خبر نقطة درك أسفل -يديعوت

الساعة 08:13 ص|05 مايو 2011

¬نقطة درك أسفل -يديعوت

بقلم: اليكس فيشمان

حب كبير لم يكن هناك، ومشكوك ان تكون هناك مصالحة او بداية وحدة. ما كان هناك بيقين هو الكراهية لاسرائيل والتزلف لمصر. هذا هو اليوم الذي "النبرة" في القاهرة وخالد مشعل، وكذا ابو مازن، حرصوا على ارضاء جمهور المستمعين في القاهرة وفي العالم العربي. كل واحد باسلوبه.

مشعل اختار كلمات فظة، مع كراهية لاذعة في العينين، وابو مازن صياغات ملتوية ودعابة سوداء "لخريج حواجز الجيش الاسرائيلي". كان مهما له أن يبث بانه ليس عميلا، وأنه يوجد في ذات القارب مع حماس حيال اسرائيل. وقد بدا هذا كخطاب لرجل يئس من المسيرة السياسية حيال اسرائيل. واذا ما قيد له أن ينهي حياته السياسية دون اتفاق سلام، فليدخل على الاقل الى الفكرة الفلسطينية كمن حقق الوحدة. قمة القاهرة هي بالتأكيد نقطة الدرك الاسفل في علاقات اسرائيل مع السلطة الفلسطينية.

من حيث الجوهر، لم تعرض في القاهرة خطة سياسية واحدة. بل ان الاثنين لم يطرحا حتى موضوعا واحدا اتفقا عليه، وبذلا جهدا كي لا يدوس أي منهما على طرف الاخر، واهتما اساسا بالتشريفات – من يجلس وأين، من يتحدث وكم – ونثرا شعارات الوحدة.

الفلسطينيون قرروا الشروع في الوحدة من النهاية. بداية الاعلان بانهم يسيرون نحو المصالحة، وفقط بعد ذلك يبدأون بملء هذا الاعلان بالمضمون. في حينه وصف شمعون بيرس اتفاق اوسلو بانه "قصة ستستغرق زمنا طويلا آخر، ولكنها بدأت بنهاية سعيدة". في حالة المصالحة الفلسطينية لم تكن حتى النهاية السعيدة. جائزة نوبل لن تخرج من هذا الاتفاق.

يتهمون الرسول

ما حصل خلف الكواليس في القاهرة أمس أكثر تشويقا مما صوره التلفزيون المصري الرسمي. يتبين ان المحاولة في اسرائيل لعرض حماس كمن ترقض نحو اتفاق المصالحة بسبب ضائقة سياسية – ليست دقيقة حقا. بعيدا عن عيون الكاميرات اعرب قادة حماس عن الفرح والسعادة ولم يبدو أنهم يقتادون الى هذا التوقيع وكأنه تملكهم الشيطان. وذلك، في الوقت الذي بث قادة فتح في رام الله في الاونة الاخيرة تشوشا وانعدام ثقة باتفاق المصالحة. فضلا عن ذلك عرضوا حتى كأخرق ممثلهم للاتصالات مع حماس في القاهرة، عزام الاحمد واتهموه بانه فاجأهم عندما وقع على الاتفاق بالاحرف الاولى (بالمناسبة، ذات التهمة وجهوها له عندما وقع في 2007 على اتفاق المصالحة بين حماس وفتح في اليمن، الاتفاق الذي منه ايضا لم يخرج شيء).

وافق قادة حماس على المصالحة ليس فقط بسبب المكانة السياسية التي يطويها لهم في داخله. يتبين أن المصريين توصلوا مع حماس الى تفاهمات سرية شفوية وخطية على أن يوقعوا فقط. مثلا: أول أمس وصل الى القاهرة أمير قطر – صديق الايرانيين والسوريين – واستقبل هناك باحترام الملوك من جانب الجنرال طنطاوي والتزم باستثمارات هائلة في قطاع غزة. وزير الخارجية المصري نبيل العربي تعهد بفتح حر لمعبر رفح. مشكوك أن يخرج هذا الى حيز التنفيذ. ولكن حماس تلقت عروضا لم يكن ممكنا رفضها، ويوجد على ما يبدو عدة اتفاقات سرية اخرى لم تعرض. تماما مثلما لم تعرض الوثيقة الموقعة بين حماس وفتح على الملأ، كما هو دارج.

