خبر كيف يستغل «المولع بالدراما» مصالحة فتح وحماس؟

الساعة 06:08 ص|03 مايو 2011

كيف يستغل «المولع بالدراما» مصالحة فتح وحماس؟

فلسطين اليوم- وكالات

أطلق الصهاينة على رئيس حكومتهم بنيامين نتانياهو لقب «المولع بالدراما»، في أعقاب إثارته أجواء من التوتر والفزع، رداً على المصالحة الفلسطينية بين حماس وفتح.

وعلى رغم الانتقادات التي تعرض لها من جهات صهيونية والدعوة إلى التروي والتهدئة تجاه هذه المصالحة، إلا أن نتانياهو واصل حملته الهجومية إلى حد اتخاذ قرار بتجميد أموال الضرائب التي تجبيها "إسرائيل" من الجمارك والتي يدفعها التجار الفلسطينيون في الموانئ والمطارات الصهيونية وتحولها "إسرائيل" إلى السلطة الفلسطينية، وفق اتفاقات أوسلو وملحقاتها.

ويدير نتانياهو حملته هذه تحت شعار «خطر الإرهاب على "إسرائيل"»، فيحاول تجنيد دول الغرب إلى جانب الموقف "الإسرائيلي"، وهدفه إصابة أكثر من عصفور بحجر واحد: فهو أولاً يريد الإفلات من الضغوط عليه لتحريك المفاوضات، والحجة التي يتذرع بها اليوم أن وجود حماس، "كتنظيم يدعم المقاومة" في حكومة السلطة الفلسطينية أمر يتنافى ومبادئ عملية التسوية و"إسرائيل" ترفضه بشدة، وترفض التفاوض حتى مع رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، لأنه يقود تحالفاً مع حماس ولم يعد بالنسبة إلى إسرائيل شريكاً في التسوية.

وهو يريد ثانياً تهدئة حلفائه من معسكر اليمين المتطرف، الذين يصفقون له اليوم تأييداً وتقديراً لصلابة موقفه من حماس وحلفائها الجدد من فتح. فهو يستخدم الخطاب اليميني المتطرف ويشارك في حملة التخويف من الصواريخ القادمة من غزة التي تهدد باحتمال انتقالها إلى الضفة الغربية، ما يعني اقتراب خطر حماس وصواريخها وعملياتها العدائية من مركز "إسرائيل".

وهو يريد ثالثاً تقويض المواقف الأوروبية التي تدعو للاعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس على أساس حدود 1967 مع تعديلات طفيفة. وما يطرحه أمام الأوروبيين هو: «هل تريدون منّي أن أقيم دولة تديرها حكومة بمشاركة حماس؟».

وقد يكون هناك رابعاً وخامساً والكثير من الأهداف الأخرى، التي يحققها في مجال استئناف الاستيطان اليهودي وربما توجيه ضربات عسكرية تحت ستار «مكافحة الإرهاب» ورفض فكرة إقامة حكومة وحدة بمشاركة حزب «كديما» المعارض.

وانضمت وزارة الخارجية "الإسرائيلية" إلى مجهود نتانياهو فطرحت تقريراً سرياً يحذّر من أن «اتفاق المصالحة الفلسطيني سيؤدي إلى انهيار السياسة الأميركية وسيشكل ضربة لمصالح كل من تل أبيب وواشنطن في المنطقة».

وجاء في التقرير الصادر عن «مركز البحوث السياسية» التابع للحكومة "الإسرائيلية" أن اتفاق المصالحة سيعزز فرص الفلسطينيين في حشد أكبر دعم دولي للاعتراف بالدولة الفلسطينية.

وسيؤدي إلى إفشال مخططات الإدارة الأميركية لإحياء المفاوضات بين "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية لقطع الطريق على التحرك الفلسطيني للتوجه إلى الأمم المتحدة للحصول على اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية.

وحذر التقرير الذي قدم لكل من رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان من أن اتفاق المصالحة قد يدفع دولاً أوروبية «محورية» لإجراء اتصالات رسمية مع حركة حماس، بعد اعترافها باتفاق المصالحة وبحكومة التكنوقراط التي ستتشكل في أعقاب التوقيع عليه، مشدداً على أن هذا التحول سيؤذن بإضفاء شرعية دولية على حركة حماس وسيؤدي إلى قيام الاتحاد الأوروبي بإزالة اسم حركة حماس من قائمة الحركات التي تدعم المقاومة، مما يقلص من قدرة "إسرائيل" على التحرك ضد الحركة وضربها.

من ناحية ثانية، لفت التلفزيون "الإسرائيلي" الأنظار إلى أن الثورات العربية ساهمت إلى حد كبير في تغيير مواقف الأوروبيين من الحركات الإسلامية، وتحديداً جماعة «الإخوان المسلمون»، مشيراً إلى أن حركة حماس ستستفيد من هذه التحولات على اعتبار أنها ذراع من أذرع الجماعة.

لكن خطة نتانياهو هذه تصطدم برفض حتى في إسرائيل. فقد انقسم "الإسرائيليون" في مواقفهم من المصالحة الفلسطينية. فهناك من دعم الحكومة ورئيسها وشارك في حملة التحريض على السلطة الفلسطينية ورئيسها أبو مازن والتخويف من أخطارها على "إسرائيل".

وهناك من رأى أن موقف نتانياهو متسرع في رفض المصالحة وقد يأتي بالنتيجة العكسية على "إسرائيل". وأصحاب هذا الموقف يحذرون من انعكاس هذه المصالحة مستقبلاً، في حال فشلت أو نجحت، على "إسرائيل" إذا واصلت حملة رفضها الحالية.

