خبر أوباما حلقة من حلقات التواطؤ المستمر مع الاحتلال - بقلم أ . رأفت حمدونة**

الساعة 06:04 ص|23 مايو 2011

أوباما حلقة من حلقات التواطؤ المستمر مع الاحتلال..

بقلم أ . رأفت حمدونة**

فلسطين اليوم-غزة

فرغم تاكيد الرئيس الامريكي باراك اوباما على ان حدود اسرائيل وفلسطين يجب ان تقوم على حدود 1967 مع مبادلات للاراضي يتفق عليها الطرفان ، الا انه اوضح ": ان تبادل الاراضي بين اسرائيل وفلسطين تعني ان الحدود الجديدة ستختلف عن حدود 67 للأخذ في الاعتبار "الواقع السكاني الجديد" وهذا تراجع لا يمكن أن نختزله ولو كان صحيحاً فى كسب فترة رئاسة أخرى بعد صهيونى ولكن هنالك أسباب تاريخية تؤكد أن اوباما ما هو إلا حلقة من حلقات التواطؤ المستمر مع الاحتلال من جانب الولايات المتحدة الأمريكية على مدار تاريخ الاحتلال  .

 

وقد يتسائل البعض ، ما مبرر هذا التراجع بهذه السرعة ؟؟ ولماذا يتم ذكر أمن اسرائيل فى خطاب واحد 23 مرة ، ولماذا يعاد " شاليط " ابن أقل من خمس سنوات فى الأسر فى حين يتم تجاهل قضية  6700 أسير فلسطينى وعربى منهم من له فى الاعتقال أكثر من 34 عام متتالية ، ومنهم من هو موجود فى السجون بلا لوائح اتهام ؟؟؟

 

فالولايات المتحدة قدمت دعما دائما لإسرائيل ؛ فلقد استخدمت الفيتو لما يزيد عن  33 مرة ضد قرارات مجلس الأمن التي تدين إسرائيل كان آخرها فى موضوع الاستيطان فى فترة أوباما ، كما أعاقت جهود الدول العربية لوضع الترسانة النووية الإسرائيلية على أجندة الوكالة الدولية للطاقة الذرية ، وفي أكتوبر 1973 هرعت الولايات المتحدة لإنقاذ إسرائيل وأيدتها في مفاوضات السلام السابقة واللاحقة  ، وبقيت لهذه اللحظة الحليف الاستراتيجي عسكرياً وسياسياً واقتصادياً .

 

وصدق د . عبد الفتاح محمد ماضى  فى كتابه الدين والسياسة فى اسرائيل والذى أعاد جذور الدعم الأمريكي للحركة الصهيوينة إلى موافقة الرئيس " وودرو ويلسون " (1913-1921) _ صاحب النقاط الأربعة عشرة الشهيرة ، في رسالة سرية أرسلها إلى وزارة الحرب البريطانية على وعد بلفور ، وإلى موافقة الكونغرس الأمريكي في 30 يونيو 1922_ في عهد " وارين هاردنج " (1921-1923) على الانتداب البريطاني على فلسطين ، فإن الرئيس الأمريكي " هاري ترومان " (1945-1952) قد أرسى حجر الأساس للإنحيار الأمريكي لإسرائيل ، برغم تحذير أركان إدارته من خطورة هذا الإنحيار على العلاقات الأمريكية العربية وقتذاك . ومع عهد الرئيس " ليندون جونسون " (63-1969) بدأت حقبة جديدة من السياسة الأمريكية تتسم بالإنحيار التام لإسرائيل على مستوى الرئاسة والكونغرس معاً . وقد استمرت هذه السياسة في عهود الرؤساء " نيكسون " و " فورد " و " كارتر " و " ريغان " و " بوش " " بيل كلنتون " حتى وصلت إلى عهد الرئيس الحالي " أوباما .

 

أما عن مبررات الدعم التى يسوقها المفكرون والكتاب لانحياز أمريكا مع اسرائيل فهى :

 

- وجود ملايين اليهود في الولايات المتحدة سبب في إيجاد أذان صاغية لتطلعات اليهود وكذلك كون لهذه التطلعات صلة بما هو مكتوب في التوراة وما قيل عنه في أقوال الأنبياء.

 

فكرة إقامة الدولة اليهودية أثارت تأييد خاص في قلوب الأمريكان بسبب الكارثة التي لحقت بهم خلال الحرب العالمية الثانية وتم النظر إلى تأييد اليهود وكأنه تعويض العالم عما أصاب اليهود من معاناة جراء هذه الكارثة التي ألمت بهم ومنحهم ملجئ.

 

ففي أواخر السبعينات تبلور اللوبي الصهيوني كقوة سياسية ذات نفوذ وسلطان تملك الوسائل المالية والإعلامية الكفيلة بتحقيق أهداف إسرائيل على الساحة الأمريكية . ومع تزايد ثقته بنفسه وبقدرته على تحقيق أهدافه اتجه ذلك اللوبي إلى تبنى سياسة تقوم على مكافأة الأصدقاء ومعاقبة الخصوم وعدم التورع عن تجاوز المحظورات في سبيل الوصول إلى الهدف . وإذا كان نصيب الأصدقاء والعملاء قد شمل الحصول على التبرعات المالية السخية والدعاية المغرضة والتشكيك في النزاهة والملاحقة في مكان العمل والأذى الشخصي .

