خبر كتب :صالح النعامي : ميادين التحرير العربيَّة تقمع شهوة العدوان الإسرائيلي

الساعة 09:36 ص|06 ابريل 2011

كتب :صالح النعامي : ميادين التحرير العربيَّة تقمع شهوة العدوان الإسرائيلي

لقد باتَ الكثيرون في إسرائيل يدركون أن خيارات إسرائيل في أعقاب التحولات في العالم العربي محدودة جدًّا، وأن هامش المناورة الذي كان متاحًا لإسرائيل خلال حربها الأخيرة على قطاع غزة لم يعد قائمًا، وحسب المعلق العسكري الإسرائيلي ألون بن دافيد، فإن إسرائيل باتت تخشى أن تؤدي أي عمليَّة عسكريَّة كبيرة في قطاع غزة إلى ردة فعل عارمة من قبل الشعوب العربيَّة، مما يعني إجبار الحكومات العربيَّة على خطوات متطرفة لإيذاء إسرائيل.

 

وفي تعليق قدَّمه في القناة العاشرة في التليفزيون الإسرائيلي أوضح بن دافيد أنه لا زالت الكثير من الأوراق التي بيد مصر لإيلام إسرائيل في حال قررت ذلك، على الصعيدين الأمني والاقتصادي دون أن يتعرض الموقف الرسمي المصري للانتقاد في الساحة العالميَّة.

 

وعلى الرغم من أن النخب الإسرائيليَّة ترى أن المصريين حاليًا منشغلون في شئونهم الداخليَّة، ولا يثيرون المشاكل لإسرائيل، لكنها تحذِّر من أنه يكفي أن ترتكب الآلة الحربيَّة أمرًا كبيرًا في غزة، حتى تندلع مظاهراتٌ كبيرة في القاهرة تعرض مطالب صارمة، سيكون من الصعب على المجلس العسكري المصري رفضها، وهناك من يذكر في إسرائيل أن حسني مبارك وعمر سليمان لم يعودا يديران الأمور في القاهرة، من هنا فإنه لا خلاف على أن شهوة الانتقام ستكلف إسرائيل فقدان الكثير من الأوراق بعد التحولات العارمة التي يشهدها العالم العربي، وهناك من يرى أن أي إجراء غير محسوب تقوم به إسرائيل في غزة، قد يؤدي إلى المس بما تبقى لها من مصالح في العالم العربي، ويرى رئيس الموساد الأسبق داني ياتوم أن إسرائيل ملزمة بإبداء أقصى درجات الحذر في تعاطيها مع قطاع غزة بسبب التطورات "الخطيرة" المتواصلة في الأردن تحديدًا.

 

وفي مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية باللغة العبرية حذر ياتوم من أن أي ضربة كبيرة لقطاع غزة ستحرج جدًّا النظام الأردني "الذي يتعرض لاختبار صعب جدًّا" ويرى ياتوم أن إسرائيل مطالبة بإظهار الحساسية الشديدة إزاء ما يجري في الأردن، على اعتبار أن تغيير الواقع الحالي في الأردن ينذر بخسارة إسرائيل أوراق استراتيجيَّة من الطراز الأول لها، مشددًا على أن التغيير في الأردن سيكلف تل أبيب أثمانًا أغلى بكثير من التغيير الذي شهدته مصر في أعقاب الثورة المصريَّة.

 

ويطالب ياتوم الإسرائيلين بأن يمعنوا النظر في الخارطة، ليتذكروا أن الأردن هو الذي يملك الحدود الأطول مع إسرائيل، علاوة على أن هذه الحدود قريبة جدًّا من "المراكز الحضريَّة" الإسرائيليَّة، بخلاف الحدود مع مصر.

 

وأضاف: "يتوجب علينا ألا نمنح القوميين والإسلاميين الذخيرة للتأثير على مجريات الأمور في الأردن في هذا الوقت تحديدًا، يتوجب أن نزن الأمور بميزانٍ من ذهب".

 

لكن هناك من المعلِّقين الإسرائيليين من شكَّك في قدرة إسرائيل في شن عدوان على قطاع غزة، وذلك بسبب تآكل مكانتها الدوليَّة بعدما رفضت الاستجابة لمطالب العالم بتجميد الاستيطان في الضفة الغربية والقدس، وقال كبير معلقي القناة الثانية في التليفزيون الإسرائيلي أمنون أبراموفيتش أنه على الرغم من أن نتنياهو تصرف بـ "حكمة" في مواجهة عمليات إطلاق الصواريخ حتى الآن، إلا أنه في الوقت ذاتي يعاني من انعدام البدائل، بسبب تضعضع مكانة إسرائيل الدوليَّة وعجزها عن توفير دعمٍ عالمي وإقليمي لعملياتها ضد الفلسطينيين.

 

وبالفعل فإن الكثير من النخب الإسرائيليَّة ترى أن نتنياهو تائه، ولم يعد يعرف ماذا يفعل ولا يستطيع فعل أي شيء تجاه حماس وفصائل غزة سوى التأجيل.

 

وبالفعل فإن أحدًا في إسرائيل لا يقتنع بأنه في ظلّ العزلة التي تعيشها حكومة نتنياهو، فإن قدرتها على العمل ضد الفصائل الفلسطينية قد تقلصت، إلى جانب تأثير التحولات التي يشهدها العالم العربي حاليًا.

 

وهناك من المعلقين الإسرائيليين من يرى أنه حتى بدون التحولات الجارفة في العالم العربي، فإنه لم يعد من الحكمة أن تقوم إسرائيل بشن عدوان جديد على غرار عدوانها الذي شنته أواخر عام 2008؛ فوزير القضاء الإسرائيلي الأسبق يوسي بيلين يرى أنه لا يوجد "وهم أكبر من الوهم المتمثل في زعم إسرائيل أن الحرب الأخيرة التي شنتها على قطاع غزة نجحت في ردْع حركات المقاومة الفلسطينية".

 

ويحذِّر بيلين من أن إسرائيل مرشحة فقط لأن تخسر في حال شنت حربًا مماثلة، مشيرًا إلى أن العالم سيبدي درجة متدنية من الصبر والتسامح تجاه مناظر أشلاء الأطفال الممزقة، وينوه إلى أن إسرائيل ستتسبب في حرجٍ كبير للرئيس باراك أوباما، الذي سيجد صعوبةً كبيرة في استخدام حق النقض الفيتو ضد أي قرار ضدّ إسرائيل.

 

وحتى كاتب يميني مثل بن دورون يميني حذَّر من مغبَّة شن عدوان كبير على غزة على غرار حرب "الرصاص المصبوب"، ويجزم يميني أنه بخلاف الانطباع السائد، فإن هذه الحرب شكلت فشلًا ذريعًا لإسرائيل".

 

على كل الأحوال فقد بات واضحًا أن إسرائيل لم تعد متحمسة لشن عدوان كبير على غزة بسبب التحولات التي يشهدها العالم العربي، علاوة على الشكوك الكبيرة حول جدوى مثل هذا العدوان، بكلمات قصيرة هناك دلائل على أن التحول نحو الديمقراطية في العالم العربي يطفئ شهوة إسرائيل لشن العدوان على الفلسطينيين.