وهناك من يرى ضرورة في التريث وانتظار التطورات الفلسطينية، مثل قيادة الجيش والمخابرات التي تقول أن المصالحة ليست مضمونة وقد تنتهي إلى فشل ذريع، كما حصل مع سابقاتها في السنوات الأخيرة.

الرئيس السابق لحركة «ميرتس»، يوسي بيلين، تساءل في حال فشلت هذه المصالحة، فهل سيكون ذلك في مصلحة "إسرائيل" وهل سيكون المجال مفتوحاً أمام نتانياهو ليتساءل عما إذا كان قد منح فرصة لهذه المصالحة ام لا؟ .

يرى بيلين أن مواجهة هذه المصالحة والسعي إلى إفشالها خطوات في غير مكانها. ويقول أن الواجب الأخلاقي يحتم على الحكومة "الإسرائيلية" أن تعطي فرصة لحكومة الوحدة الفلسطينية بمشاركة حماس.

فإذا كانت تلك حكومة تدعم المقاومة وعدوان، يرفضها ويرد عليها كما يشاء. ولكن، إذا كانت تلك حكومة تفاهمات وتعاون تواصل المفاوضات، فقد تتحول إلى فرصة. وأضاف: «نحن نقول للرئيس أبو مازن انه بسبب الانقسام ما بين غزة والضفة، لا يمثل الشعب الفلسطيني. فبأي حق أخلاقي نقول له اليوم إننا نرفض المصالحة؟».

ويقترح بيلين على الحكومة "الإسرائيلية" أن تتخذ الموقف المحايد وعدم التدخل، ويقول: «صحيح انه يتوجب علينا عدم احتضان الاتفاق، وفي الوقت نفسه يتوجب على "إسرائيل"، برأي بيلين، عدم إعلان رفضها لعدم معرفة تفاصيل هذا الاتفاق.

ويحسم بيلين رأيه بالتأكيد أن هناك احتمال تراجع قوة حماس، وفق استطلاعات الرأي الأخيرة، في مقابل ارتفاع شعبية أبو مازن، وبالتالي يصبح عنواناً فلسطينياً واحداً إزاء إسرائيل، وهذا، يجعل اتفاق القاهرة فرصة للفلسطينيين ولنا أيضاً»، يقول يوسي بيلين.

ويقول وزير الخارجية السابق شلومو بن عامي أن الأفضل لإسرائيل أن تعترف حماس بمحمود عباس رئيساً للسلطة وأن تُمكّنه من إجراء تفاوض سياسي مع إسرائيل. فإذا لم يكن لحماس موطئ قدم في أجهزة الأمن في الضفة الغربية واستمرت في حكم قطاع غزة وحده، وإذا توقفت حماس عن ممارسة العنف ضد إسرائيل، فهذا تطور ايجابي، لأن إسرائيل في النتيجة لا يحق لها أن تقول لمحمود عباس انه لا يمثل الفلسطينيين جميعاً - فقطاع غزة لم يعد تحت سيطرته - وأن تمنعه أيضا من إقامة شراكة مع الغزيين ليستطيع تمثيل الشعب الفلسطيني كله.

ويضيف بن عامي أن كل من ينشد السلام في "إسرائيل" يؤيد اتفاق المصالحة. وكل من يفتش عن حجة يتذرع بها لرفض مفاوضات السلام، فسيجدها في المصالحة.

ويرى داني ياتوم، الرئيس السابق لجهاز الموساد، أن نتانياهو يدير سياسة مدمرة "لإسرائيل". فهو «يلعب لعبة مكشوفة للجميع لكنه يواصل اللعب فيها من دون أن يشعر أن الجميع يعرفها ومن دون أن يدرك أن الناس أذكى منه». ويقول: «العقبة الأساسية هي أن نتانياهو يعرقل المفاوضات. والجمود في المفاوضات، هو الذي أدى بالرئيس الفلسطيني إلى أن يتوجه إلى حماس ويسعى للتصالح معها. وهذا يعني أن نتانياهو هو السبب في المصالحة».

وأما الأوروبيون، وبعد أن كانوا قد فوجئوا بالمصالحة، فيرون أن الرد المتوتر عليها لا يفيد شيئاً، وأن هذه مناسبة تفتح فيها الطريق للاعتدال في حركة حماس ويجب تشجيعها على  ذلك.

من هنا فإنهم رفضوا الانسجام مع الموقف الإسرائيلي الهجومي على إعادة حماس إلى قمة الهرم السياسي. بل إن مصادر سياسية إسرائيلية كشفت أن نتانياهو تلقى إشارة من بعض دول أوروبا بأن إقامة حكومة وحدة بين حماس وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية لا توقف بالضرورة القرار الأوروبي بالاعتراف بالدولة الفلسطينية العتيدة. وزيارته هذا الأسبوع إلى العاصمتين البريطانية والفرنسية ستتركز على طرح هذا الموضوع ليحاول إقناع قادة البلدين بالتخلي عن فكرة الاعتراف تماماً.

لكن نتانياهو، حتى في نظر المراقبين الإسرائيليين، يتوجه إلى أوروبا كضرب من ضروب المساعي الأخيرة قبل اليأس منها. فهو غاضب من المواقف الأوروبية. وهو مصمم على إجهاض مبادرة الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الدورة المقبلة للجمعية العمومية للأمم المتحدة، ومصمم أيضاً على استغلال المصالحة مع حماس لخدمة خطته هذه.