سياسة الغموض

كان لفتح وحماس نحو اسبوع للوصول الى تفاهمات على مواضيع جوهرية حتى التوقيع على الاتفاق امس. هذا لم يحصل، وقد برز الامر جيدا في الخطابات في القاهرة. انطلقت هناك رسائل غامضة عن الوحدة، ولكن لم تكن هناك وحدة أراء. ابو مازن تحدث عن سلاح واحد، سلطة واحدة ومصدر صلاحيات واحد. مشعل هو الاخر تحدث عن سلاح واحد. مشكوك أن يكونا يقصدان ذات الشيء. أي منهما لم يتحدث عن عملية الانتخابات. ابو مازن تحدث عن احترام الاتفاقات، ومشعل تحدث عن اختيار استراتيجية جديدة، اختيار ادوات جديدة لمعالجة المواجهة مع اسرائيل. كان هنا تلميح واضح – للفلسطينيين، للمصريين والاردنيين – عن الحاجة الى الغاء الاتفاقات القائمة مع اسرائيل.

في المصالحة توجد محاولة لتبييض الوحدة مع حماس من خلال تشكيل حكومة وحدة من التكنوقراطيين ليس لهم أي صلة بالسياسة. الامريكيون، في هذه الاثناء، لم يشتروا هذا. اذا كانت هناك نية من وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي للوصول الى احتفال التوقيع - فقد اعترضها الامريكيون.

في اختبار النتيجة، في هذه اللحظة، لم يحصل شيء على الارض. قوات الامن الفلسطينية لم تتلقى أي تعليمات جديدة فيما يتعلق بمعالجة حماس. وقبل بضعة ايام فقط كشفت قوات الامن في السلطة مخزنا هائلا لحماس في منطقة نابلس وفيه مواد متفجرة معدة محليا. اول أمس اعتقل مسؤول كبير لحماس في الضفة.

في غزة ايضا لا جديد. صحيح أنه في الاسابيع الثلاثة الاخيرة لم تطلق حتى ولا رصاصة واحدة على الحدود. ولكن حتى الايام الاخيرة كانت منشورات عن نية حماس لاختطاف جندي، وكذا تهريب الوسائل القتالية مستمر دون عراقيل.

بعيون اسرائيلية هذا الاتفاق سيختبر، كل يوم. سيتابعون هنا مثلا التعليمات التي ستتلقاها أجهزة الامن في الضفة من السلطة بشأن معالجة محافل الارهاب ورجال حماس. كما سيختبر أيضا استمرار التعاون مع اسرائيل في مجالات امنية وما شابه.

الضرر الحقيقي لاسرائيل والذي يبدو ماثلا للعيان هو الضرر الذي لحق الصورة السياسية. صورة شعب فلسطيني موحد ستخلق ريح اسناد في الشارع الفلسطيني والشارع العربي – مما من شأنه أن يؤثر على قوة الاحداث في الضفة مع حلول يوم النكبة في 15 ايار، واكثر من ذلك مع حلول شهر ايلول.

وفي هذه الاثناء، فان الاتفاق يعطي ريح اسناد لخطة "شباب الثورة" من ميدان التحرير لتنظيم مظاهرة مليون شخص امام السفارة الاسرائيلية. الصراع الاسرائيلي حيال اتفاق القاهرة سيجري، في هذه اللحظة، في الساحة الدبلوماسية – الدولية. والى هذه الساحة لا نصل نحن، كما هو معروف مع ذخيرة كافية.