خبر القدس العربي:معارك المصالحة الفلسطينية

الساعة 05:45 ص|05 مايو 2011

القدس العربي:معارك المصالحة الفلسطينية

 فلسطين اليوم-وكالات

جميل كان منظر احتفال الفلسطينيين بتوقيع اتفاق المصالحة في القاهرة، والاجمل منه الفرحة العارمة المفعمة باقصى درجات التفاؤل التي سادت المناطق العربية المحتلة في الضفة الغربية والقطاع، ولكن هذه المظاهر الاحتفالية تخفي قلقا يساور الكثيرين حول ديمومة هذا الاتفاق، وفرص نجاحه بالتالي، بسبب العقبات الكبيرة التي يمكن ان تواجه الموقعين عليه عند الانتقال الى مرحلة التطبيق العملي.

كان لافتاً ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس لم يوقع الاتفاق مثلما كان متوقعاً، والشيء نفسه فعله السيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية 'حماس'، والسبب هو الخلاف الكبير الذي نشأ في اللحظات الحرجة التي سبقت التوقيع نتيجة عدم الاتفاق على امور شكلية، مثل كيفية توزيع المقاعد، واماكن الجلوس، ومن يتصدر المنصة، ومن يكون على يمين الرئيس ومن على يساره، ومن في الصف الاول، وهي امور رغم انها شكلية الا انها سلطت الاضواء على مسيرة الالف ميل التي بدأت بخطوة التوقيع قبل يومين من قبل السيد عزام الاحمد رئيس كتلة فتح البرلمانية والدكتور موسى ابو مرزوق نائب السيد مشعل.

الرئيس عباس قال ان توقيع هذا الاتفاق يطوي صفحة سوداء في التاريخ الفلسطيني، صفحة الانقسام، بينما اكد السيد مشعل على ان حركته مستعدة لدفع كل ثمن من اجل اتمام المصالحة وتحويل النصوص الى واقع على الارض مشددا على 'ان معركتنا الوحيدة هي مع المحتل الاسرائيلي'.

هذه الكلمات تعكس روحية جديدة، واجواء من الحرص على عدم اضاعة هذه الفرصة التاريخية للمصالحة، للبدء في تنفيذ بنود الاتفاق، وعلى رأسها ايجاد مرجعية فلسطينية توحد الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، من خلال اصلاح منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيل مؤسساتها، وتشكيل حكومة وحدة وطنية من الكفاءات.

المعركة الفلسطينية الاولى ستبدأ مع الحكومة الاسرائيلية التي ترفض هذا الاتفاق وتعتبره خطاً احمر، لانها تشترط اعتراف حركة 'حماس' بها اولاً، وتخليها عن الكفاح المسلح، والقبول بكل الاتفاقات الموقعة بينها، اي اسرائيل والسلطة الفلسطينية.

اما المعركة الثانية فستكون في تسويق الاتفاق الى الدول الاوروبية والولايات المتحدة الامريكية التي تقدم النصيب الاكبر من المساعدات المالية التي تمكن سلطة الرئيس عباس في رام الله من تمويل مؤسساتها ودفع رواتب شهرية لاكثر من 160 ألف موظف مدرجين على قوائمها.

نشوء مشاكل في التطبيق العملي للاتفاق امر غير مستبعد، فنحن امام كيانين مستقلين، واحد في قطاع غزة والثاني في الضفة الغربية، لكل كيان منهما حكومته واجهزته الامنية وايديولوجيته وتحالفاته بل وسجونه ايضاً، وعملية اعادة دمج هذين الكيانين في كيان واحد، مثلما كان عليه الحال قبل الانشقاق الاخير قبل اربع سنوات تحتاج الى جهد الجبابرة، علاوة على الكثير من التنازلات.

ولم يكن مصادفة ان يرفض الرئيس عباس ان يجلس الى المنصة نفسها مع السيد مشعل، لانه لا يعتبر نفسه على الدرجة نفسها من الاهمية معه، فهو رئيس منظمة التحرير ورئيس الشعب الفلسطيني، والسيد مشعل مجرد رئيس فصيل يمكن ان ينضم الى منظمة التحرير لاحقا، وهذا ما يفسر عدم توقيع الرجلين على الاتفاق وتركه لمساعديهما.

الرئيس عباس يريد انتخابات تشريعية ورئاسية تؤدي الى اعفائه من هموم الرئاسة واحباطاتها، وهو جاد في هذه الرغبة، بعد ان تعثرت كل آماله وطموحاته في الوصول الى اتفاق سلام مع الاسرائيليين يؤدي الى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، اما السيد مشعل فيرى ان تنظيمه الذي حصل على اغلبية مقاعد المجلس التشريعي في الانتخابات البرلمانية الاخيرة، يستحق ان يقف على قدم المساواة، ان لم يكن مع الرئيس الفلسطيني فعلى الاقل مع تنظيم حركة 'فتح' الذي يتزعمه. وبين رغبة الرئيس في التقاعد وطموحات مشعل في الزعامة تكمن المشكلة الاهم التي تقف امام انجاح اتفاق المصالحة وتطبيقاته العملية، وامام الطرفين عام كامل لتسويتها ريثما تحسم الانتخابات الامر في نهاية المطاف، هذا اذا سارت الامور في الاتجاه المأمول.