خبر « إسرائيل » تحتفل بالنصر التاريخي وتبتز« غولدستون »

الساعة 05:53 ص|05 ابريل 2011

"إسرائيل" تحتفل بالنصر التاريخي وتبتز"غولدستون"

فلسطين اليوم-وكالات

لا يزال الاعلام الصهيوني يحتفل بالانتصار التاريخيّ، على حد تعبير المعلقين، الذي احرزته الدولة العبرية بتراجع القاضي اليهودي الصهيوني، ريتشارد غولدستون، عن تقريره الذي اتهم فيه "إسرائيل" بارتكاب جرائم حرب في العدوان الاخير على غزة، وبالمقابل، تبدو المؤسسة السياسية في "إسرائيل" في الوقت الحالي مشغولة كليا في كيفية استغلال تراجع القاضي وتحويل هذا التراجع الى حملة دبلوماسية وقانونية ودعائية تخدم مصالح اسرائيل، كما قالت صحيفة 'يديعوت احرونوت' في عددها الصادر الاثنين، نقلا عن مصادر سياسيّة وصفتها بالرفيعة في تل ابيب.

ومنذ يوم السبت الماضي، الذي نُشرت فيه مقالة بقلم القاضي غولدستون في صحيفة 'واشنطن بوست' الامريكية أعرب في سياقها عن ندمه على ما ورد في التقرير من استنتاجات فان مداولات كثيرة جرت في هذا الشأن في المؤسستين السياسية والامنية في "إسرائيل".

وتركز معظم هذه المداولات على موضوع تحسين صورة "إسرائيل" في الساحة الدولية من خلال الاستعانة بما كتبه غولدستون في مقالته.

وقد اوعز رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو الى مستشاره لشؤون الأمن القومي يعقوب عميدرور، رئيس مجلس الامن القومي، ان يقيم طاقما خاصا مؤلفا من مندوبين من وزارات الخارجية والقضاء والامن لبلورة اقتراحات وخطوات سياسية قضائية هدفها الاستفادة من مقال غولدستون، وتقليل الاضرار التي لحقت باسرائيل بسبب هذا التقرير.

امّا المسؤولون في وزارتي الخارجية والامن، تابعت الصحيفة، فيفكرون في كيفية استغلال تراجع غولدستون لاسقاط شكاوى قانونية ضد ضباط ومسؤولين اسرائيليين في الخارج.

وقال ضابط اسرائيلي رفيع المستوى للصحيفة ان الخطر القانوني الذي يتعرض له الضباط "الإسرائيليون" في الخارج بات الآن اقل بسبب مقالة غولدستون التي اعرب فيها ايضا عن ثقته بهيئات التحقيق القائمة في صفوف الجيش الاسرائيلي.

وعلى الصعيد الدبلوماسي فان اسرائيل طلبت من سفيرها في الامم المتحدة ان يطالب بوقف الإجراءات الدبلوماسية والقانونية التي جرى اتخاذها لدى تبني تقرير لجنة غولدستون، لكن التقديرات السائدة في "إسرائيل" تؤكد ان الغاء التقرير كليا غير ممكن الا في حال قيام غولدستون نفسه بطلب ذلك، وثمة شكوك كبيرة فيما اذا كان في الإمكان إقناعه بالإقدام على خطوة كهذه.

وقالت الصحيفة ايضا، نقلا عن احد الأشخاص المقربين من غولدستون ان صحيفة 'نيويورك تايمز' رفضت ـ لأسباب سياسية ـ نشر المقالة التي أعرب فيها عن ندمه على كتابة التقرير، ولذا فانه نشرها في صحيفة 'واشنطن بوست'.

وأكد المصدر عينه ان غولدستون اصبح هو وزوجته منذ نشر التقرير عرضة لحملة مقاطعة اجتماعية شاملة من جانب عناصر يهودية في بلدهما جنوب أفريقيا والعالم كافة، الامر الذي تسبب لهما بضائقة كبيرة.

وقال الدكتور الون ليئيل الذي تربطه بغولدستون صداقة خاصة منذ ان تولى منصب مندوب وزارة الخارجية "الإسرائيلية" في جنوب افريقيا، ان هذا الأخير تعرض لملاحقات وتهديدات كثيرة واضطر عدة مرات الى تغيير بريده الالكتروني وارقام هواتفه، مؤكدا انه كان لذلك كله تأثير كبير في كتابة مقالته.

مع ذلك فان مقربين آخرين من غولدستون اكدوا ان قراره نشر المقالة لم يكن ناجما عن ضغوط اجتماعية، وانما عن إدراك عميق بان مجلس حقوق الانسان في الامم المتحدة الذي بادر الى تأليف لجنة التحقيق الدولية بشأن عملية 'الرصاص المصبوب' استغل اسمه ومكانته ويهوديته من اجل الإساءة الى سمعة "إسرائيل".

من ناحيتها، ذكرت 'هآرتس' ان الحكومة الإسرائيلية تدرس امكان اقناع غولدستون بتوجيه رسالة رسمية الى الأمم المتحدة يطلب فيها تحويل مقالته الى وثيقة دولية رسمية.

وأضافت ان رئيس الحكومة نتنياهو طالب امس بالغاء تقرير لجنة غولدستون وذلك بعد ان دعا رئيس هذه اللجنة القاضي الجنوب افريقي ريتشارد غولدستون الى اعادة النظر في تقريره بشأن عملية 'الرصاص المصبوب'، وخصوصا اتهامه اسرائيل بتعمّد قتل المدنيين وارتكاب جرائم حرب.

من جانبه قال وزير الامن الاسرائيلي ايهود باراك امس ان على اسرائيل ان ترغم غولدستون على الظهور امام الهيئات الدولية، وخصوصا الامم المتحدة للادلاء بأقوال شبيهة لما ورد في المقالة التي نشرها في صحيفة 'واشنطن بوست' والتي تراجع فيها عن استنتاجات التقرير الذي اعده بتكليف من مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة.

وقال نتنياهو انّ هناك حالات قليلة جدا يقدم فيها مفترون على التراجع عن افتراءاتهم، وهذا ما حدث في حالة غولدستون، الذي اعترف بنفسه ان الامور التي قلناها طوال الوقت كانت صحيحة، وفحواها ان اسرائيل لم تستهدف عن عمد اي مدني، وان مؤسسات التحقيق لديها تعمل وفق المعايير الدولية الاعلى.

واضاف ان ما يحدث في "إسرائيل" هو على العكس تماما مما يحدث لدى حركة حماس التي قتلت وجرحت مدنيين بصورة متعمدة ولم تقم بأي تحقيق، الامر الذي يجعلنا ندعو الى الغاء تقرير غولدستون فورا، لكن الصحيفة اشارت الى ان مصادر رفيعة المستوى في وزارة الخارجية الاسرائيلية اكدت لها انه لا يمكن الغاء التقرير.