خبر ليُبحروا الى غزة- هآرتس

الساعة 09:34 ص|06 ابريل 2011

ليُبحروا الى غزة- هآرتس

بقلم: الوف بن

 (المضمون: يجب على اسرائيل ألا تورط نفسها مرة جديدة في وقف القافلة البحرية الضخمة التي ستتجه الى غزة في أيار القادم إلا اذا علمت علما مؤكدا ان السفن تحمل سلاحا ثقيلا الى غزة - المصدر).

عاد الربيع ومعه ايضا الأنباء عن قافلة احتجاج بحرية جديدة ستُبحر الى غزة في نهاية أيار. تخطط المنظمات المناصرة للفلسطينيين هذه المرة لأن توجه الى القطاع المحاصر قافلة ضخمة من عشرين سفينة عليها نحو من ألف متظاهر. يرمي تركيز الجهد الى الاثقال على جهاز الدفاع الاسرائيلي والمس بقدرته على وقف القافلة البحرية بالقوة كما فعل في السنة الماضية بالسفينة التركية "مرمرة" وسفن الشحن التي صاحبتها.

        لمزيد الأسف، مع مجيء الربيع تزهر الحماقة ايضا في الجانب الاسرائيلي الذي تجري فيه "استعدادات محمومة" لاحباط القافلة البحرية (بحسب تقرير عاموس هرئيل في صحيفة "هآرتس" أول أمس). فموظفون وضباط يعقدون جلسات، ودبلوماسيون يبعثون تحذيرات، و"أمان" تتجسس على "منظمات يسار ونشطاء سلب شرعية"، والوحدة البحرية تتدرب على "سيناريوهات لمواجهة قوافل بحرية". تُحذر مصادر عسكرية من ان هذا قد ينتهي كما في المرة السابقة. آنذاك دُفع محاربو الكوماندو الى كمين هراوات وسكاكين وأطلقوا النار للدفاع عن أنفسهم وقتلوا تسعة مدنيين أتراك. ليس عندنا اختراع آخر لوقف السفن، يقولون في الجيش الاسرائيلي تسويغا لموقفهم.

        ها هي ذي نصيحة بالمجان للحكومة والجيش الاسرائيلي: أطلقوا عنهم. دعوهم يُبحرون الى غزة ولا تتدخلوا. أعلنوا ان اسرائيل انفصلت عن القطاع وليس لها أي اهتمام بمعاودة السيطرة هناك. تريد فقط ان تكون الحدود هادئة وألا يُهرب سلاح الى المنظمات الارهابية. هذا كل شيء. أما ما بقي فلا يهمها ومن أراد التظاهر والاحتجاج فليتفضل.

        إن فتح الأبواب سيثبط الخطر الكامن في القافلة البحرية الجديدة. مع عدم وجود مجابهة وسط البحر، سيحط المشاركون فيها على الساحل في غزة ويحظون بصعوبة بعشر ثوان من الكشف الاعلامي في قنوات الأخبار. إن الشرق الاوسط وهو يشتعل بنار الثورة، والتاريخ يُكتب إزاء نواظرنا في الدول العربية، لن يجعل أحدا يهتم بعدة متظاهرين يشتمون اسرائيل ويرفعون لافتات تندد بها. وبهذا سينقضي الامر. سيُرى ركاب القافلة مُقلِقين لا أبطالا، وسيضيق مضيفوهم ذرعا بهم في غزة سريعا.

        ليس هذا التوجه حدسيا. إن منظمي القوافل البحرية يجعلون الدم يغلي لكراهيتهم المتقدة لاسرائيل وسعيهم الى تقويض شرعيتها. يمكن أن نتفهم الوزراء والموظفين والضباط الذين يريدون أن يُعلموهم درسا. لكن لا داعي لهذا. لن يجعل شيء نشطاء "غزة الحرة" صهاينة متحمسين، لا الاحتضان ولا اطلاق النار. يكمن خطرهم في تجنيد دعم من قبل جماهير أقل مشاركة في تركيا وفي الغرب، وقرنهم أنفسهم بمكافحة اسرائيل. من اجل اقناع هؤلاء الناس بأن اسرائيل دولة شريرة مجرمة يجب أن تُعرض على هذا النحو وهذا سهل جدا. إن اسرائيل مثل ثور في حلبة صراع ثيران ترد بغضب غريزي لرؤية الخرقة الحمراء، آنئذ يطعنونها مع هتاف الجمهور.

        ومثل الثور الذي لن يقف أبدا للتفكير قبل أن ينقض مرة اخرى، يُصرون في اسرائيل ايضا على معاودة الأخطاء نفسها. تلخص الدرس من التورط في القافلة البحرية السابقة بـ "تحسين اتخاذ القرارات". فبدل النقاش السطحي في حلقة السباعية الذي أفضى الى خلل "مرمرة"، يشغل الآن مئات البيروقراطيين والمحاربين أنفسهم بالاعداد للقافلة البحرية القادمة. ستزداد جبال الأوراق علواً، لكن اذا لم تتغير السياسة فسنحصل في نهاية الامر على قرار منظم وغبي.

        لهذا يجدر ان نعاود التذكير بأن الحصار البحري لغزة يرمي الى هدف واحد وهو منع تهريب السلاح الثقيل. من اجل هذا تستعمل اسرائيل جهدا استخباريا يؤتي ثمارا ايضا. إن من عرف تحديد موقع سفينة السلاح "فيكتوريا" في قلب البحر الابيض المتوسط واحتجازها، والمهندس من حماس في اوكرانيا، يستطيع ويجب ان يكشف عما يختفي في سفن القافلة البحرية. اذا كان المنظمون حمقى بما يكفي للتهريب في بطون السفن قذائف صاروخية وقنابل، وضُبطوا متلبسين، فستحظى اسرائيل بنصر اعلامي ضخم. لكن مع عدم وجود معلومات محققة عن وجود سلاح في قافلة الاحتجاج البحرية الضخمة يجب ان يدعوها تمر.

        في ربيع 2011 أصبح اطلاق النار على المتظاهرين غير المسلحين مشابها لما يفعل طُغاة الأمس، القذافي والاسد ورئيس اليمن. لا يجوز لاسرائيل الانتماء الى جماعة المجرمين هذه. لن يخفف أي "تخفيف للحصار" الغضب الدولي لرؤية جنود مقنعين يسيطرون بعنف على سفن مدنية. بدل وقف القافلة البحرية يجب وقف الحماقة. لا يوجد اختراع آخر يمنع تورطا دوليا جديدا.