خبر النكبة ونحن _ معاريف

الساعة 04:16 م|06 مايو 2011

النكبة ونحن _ معاريف

بقلم: ريفكا يدلين

ومرة اخرى يعود علينا موضوع النكبة في العناوين الرئيسة ومعه الجلد الذاتي على "الطابع العنصري" للدولة اليهودية، وليس صدفة. عيد الاستقلال ويوم النكبة يقتربان، وفي الكنيست اقر قانون يخول وزير المالية باقتطاع ميزانيات من المؤسسات التي تتلقى تمويلا حكوميا اذا ما اطلقت فيها دعوة لرفض وجود دولة اسرائيل. هذه العلامات الفارقة على الطريق تجعل الموضوع واقعيا من حيث التوقيت، ولكنه قائم على نحو دائم من فوق ومن تحت السطح بسبب ثقل وزنه.

النكبة معناها الكارثة او "المصيبة التي تتجاوز حجومها ما يمكن لبني البشر ان يحدثوه"، على حد كاتب فلسطيني في صحيفة "هآرتس" (24/3/2011). هي ويوم الاستقلال الاسرائيلي يلعبان دورا مركزيا في الروايتين التأسيستين للشعبين – اليهود والفلسطينيين. الاساس من حيث الوقائع في تثبيت هذه المفاهيم هو أن الصراع الجاري بين الشعبين انتهى مؤقتا بانتصار اليهود، وبتحويل الفلسطينيين المتبقين في ذات الارض الاقليمية الى أقلية.

        لماذا فقط "مؤقتا"؟ لان النزاع لم يصل الى حله الكامل، بالاتفاق وبالاعتراف من جانب الفلسطينيين، بل يعتبر من جانبهم حقيقة قائمة ربما فقط "حاليا". هذا الاحساس يروى في الرواية التي يصممها كل طرف من زاوية نظره، ولكن يوجد فيه أكثر من قصة الواقع. هذه ايضا عملية تبلور للهوية، استيعاب للانتماء للمكان، احداث تأسيسية من الماضي ورؤيا عن المستقبل. من هنا قوة تأثيرها على الجماعة الوطنية الفلسطينية أو الصهيونية. من أصل الاثار الملموسة لهاتين الروايتين تنبع أيضا حدة المواجهة بينهما، وليس من التضارب بين عيد الاستقلال ويوم النكبة ما يؤكدها.

في الرواية اليهودية معنى "الاستقلال" هو الاعتراف بشرعية حق الشعب اليهودي في السيادة في دولته وفي الانتصار في حرب 48 على المحاولة العربية العنيفة لتصفيتها رغم قرار التقسيم. فالرواية الفلسطينية بالمقابل، فان أسى النكبة هو على فشل هذه المحاولة ونتائجها. الفلسطينيون مواطنو دولة اسرائيل يشعرون بالحزن وبالاشمئزاز وبالحداد على ضحاياهم الذين توفوا، هربوا أو طردوا. ولكن رفع الاعلام السوداء، الاضراب التجاري والجهود الموجهة لتجنيد عصيان مدني في هذا اليوم ليست فقط تعبيرا عن الحزن الشخصي. تعابير من هذا النوع تشير الى موقف جماعي، احساس بالرفض للوضع القائم والثورة ضده.

في اساس الامر، روايتا الشعبين واثارهما متعاكسة ومتضاربة. وعليه، ففي النقاش عن الاحساس السلبي للجماعات اليهودية ضد الحزن الفلسطيني بالضبط في يوم تأسيس الدولة اليهودية لا مجال للادعاء بموقف عنصري – موقف تمييزي واستخفافي تجاه عرف آخر – ولا يوجد هنا "نزع شرعية عن الاخر" او انغلاق في "دائرة الكراهية" مثلما يدعي بعض من محبي التنور. يوجد هنا بالفعل توتر كائن في الموقف من الاخر، ولكن ليس بسبب طبيعته، بين "عرقه" او بين كونه عدوا ماضيا بل بسبب مواقفه. صحيح ان تنزع من الخطاب العام السهولة غير المسنودة في استخدام تعبير العنصرية الذي يستهلك حتى افراغه من محتواه.

ينبغي جدا دراسة رواية الاخر، ولكن انطلاقا من الوعي التام في ان قصته وهويته ذاتي طابع خاص – تجسيد الرؤيا المتعارضة لاصحاب الرواية. بالتوازي، لا ينبغي رفض معرفة رواية الأنا اليهودية، بكل ابعادها، وكذا بما في ذلك ذكرى الكارثة في اوروبا حتى وان كانت هناك الحجة المثيرة للقشعريرة في ان كل ما يوجد في هذه الذكرى هو "تعظيم الاحساس لدى التلاميذ بالضحية والخوف" واعدادهم "لخدمة طيعة في جيش دولة خائفة وعدوانية غير معنية بالسلام مع جيرانها". لن يكون في ذلك مثابة عرض عابث للقضية اليهودية – الصهيونية كما يخشى البعض، بل فهم افضل للواقع.