خبر وماذا عن جلعاد -يديعوت

الساعة 09:15 ص|03 مايو 2011

وماذا عن جلعاد -يديعوت

بقلم: ناحوم برنياع

عندما بشر المذياع صباح أمس بالبشرى السارة للعثور على اسامة بن لادن وتصفيته، فان أول شخص فكرت فيه كان جلعاد شليت. كيف حصل انهم عثروا على بن لادن، اما جندينا فلم يعثروا عليه. فكرت بقطاع غزة، 360 كيلو متر بالاجمال، 41 طولا، 8 عرضا، مقابل الاف الكيلومترات في الباكستان وافغانستان، ولا يزال الشاب غير موجود. شيء غريب، لا يغتفر. غريب على النزعة الاسرائيلية، يكمن في قصر اليد الذي أبداه جهاز الامن في هذه القضية. ينبغي الامل في أن يوما ما سيوجد له تفسير.

        قبل بضع سنوات وصل الى واشنطن احد كبار رجالات المخابرات الاسرائيلية لاجراء محادثات مع نظرائه الامريكيين. ضمن امور اخرى تحدثوا عن حماس، الاسرائيلي أراد جدا أن يثير الاعجاب: "نحن نعرف في الزمن الحقيقي ما يحصل في كل بيت في غزة، ما يحصل في كل زاوية"، قال. فرد الامريكيون بكياسة: لم يذكروا شليت، والاسرائيليون لم يذكروا بن لادن.

        إذ أنه عندما ستنطفىء موجة الفرح في غراوند زيرو وفي تايمز سكوير، حين سيعود المحتفلون امام البيت الابيض بحناجر ملتهبة الى بيوتهم، سيتعين على الامريكيين ان يسألوا انفسهم لماذا تطلبهم الامر قرابة عقد عشر سنوات كي يصلوا الى بن لادن. حسب ما نشر أمس، ففي السنتين – الثلاث سنوات الاخيرة لم يختبىء في المغارات في مكان ما في جبال طورا بورا، ولا في مناطق سيطرة طالبان، بعيدا عن متناول يد الامريكيين وحفائهم. كان يسكن تحت أنفهم، في نطاق بارز في شذوذه في ضواحي اسلام اباد، عاصمة الباكستان، المدينة التي يوجد فيها حضور امريكي كبير. كيف لم يروا، كيف لم يعرفوا.

        سيتعين عليهم ان يستوضحوا، بل وربما ان يشرحوا للكونغرس، ماذا كان دور أجهزة الاستخبارات الباكستانية، حليفتهم المزعومة في الحرب ضد القاعدة، في الحياة المحمية لبن لادن. فهل قدموا له رعاية، وماذا اعطاهم بالمقابل. ماذا كان دور حكومة الباكستان. وهل، مثلما ادعت أمس مواقع انترنت مقربة من القاعدة، ليس الامريكيون هم من القوا القبض على بن لادن بل الباكستانيون هم الذين سلموه.

        سيتعين عليهم ان يسألوا أنفسهم الى اين يسيرون من هنا. الحرب في افغانستان ولدت في عمليات 11 ايلول. وهي تكلف امريكا ملياري دولار في الاسبوع، مائة مليار دولار في السنة. اكثر من مائة الف جندي امريكي  يشاركون في الحرب. الخطة هي اخلاؤهم في 2014. على فرض – من الافضل القول، على امل – الا تولد تصفية بن لادن عمليات جماعية بذات الحجم، ستصعد توقعات في امريكا لتقصير الجدول الزمني.

        ناهيك عن أن التصفية أعفت، مؤقتا على الاقل، الرئيس اوباما من صورة الجبان الارنب، محب المسلمين، تلك الصورة التي الصقها به الجمهوريون. ومن الان فصاعدا سيجدون صعوبة في ان يوجهوا له الاسم "براك حسين اوباما" مع التشديد على الاسم الوسط. فقد أثبت بانه كفؤ لان يكون رئيس الاركان، القائد الاعلى.

        نتنياهو سارع الى تهنئة اوباما بالعملية الناجحة. خير فعل. ماذا فكر في قلبه لا أعرف. افترض أنه كان منقسما: من جهة، مثل معظم الاسرائيليين، احتفل بانتصار الخير على الشر، ابناء النور على أبناء الظلام. من جهة اخرى، فهم بان تعزيز قوة اوباما السياسية لن يسهل عليه تصديه للادارة.

        القرن الواحد والعشرين بدأ مع بن لادن، الرجل والرمز. عمليات ايلول 2001 وسلسلة من العمليات الاخرى في اوروبا، في افريقيا وفي الشرق الاوسط أثرت عميقا على مصير العالم. امريكا دخلت حربين اضعفتا اقتصادها وقوتها السياسية. قواعد اللعب في العالم العربي والاسلامي تغيرت، ولا تزال تتغير. بن لادن كان المحفز الذي سرع هذه السياقات.

        بن لادن صفي، ولكن الارهاب الاسلامي لم يصفَ معه. وهو سيواصل الظهور طالما كان لمحافل سنية وشيعية مصلحة في تمويله وتطويره. ومثلما قال أمس الرئيس السابق بوش ووزيرة الخارجية كلينتون، فانه ظهر الحق. ولكن المهمة لم تكتمل.

        عندما عدت من تغطية العملية في نيويورك في ايلول 2001، علقت على حائط غرفة عملي في اسرة تحرير "يديعوت احرونوت" في القدس الصفحة الاولى من عدد صحيفة "نيويورك بوست" الذي صدر بعد العملية. على صورة بن لادن كتبت باحرف كبيرة: "مطلوب، حيا أم ميتا". مثلما في الاعلانات التي درجوا على تعليقها في الغرب المتوحش. وتحتها كتب "اسامة بن لادن – بسبب المذبحة الجماعية في نيويورك". قررت الا اُنزل الاطار عن الحائط حتى يصفى بن لادن. لم أتصور انه ستمر قرابة عشر سنوات.