خبر من السابق لاوانه اليأس- يديعوت

الساعة 09:26 ص|30 مارس 2011

من السابق لاوانه اليأس- يديعوت

بقلم: أفيعاد كلاينبرغ

(المضمون: اذا أحصينا مظاهر اليأس نجدها كثيرة ولكن ما نحتاجه اليوم هو تنظيم سياسي للصامتين الكثيرين. ما نحتاجه هو الاستعداد لاستبدال النفور بالفعل. من السابق لاوانه اليأس - المصدر).

        اعتادت أمي على ان توبخني على كل مظهر من مظاهر اليأس. "ماذا يجعلك تقع في اليأس في الحال؟"، كانت تتساءل. "الان نيأس؟ انتظر، فلا بد سيأتي يوم نحتاج به الى هذا اليأس".

        في نظر امي اليأس، مثل فرح الانتصار، هو شعور يجب استخدامه بتقنين. يكاد لا يكون له ابدا مبرر. فكمن نجت من هتلر وستالين، بدا لها ان اليأس الذي اصبت به صبح مساء هو نوع من الدلال، تماما مثل عدم الاكتراث الذي اظهرته (في احيان بعيدة، كما ينبغي الاشارة). "الوضع ليس جيدا جدا"، كانت توضح، وتحصي واحدا واحدا أسباب التشاؤم.

        "أمن هذا نيأس"؟ كانت تسأل بشك. "هل انتهيت لتوك من فعل كل ما يمكن؟".

        "لا"، اعترفت.

        "إذن بداية إفعل مع نفسك شيئا ما. واليأس سينتظر"، قالت، ولكني ملزم بالاعتراف بان غير مرة رغم الاقوال الجميلة لامي، كنت اسبح عدة اشواط في البركة المريرة السوداء والشفقة الذاتية قبل ان أخرج منها عائدا الى المسار.

        في الزمن الاخير، اكثر من سماع اصوات اليأس في اوساط معارفي واصدقائي. معسكر كامل تبنى لنفسه اليأس كموقف وجودي. كل شيء مقزز، كل شيء مثير للاعصاب، كل شيء ضائع. وفي هذه الاثناء يمكن العيش بالطبع، بل وبشكل لا بأس به، ولكن المستقبل اسود من السواد. "جففوا عظامنا وضاع أملنا، حسم قضاؤنا".

        وهم يسجلون واحدة واحدة القرائن على فقدان الامل: الجمود السياسي، أفول السياسة، الفساد والغباء من حولنا. كل مبادرة تشجيع سخيفة من اليمين، كل مناورة لاحد ما من جوقة المزيفين في الكنيست، كل تصريح هراء لرئيس الوزراء، كل تدوير لزاوية اخلاقية، تدل ظاهرا على انعدام الغاية في الفعل، تدعو الى الانطواء وراء عدم الفعل.

        هذا لا يعني أن الاشارات لا تنذر بالشر. الاشارات بالفعل تتكاثر، العناوين على الحائط بالفعل باتت أكثر كثافة. ولكن ماذا يفترض بنا أن نفعل بهذه الاشارات؟ الشر والسخافة ينتشيان حين يجلس معارضيهما مكتوفي الايدي. عدم الفعل هو نوع من التعاون. اذا ما صدقت أمي، فهو ايضا نوع من الدلال. ماذا يجعلكم تيأسون لتوكم؟ انتظروا، المسيرة لا تزال طويلة.

        الالية التي تدفعنا الى عدم العمل، حين يكون العمل هو رد الفعل الوحيد المناسب، العملي والاخلاقي، على التغييرات في الواقع هي آلية الدمار الذاتي، النبوءة التي تجسد ذاتها.

        الكنيسة الكاثوليكية عرفت كيف تشخص هذا المدى الشرير. فقد أدرجت اليأس، الكسل الروحي، بين الخطايا المميتة السبعة التي تقضي على الروح. أحيانا مثّل هذا المدى يهودا رجل القرى، الخائن الذي سلم يسوع الى قتلته وانتحر بيأسه. ظاهرا، من يستحق اكثر منه أن يشعر باليأس. ظاهرا لا كفارة على ظلم فظيع بهذا القدر. وعلى الرغم من ذلك فقد اعتقد رجال الدين الكاثوليك فانه هو أيضا كان يمكنه ان يتوب وان يختار الخير مرة اخرى. حتى هو، بتعبير اخر، لا يمكنه أن يدعي بان اليأس هو مخرجه الوحيد.

        حين نصطدم بالشر، بالحقارة، بالغباء، من واجبنا الاخلاقي ان نفعل كل شيء كي نصلح الخلل. الكسل الروحي الذي انتشر فينا يمنعنا من أن نرى الفرص والامكانيات، ان نشخص الشقوق الكثيرة في سور الشر. المجتمع في اسرائيل يحتاج أكثر من أي شيء آخر اليوم الى الكفاح الاخلاقي، الكفاح الذي يطرح على الساحة المعاضل التي يحسم حلها مستقبلنا.

        هذا الكفاح لا يمكن أن يتم فقط في صفحات الرأي. لا يمكنه أن يتم بين أصحاب القوة وبين من تخلوا عنه انطلاقا من القرف والانهاك.

        ما نحتاجه اليوم هو تنظيم سياسي للصامتين الكثيرين. ما نحتاجه هو الاستعداد لاستبدال النفور بالفعل. من السابق لاوانه اليأس.