خبر تركيا والعرب والبيوت الزجاجية .. محمد نور الدين

الساعة 01:47 م|21 ابريل 2011

للمرة الأولى منذ تولي “حزب العدالة والتنمية” السلطة في تركيا تواجه السياسة الخارجية التركية تحديات متصلة بتطور الأوضاع في الساحة العربية .

والمفارقة أن النجاح التركي في السياسة الخارجية تحقق أولاً بفضل  التجاوب العربي مع هذه السياسات  لأسباب مختلفة، منها الموقف التركي من القضية الفلسطينية، ومنها رهان كل طرف عربي على أن تكون تركيا بجانبه ضد الآخر . ولكن الشيء الأهم أن تركيا اتبعت سياسة متوازنة مع كل الأطراف، ولم تتورط في لعبة المحاور العربية إلا في ما خص دعم القضية الفلسطينية، الذي سبب لها، مع ذلك، توترات مع بعض الدول ولا سيما مع نظام مبارك، بسبب الموقف التركي المدافع عن حماس في غزة .

لقد كان العرب بسبب القواسم المشتركة مع تركيا إحدى الساحات المهمة لتبلور الدور التركي وتصاعد نفوذه .

مع انفجار الوضع في بعض الدول العربية كان لتركيا مواقف محددة غير مسبوقة في الانحياز لهذه الفئة أو تلك داخل كل دولة.

وبعدما كانت تركيا على امتداد العقود الماضية خارج الصراعات الداخلية العربية من منطلقات، منها استعلاء الطبقة العلمانية التركية عن التواصل المؤثر مع العرب “المتخلفين والطاعنين في الظهر”، وليس تعففاً عن الاهتمام بالعالم العربي جاء “حزب العدالة والتنمية” برؤية عمادها التواصل مع العرب والعمل حتى على إقامة ما يشبه الاتحاد الاندماجي .

وتصاعد الإعجاب العربي بالتجربة التركية ولا سيما في بعدها المتصل بالهوية التركية وعودتها إلى جذورها المشرقية . غير أن النظرة العربية إلى تركيا تعرضت في الأسابيع الأخيرة إلى تصدّع ملموس مع بدء ظهور تباين بين بعض العرب وأنقرة .

ولقد مرت التجربة المصرية على خير عندما طار الرئيس المخلوع حسني مبارك من منصبه بعد أيام قليلة على دعوة رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان له بالتنحي . لو أن مبارك لم يتنح وقاوم التغيير كما فعل معمر القذافي في ليبيا، لربما كانت العلاقات التركية المصرية الآن في مأزق كبير .

المثال الثاني للاهتمام المباشر لتركيا بالعرب كان ليبيا، حيث بدأت المشكلة الأكبر بين تركيا وبعض العرب .

ما يحصل اليوم في ليبيا يؤكد الهواجس التركية، فليبيا تقع فعلاً داخل معمعة تدمير قدراتها خصوصاً عندما لم يرد حلف شمال الأطلسي حسم المعركة رغم أنه قادر على حسمها . الذي يؤخر انتهاء المعارك ليس الموقف التركي الوسطي مبدئياً بين القذافي ومعارضيه، والرئيس عبد الله غول كان واضحاً في مطالبته القذافي بالتنحي .

والحالة الثالثة هي سوريا حيث كان الموقف التركي من الوضع هناك ثقيلاً بعض الشيء على الرئيس السوري عندما طالبوه بصورة شبه يومية، بأن يكون أكثر شجاعة في المضي في الإصلاحات . كما أن أسطنبول شهدت عقد مسؤول الإخوان المسلمين في سوريا مؤتمراً صحافياً أثار غضب السوريين . ولا شك أن تركيا تتحمل مسؤولية ما في هذا التوتر خصوصاً أن لها 800 كلم من الحدود المشتركة والعديد من الملفات الحساسة . ومع أن تركيا تضع ذلك في خانة الحرية الإعلامية إلا أن ذلك لا يستقيم تماماً في هذه المرحلة الحرجة جداً من الوضع في سوريا . كذلك فإن تكرار المسؤولين الأتراك توجيه الدروس إلى السوريين خلق حساسية لدى دمشق .

كان يمكن لتركيا أن تقف على الحياد في الأوضاع العربية، وكان هذا سيجنبها الكثير من الانتقادات من جانب بعض العرب لكن التاريخ لم يحترم أبداً مبدأ عدم التدخل في الشأن الداخلي للدول الأخرى، خصوصاً في عصر العولمة حيث أصبح لكل دولة أجندات تحرّك سياساتها .

هناك شيء ما من الخلل قد حدث في العلاقات العربية التركية وهي مسؤولية الطرفين ولا يمكن تحميلها لطرف دون آخر، والمهم الابتعاد عن الإفتراءات خصوصاً أن الجميع بيوتهم من زجاج . ولعل النجاح الأكبر للمؤامرات الغربية و”إسرائيل” أن تدق إسفيناً في العلاقات العربية  التركية التي يمكن لها (العلاقات)، إذا تواصلت أن تغير مجرى تاريخ المنطقة . فتنبهوا واستفيقوا أيها العرب و . . الأتراك .