابي، وبدلا من ان يتزلف للجمهور بالمزاح، عرض الامر مقلوبا: أنا لا أخاف من خلافات الرأي مع نتنياهو حتى وأنا أتنافس على اعادة انتخابي. قلت خطوط 1967، والآن ماذا ستفعلون لي؟.

        في الخطاب تشدد اوباما في الخط تجاه ايران، حماس وحزب الله (بل وألمح بأن المنظمة اغتالت رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري)، ووعد بتعزيز أمن اسرائيل والكفاح ضد نزع الشرعية عنها. في "ايباك" يحبون سماع مثل هذه الرسائل وكانت الهتافات متناسبة مع ذلك. ولكن عندما وصل الى الموضوع الفلسطيني، أصر اوباما على موقفه: الجمود يضر باسرائيل، التي ستجد صعوبة في التصدي على مدى الزمن مع النمو السكاني الفلسطيني من الداخل ومع غضب الجماهير العربية من الخارج.

        اوباما لطّف قليلا الخطاب السابق. هذه المرة تحدث عن اتفاق يؤدي الى نهاية النزاع ونهاية المطالب، كما يطلب نتنياهو، وأكد التشخيص الذي سيعبر تبادل الاراضي المتفق عليه فيه عن التغييرات التي وقعت في الواقع على الارض في الـ 44 سنة الاخيرة. لم يذكر كلمة "احتلال" التي كرهها هذا الجمهور، ولا المستوطنات ايضا.

        يُفهم من خطاب اوباما أنه لا يتوقع حقا استئناف المفاوضات. فلا ثقة له بنتنياهو أو بمحمود عباس، وحماس التي ترفض الاعتراف باسرائيل ليست شريكا في نظره. ولكنه منشغل البال من الموقف الدولي الذي يميل الى دعم الاعلان عن الاستقلال الفلسطيني في الامم المتحدة في ايلول. فالاعلان سيعرض الولايات المتحدة كقوة عظمى على الورق، لم تفِ بوعدها بمنح الاستقلال للفلسطينيين. وعليه، فان اوباما يريد ان تعطيه اسرائيل شيئا ما للعمل به أمام زعماء اوروبا، الذين سيزورهم هذا الاسبوع كي يوقف الانجراف نحو ايلول.

        نتنياهو يبدو انه يفهم هذا ويفهم بقدر لا يقل بأن هناك حدود لجسارة زعيم اسرائيلي أمام رئيس امريكي. وهو يعرف بأن الجمهور في الداخل ايضا، الذي يحسب جدا الحساب لتأييد امريكا، يخشى من مواجهتها. ولهذا فقد عقب نتنياهو بالايجاب على خطاب اوباما الثاني، بل وأشار فيه الى نقاط هامة (معظمها ظهرت ايضا في الخطاب السابق).

        الآن حان دور رئيس الوزراء، في الخطابين اللذين سيلقيهما هذه الليلة في "ايباك" وفي الكونغرس غدا. هذان هما خطابا حياته. وهما سيحسمان استمرار ولايته: مواجهة متدحرجة مع الولايات المتحدة تدفع بنتنياهو نحو جذوره في اليمين المتطرف – أم سعي الى التفاهم مع اوباما، يُبقي نتنياهو في الوسط ويُقدم لاسرائيل مخرجا من العزلة السياسية المثقلة.

        يوم الجمعة في البيت الابيض، اختار نتنياهو الخيار الاول، وأمس مال الى الثاني. ولكن اختباره الأكبر يبدأ هذا المساء حين سيتعين عليه أن يرد على سؤال كل رؤساء الولايات المتحدة منذ حرب الايام الستة: أي نوع من اسرائيل تريد، سيدي رئيس الوزراء.