 

إن تزايد قوة اللوبي الصهيوني ونجاحه في خلق مراكز النفوذ داخل مؤسسات الدولة الرئيسية وأجهزة ووسائل الإعلام جعل إسرائيل الطفل الملل الذي لا يرفض له طلب والحليف الإستراتيجي الذي يستحل أن يرتكب الأخطاء . وكما قال بول فندلى عضو الكونغرس السابق " أصبحت كل الأعمال التي تقوم بها إسرائيل ينظر إليها متصرفات في مصلحة أمريكا " ، الأمر الذي جعل القيام بنقد إسرائيل عملاً ضد المصلحة الأمريكية .

 

ومهم الذكر أن هناك مجموعة من العوامل دفعت في اتجاه جعل ضمان أمن إسرائيل يمثل مصلحة أساسية للولايات المتحدة الأمريكية ، فهناك نوع من الارتباط العضوي بين إسرائيل والولايات المتحدة يتمثل في وجود قيم مشتركة وتواصل ثقافي بين المجتمعين الأمريكي والإسرائيلي . كذلك فإن الدور الذي تلعبه جماعات المصالح اليهودية في الولايات المتحدة

 

- منحت الولايات المتحدة تأييدها لإسرائيل لكونها أيضا امة ديمقراطية ومجتمع يفيض بقيم الحرية وثقافة الغرب الديمقراطية إسرائيل حظيت بتأييد خاص كونها كانت عمليا إحدى الديمقراطيات النادرة من بين الدول الجديدة التي تم تأسيسها منذ الحرب العالمية الثانية كون تجربتها استنهضت ذكريات تجربة الولايات المتحدة.

 

- إسرائيل كما هي الولايات المتحدة هي امة مهاجرين من أماكن مختلفة، أناس تركوا دول لا تسمح بدخول ضيوف إليها ووصلوا إلى شواطئ جديدة تشجعوا بها لبناء مجتمع عادل وحر" حسب تعبير المفكرين اليهود".

 

- وحتى روح الطلائعيين اليهود الذين بنوا إسرائيل يذكروا بالروح التي سادت أمريكا خلال فترة صباها وإنجازات الروح الطلائعية اليهودية في مجالات الاقتصاد والمجتمع والعلوم والجيش حظيت بتقدير كبير في الولايات المتحدة الذي يقدس مجتمعها الإنجاز والتقدم.

 

- التأييد الاقتصادي الأمريكي لإسرائيل تعاظم بسبب الاهتمام العميق والنشط الذي أبدوه يهود الولايات المتحدة لدولة إسرائيل ولجعلها مفتوحة الأبواب لهجرة اليهود إليها.

 

- وزاد اهتمامهم بسبب زيادة روح العداء العربي الذي يهدد وجود هذه الدولة وبهذا رأينا كيف تعاظمت روابط العاطفة العارمة

 

- أحداث 11 سبتمبر وقضية محاربة الارهاب استطاعت اسرائيل أن تجيرها على أن الدولتين يستهدفهما الارهاب وعلى الطرفين نواجهة هذا الخطر .

 

جدير بالذكر أن محاولة فهم أسباب الالتزام الأمريكي بضمان أمن إسرائيل بناءً على اعتبارات إستراتيجية عسكرية محضة محاولة قاصرة ، أن سبب هذا الالتزام يرجع كما سبق وذكرنا إلى عوامل أخرى تتمثل في الارتباط العضوي بين الدولتين والتواصل الثقافي بين المجتمعين إلى جانب العوامل المتعلقة بالبيئة السياسية الداخلية في الولايات المتحدة ، وهى أمور لا تتغير بسهولة .

 

وأما ضمان أمن إسرائيل ، فقد ظل يمثل مصلحة أساسية للولايات المتحدة بالنظر لأهمية إسرائيل الإستراتيجية لها بسبب موقعها الجغرافي الذي يجعلها قاعدة انطلاق مثالية للقيام بعمليات عسكرية في كافة الاتجاهات . كما أنه يمكن الوصول إليها بسهولة ، ولديها تسهيلات إسناد متقدمة تستطيع أن توفر للقوات الأمريكية ما تحتاج إليه من إمكانيات صيانة وتجهيز ، فضلاً عن قدرتها العسكرية وتفوقها في مجال البحث والتطوير والاستخبارات على نحو يجعل بالإمكان الاعتماد عليها كقوة ردع في المنطقة .

 

ويمكن فهم قوة هذه العلاقة من خلال مقولة الرئيس فورد وهى " سأبلغكم بإنجاز عن سجلي في الكونغرس في ما يتعلق بإسرائيل . لقد كان وثيقاً إلى حد جعل سمعتي سيئة مع العرب . لقد أحببت واحترمت دائماً الشعب لإسرائيلي . إنهم أذكياء ومكرسون للقضايا التي يؤمنون بها . إنهم مخلصون لدينهم ولبلدهم ولعائلتهم ولمستوياتهم الأخلاقية العالية . أنا أحبهم وأحترمهم . ولم يخب أملى من قبل أبداً إلى هذا الحد الذي أرى فيه شعباً أحترمه غير قادر على رؤية أننا نحاول عمل شئ لمصلحتهم ولمصلحتنا كذلك "

 

وقد تكون تناقضات بين المصالح الامريكية وممارستها المنحازة لاسرائيل المطلقة ، وأحيانا غير المبررة الأمر الذى جعل العرب يشعرون بالمرارة تجاه الولايات الأمريكية والتى ابتدأت بالكراهية الشعبية اتجاهها .

 

باختصار من غير المنظور أو غير القريب وفق البحث أعلاه تغيير السياسة الأمريكية نحو الحياد والقضايا الانسانية لا فى عهد أوبا ولا عهد من يخلفه ، ومن هنا فأمريكا أوجدت مبررات العداء مع العرب من خلال صناعة الكراهية التى أوجدتها الادارات بغض النظر عن أحزابها .