خبر لماذا يتشبث الرجال الأقوياء بالحكم؟

الساعة 03:58 م|18 ابريل 2011

لماذا يتشبث الرجال الأقوياء بالحكم؟

فلسطين اليوم- وكالات

يتطرق الكاتب الأميركي روبرت كابلان صاحب كتاب "الفوضى القادمة" في مقال نشرته مجلة فورين بوليسي، إلى سر تشبث الرجال الأقوياء بالحكم، مركزا على كل من العقيد الليبي معمر القذافي واليمني علي عبد الله صالح ورئيس ساحل العاج المخلوع لوران غباغبو.

ويستهل الكاتب مقاله بالقول إن القتال والصراع من أجل السلطة في كل من ساحل العاج وليبيا واليمن كان يفترض وبكل المقاييس المعقولة أن ينتهي, لكن استمراره لمدة طويلة يؤشر على فشل الغرب في معرفة الحقيقة الأساسية للأشخاص الذين يحكمون تلك الدول.

ويتساءل الكاتب لماذا لم ينتهز غباغبو والقذافي وعلي صالح الفرصة التي عرضت عليهم بالخروج إلى المنفى المريح ويتنحوا؟ وربما كان ذلك أفضل لسلامتهم الجسدية وحساباتهم المصرفية, وعقب أسابيع من القتال والمساومات, ماذا عسى أن يكون لديهم لإثباته؟

ويرى أن هؤلاء الرجال ليسوا من السياسيين المتاجرين بالخيول, ولكنهم يحاربون من أجل قضايا أساسية وأقل قبولا للمساومة والتوصل إلى حلول وسط, على الأقل من حيث طبيعة تحديدهم لها, فعالمهم لا يتكون من المؤسسات والبيروقراطيات التي يمارسون الحكم عبرها, بل هو عالم الهيمنة على مناطق من الأرض من خلال الاعتماد على الأقارب والتحالفات الإقليمية والقبلية.

وفي هذا السياق, فإن كلا الرئيسين السابقين التونسي زين العابدين بن علي والمصري حسني مبارك لم يكونا بدون مزايا أو فضائل, فقد حكما من خلال مؤسسات على النمط الغربي، وعندما رفض الجيش وخدمات الأمن الداخلي إطلاق النار على المواطنين في الشوارع لم يكن أمامهما من خيار سوى الاستقالة والتوجه بسرعة إلى المنفى الداخلي أو الخارجي, وربما تم ذلك بدون التوصل إلى الصفقات الضرورية لحمايتهم بعد ذلك.

ويقول الكاتب الأميركي إنه من الناحية الأخلاقية فشخص مثل غباغبو أوصل ساحل العاج إلى حافة الفوضى من أجل إرضاء غروره لاعتقاده أن حصوله على ما يقرب نصف الأصوات في الانتخابات جاء بسبب ما يمثله على المستوين القبلي والإقليمي.

ويرى أن غباغبو كان يعتبر أن استسلامه مبكرا جدا بمثابة خيانة للمجموعات الإقليمية والدينية الموالية له والمتضامنة معه, واستمر في هذا النضال حتى تم حشره في زاوية قصره بعد أن اضطر معارضوه لاستدعاء القوات الفرنسية للإطاحة به وإلقاء القبض عليه.

وينتقل الكاتب إلى الرئيس اليمني ويقول إن وسائل الإعلام الغربية تصفه بالطاغية المتشدد الذي تسبب تشبثه العنيد بالسلطة في دفع البلاد نحو هاوية التفكك شأنه في ذلك شأن غباغبو في ساحل العاج.

ويؤكد الكاتب أن هذا الوصف صحيح بشكل أكيد ولكنه لا يكشف سوى القليل, فقد حكم صالح البلاد لمدة نحو ثلث قرن, في حين أن سلفيه تم اغتيالهما كليهما, واحد بعد ثمانية أشهر والآخر بعد ثلاث سنوات من تسلمهما زمام الحكم بينما تمت الإطاحة بالرجل القوي الذي سبقهما عن طريق انقلاب عسكري.

وفي رأي روبرت كابلان فصالح يمتلك أعصابا فولاذية ومهارة كبيرة كونه تعرض إلى ضغوط نفسية بمستوى يمكن أن تشل نفسيا أكثر السياسيين الأقوياء في واشنطن، ولكنه يقوم حاليا بلعبة التفاوض على شروط تنحيه ليس فيما يخصه فحسب, وإنما بما يتعلق بمصير أقاربه القريبين منه وأولئك البعيدين نسبيا, وعليه فمن الذي بإمكانه أن يلومه إن اختار التمسك بالسلطة لفترة أطول سعيا لحصوله على شروط أفضل؟

ويقول إن المهم بالنسبة للرئيس اليمني هو ثروة وأعمال أسرته, وهو يسعى لحلها وفقا لأفضل الشروط, ويضيف "في السنوات القليلة القادمة يمكننا أن ننظر إلى فترة حكمه بوصفها واحدة من أكثر فترات الحكم استقرارا نسبيا وأكثرها تعاونا مع الغرب, ولكن كونه يستحق الإدانة والشجب من قبلنا حاليا فإن ذلك لا يعني من المنظور التحليلي أنه يجب التخلي عنه عاجلا".

أما بخصوص العقيد الليبي، فيرى الكاتب الأميركي في مقاله أن هذا الرجل الذي تولى السلطة بانقلاب عسكري وهو في العشرينيات من عمره حافظ على تماسك ليبيا لمدة اثنتين وأربعين عاما, وهي التي كانت في معظم تاريخها منطقة جغرافية دون الشعور بوجود سلطة أيا كان نوعها, ونظرا لأنه مارس الحكم عن طريق توليفة بين السياسات القبلية وقبضة أجهزة المخابرات والأمن الحديدية, فهو لم يبن أركان دولة وبالتالي لن يترك إرثا وسيكون زبدا بالكامل.

وحسب الكاتب، فإن السبب في عدم تنحي القذافي بسهولة ليس مرده كونه يحارب من أجل قضية معينة, ولكن بسبب مشاعر الكرامة التي تتعلق بالمنطقة والقبيلة والأرض.

ويؤكد الكاتب أنه من المهم الاعتراف بأن حكم القبلية لكل من القذافي وصالح وغباغبو كان أحد خلفيات الحكم بالنسبة لهم وأن رفض بعض القبائل اليمنية لدولة قوية وباستمرار, ربما، لم يكن تعبيرا عن الرغبة في الفوضى بقدر الرغبة في قيام ثقافة إسلامية أوسع ودولة غير قمعية.

والشيء نفسه يمكن أن ينطبق على دعوات القذافي طيلة سنوات للوحدة العربية السياسية, وكذلك محاولات غباغبو عدم الاعتراف بالحدود التي رسمها الاستعمار الفرنسي عن طريق الاحتكام والانتساب إلى جزء وحيد من سكان البلاد.

ويختتم المقال بالقول إن الثلاثة عاشوا كل حياتهم ضمن هذه التعقيدات والحقيقة الغامضة وبذلك فلم يكونوا بناة دول, فضلا عن عدم وجود تعاطف معهم في الغرب ولكن هذا يجب أن لا يكون حجة ضد محاولة فهمهم.