خبر حراك الشباب الكبير -يديعوت

الساعة 10:35 ص|15 مايو 2011

حراك الشباب الكبير -يديعوت

بقلم: غيل ميخائيلي

 (المضمون: الزائر الى جزيرة لمبدوزا الايطالية يمكنه اليوم أن يشهد حركة جيولوجية مشوقة: الهزة الارضية السياسية في العالم العربي آخذة في تقريب الضفة الجنوبية للبحر الابيض المتوسط من الضفة الشمالية - المصدر).

        في تونس بعد ابن علي لم تُجر بعد انتخابات، ولكن عشرات آلاف المواطنين يصوتون بأرجلهم منذ الآن. بالنسبة للكثيرين، الحرية الاولى هي حرية الهجرة الى اوروبا: منذ سقوط النظام القديم نزل أكثر من 20 ألف شاب تونسي في شواطيء جزيرة لمبدوزا الايطالية، بوابة العالم الرائع كما تعد الاعلانات، السينما والتلفزيون.

        بالنسبة للحكم الجديد في تونس تشكل هجرة الرجال الشباب صماما لتنفيس الضغوط. وقد بات اليوم واضحا للجميع بأن انصراف ابن علي لا يخلق على نحو تلقائي اماكن عمل، لا يبني الشقق ولا يزيل حواجز متجذرة. في هذه الاثناء، كل مهاجر هو عاطل واحد أقل عن العمل، خائب أمل واحد أقل وأهم من كل ذلك – متظاهر محتمل واحد أقل. فضلا عن ذلك، فان اولئك الذين ينجحون من بينهم سيبعثون الى الديار ببضع عشرات اليوروهات في الشهر، مصدر هام للعملة الصعبة لدول العالم الثالث مثل تونس.

        ولكن فضلا عن الحسابات قصيرة المدى، جعلت تونس هرب شبيبتها رافعة استراتيجية. في الشاطيء الشمالي من البحر الابيض المتوسط فان الهجرة من شمال افريقيا هي عبوة ناسفة جانبية سياسية. فالى جانب البطالة، فان هذه هي المسألة التي تشغل بال الناخبين من اليسار ومن اليمين أكثر من أي مسألة اخرى. وعليه فان لبرلسكوني وساركوزي ذات وجع الرأس. الفارق بينهما هو أن لمبدوزا تعود الى ايطاليا... روما توجد في الصف الاول وتضطر الى التصدر في معالجة المشكلة.

        عندما وصل برلسكوني الى تونس، انتظرته هناك أنباء طيبة وأنباء سيئة. الطيبة هي انه يوجد حل. السيئة هي انه يجب دفع ثمن كبير. مقابل موافقتها على استرداد شبابها ومنع آخرين من محاكاتهم، رفعت تونس حسابا مضخما. في المرحلة الاولى جرى الحديث عن اقامة منظومة بحرية لمنع الهجرة غير القانونية وشُرح بأنه مطلوب استثمار كبير. وانهارت الذريعة حين تبين بأن لا حاجة الى سفن حراسة أو الى محطات رادار، يكفي ارسال الشرطة الى موانيء الصيد التي تنطلق منها السفن.

        في ضوء هذه الحقيقة البسيطة تبين أساس الأمر: على اوروبا أن تدفع الثمن لقاء تمويل استيعاب عودة التونسيين الى وطنهم والاستثمار في خلق عمل ومستقبل لهم كي لا يرغبوا بعد ذلك بالعودة الى الهجرة. وقد تضخم الحساب – مئات ملايين اليوروهات – فبحثت روما عن شركاء. فرنسا، المقصد النهائي للمهاجرين التونسيين والمرشحة المثالية لتقاسم العبء، تملصت. فثارت أعصاب الايطاليين. لا تريدون ان تدفعوا الثمن؟ خذوهم! قالوا في روما، ووزعوا التأشيرات المؤقتة للمهاجرين، الذين دون ان يضيعوا لحظة صعدوا الى اول قطار الى فرنسا.

        المناورة الهجومية التي شنها برلسكوني واجهت سدا قويا من ساركوزي. وامتشق الرئيس الفرنسي ورقة الجوكر: تجميد اتفاقات الشنغن، التي تضمن حركة حرة للاشخاص في داخل الرحاب الاوروبي، وهي خطوة بعيدة الأثر تهدد – على نحو رمزي في هذه المرحلة – أحد الأعمدة الأساس للاتحاد. في هذه المرحلة سارع الطرفان للوصول الى حل وسط: حقق التعادل بالتأكيد الرضى لدى برلسكوني وساركوزي. ولكن سرعان ما تبين أن التسرب التونسي قد يكون سُد، إلا ان الهجرة من ليبيا آخذة في التعاظم...

        الزائر الى لمبدوزا يمكنه اليوم أن يشهد حركة جيولوجية مشوقة: الهزة الارضية السياسية في العالم العربي آخذة في تقريب الضفة الجنوبية للبحر الابيض المتوسط من الضفة الشمالية.