خبر كيف يمكن مواجهة السلاح الرابع واليد« الأطول » في اصطياد المقاومين؟

الساعة 08:35 ص|14 ابريل 2011

كيف يمكن مواجهة السلاح الرابع واليد"الأطول" في اصطياد المقاومين؟

فلسطين اليوم-غزة "الاستقلال"

تعتبر الجاسوسية "السلاح الرابع" بعد الطيران والبحرية والقوات الجوية، فهي تعتمد على عقول تبني الحقائق وتحلل المعلومات وتستخلص النتائج وتضع الخطط، وتصنع ما لا يتخيله عقل أو منطق من خداع وحرب خفية أسلحتها: (الذكاء والشيفرة والرموز).. فالجاسوسية هي الأداة الأساسية في تحديد السياسات الدبلوماسية للدول الحديثة، وكذلك هي المستشار الخفي لرؤساء الجمهوريات والحكومات عند اتخاذ القرارات المصيرية.

ولعل استمرار عمليات الاغتيال بحق قادة وكوادر المقاومة الفلسطينية، بالإضافة إلى بث الشائعات المغرضة لإثارة الفتن والقلاقل في الشارع الفلسطيني، يثير علامات استفهام حول الدور الخطير الذي ما زال يمارسه العملاء "الجواسيس" لمصلحة الاحتلال الصهيوني، رغم الجهود المضنية التي تقوم بها الأجهزة الأمنية المتخصصة في الكشف عن تلك الشبكات، ودورها في تفكيك تلك الخلايا "السرطانية".!.

ويرى خبراء ومحللون أهمية فتح الملف "العملاء" بصورة أكبر؛ لأنه يعتبر العين التي يبصر بها العدو على ما يدور داخل الصف الفلسطيني وذراعه الخلفية التي يبطش بها المقاومة ومجاهديها، ومشددين على ضرورة تلاحم كل الجهود لمكافحة تلك الظاهرة الخطيرة والغريبة على قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا. وكان جهاز الأمن الداخلي في الحكومة الفلسطينية بغزة، قد كشف النقاب عن القبض على عدد من العملاء أثناء قيامهم بأعمال تزعزع الأمن في القطاع، وكشف أماكن وأهداف المقاومة للعدو الصهيوني.

عمل متواصل

وأكد الناطق باسم وزارة الداخلية بغزة م. إيهاب الغصين بدوره على أن العمل الأمني ضد العملاء على سلم أولوية الحكومة منذ توليها مهامها في قطاع غزة عام 2007 م، مشددا على أن وزارته لم تتوقف في يوم من الأيام عن محاربة وملاحقة العملاء وتقديمهم إلى العدالة لينالوا جزاءهم. وقال الغصين في تصريح صحافي": "رغم الإمكانات المتواضعة لقوى الأمن الفلسطينية بقطاع غزة، لكنها تعمل بجهد ممتاز وبكل ما تستطيع من إمكانات للقضاء على ظاهرة العملاء في القطاع مع الاستمرار في التوعية لأبناء الشعب الفلسطيني؛ بهدف نشر الثقافة الأمنية للوقاية من محاولات الإسقاط الصهيونية في شباك العمالة"، مطالباً فصائل المقاومة والمواطنين بزيادة التعاون لمساعدة القوى الأمنية في محاربة ظاهرة العملاء.

هاجس الخوف يلاحقهم

وأوضح الخبير في الشأن الصهيوني د. وليد المدلل من جانبه أن العميل لا زال يحتل المرتبة الأولى في حسم أي معركة، رغم التطور التقني والتكنولوجي الهائل في المجالات كافة. مؤكدا بالقول: "إن الآلة العسكرية تبقى صماء ما لم توجهها عيون وأصابع إلى الهدف بدقة".

ويؤكد المدلل أن سعي الاحتلال لزرع العملاء والجواسيس في صفوف شعبنا، ليس لجمع المعلومات حول نشاط المقاومين وكشف أسرارهم فقط، بل لضرب العقيدة الوطنية لدى الفلسطينيين، وإشاعة الفوضى المغرضة من أجل زعزعة الوضع وخلق حالة من عدم الاستقرار والبلبلة. موضحًا أن الاحتلال -صاحب التاريخ الأسود المليء بالمذابح والإرهاب- لم يتخلص بعد من عقدة الخوف التي تسيطر عليه، وهو يعيش هاجسا مستمرا -رغم امتلاكه للقنبلة النووية- من أي تطور في أداء المقاومة.

آفاق جديدة لمكافحتها

في حين ذلك يرى المحلل السياسي د. إبراهيم أبراش أن العلاقة الأزلية بين الشعب الفلسطيني و"إسرائيل" علاقة حرب مفتوحة، يستخدم فيها الاحتلال كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة لتحقيق أهدافه ضد أصحاب الأرض والتاريخ. وأوضح أبراش أن ملف العملاء من الملفات الصعبة والشائكة كونه يمس النسيج الاجتماعي، مشددا على ضرورة توخي الدقة الشديدة وعدم التسرع في إصدار الأحكام مسبقًا على كل من يعتقل، والحرص على تقليل النتائج والآثار الاجتماعية المترتبة على ذلك.

وأكد أبراش على ضرورة تحصين الشباب الفلسطيني من خطر الوقوع في مستنقع الجاسوسية بتعزيز روح المواطنة والانتماء للأرض، عبر فتح آفاق جديدة من العمل والبرامج لاستيعابهم وانتشالهم من بوتقة البطالة والفقر، مؤكدًا أن تحقيق ذلك لن يتأتّى إلا بتحقيق المصالحة في إطار عمل وطني شامل يشارك فيه الجميع بلا استثناء.

التوعية أم البتر؟

أما المحلل السياسي أ. أكرم عطا الله فيرى أن عدم وجود برنامج وطني واضح ومتكامل لمكافحة ظاهرة العمالة سبب رئيس لتوغلها في صفوف الشعب الفلسطيني، مؤكدًا أن معظم الإجراءات التي تتخذ لمواجهة تلك الظاهرة الخطيرة، تختصر على "الاعتقال والتحقيق والإعدام"، في إشارة إلى أنها "روتينية". وقال عطا الله :"يجب تشكيل مركز للدراسات تحت مسمى (المناعة الأمنية) ينحصر دوره في استخلاص العبر من التحقيقات التي يعترف بها من سقط في وحل العمالة، وتعميمها على جميع أبناء شعبنا لتصبح جزءا من حالة التوعية في مواجهة أعتى أجهزة المخابرات في العالم". مؤكدًا على أهمية تشجيع التعاون بين الشعب والأجهزة الأمنية المتخصصة للحد من ظاهرة العملاء.

وأوضح المحلل السياسي أن لكل جاسوس ظروف اجتماعية ونفسية واقتصادية مختلفة قادته إلى مستنقع الخيانة، ونقطة ضعف أسقطته في وحل العمالة، "فجعلته لا يدخر وسعًا في إطلاع العدو على أسرار بلده وأبناء شعبه، ونقل ما لا يراه ولا يفهمه وتنفيذ أوامرهم دون التفكير في عواقبها الوخيمة، مشدّدا على أهمية فتح باب التوبة أمام من يستيقظ ضميره ويعود إلى رشده دون ربط ذلك بفترة زمنية محددة، وفتح ذراع الأمن والأمل ليكون حضن وطنه أوسع له من إغراءات العدو.