خبر متى توقف امريكا النار ومتى تطلقها- يديعوت

الساعة 09:33 ص|28 مارس 2011

متى توقف امريكا النار ومتى تطلقها- يديعوت

رخصة لاطلاق النار في البحرين

بقلم: ناحوم برنياع

قبل بضعة أيام التقيت في بنغلور، عاصمة التكنولوجيا العليا في الهند مع محررة صحيفة محلية. في ذاك الصباح أخذت على عاتقها مهمة، ان تكتب مقالا افتتاحيا عن الاحداث في ليبيا. لثماني سنوات عملت كمحررة الصحيفة بالانجليزية في احدى امارات النفط. اللغة العربية دارجة على لسانها. وهي تعرف العالم العربي وحكامه عن كثب، بمن فيهم معمر القذافي.

قالت لي "صدقني، القذافي ليس مجنونا".

ومع ذلك، فهو ليس تقليديا، قلت.

قالت: "نعم"، "ولكنه يعرف بالضبط ما يفعله".

"انا لست واثقة باني أفهم الرئيس اوباما"، اضافت. "فهو يبعث بالطائرات كي يقصف القذافي ولكنه يصمت عندما يطلق الحكم في البحرين النار على المتظاهرين الذي يطالبون بحقوق الانسان والديمقراطية. أوليس هذا مثالا عن الازدواجية الاخلاقية الامريكية؟".

زعمها لم يكن عديم الاساس: من يبحث عن ثبات فكري في الرد الامريكي، والغرب باسره على الاحداث الاخيرة في العالم العربي، سيجد صعوبة في تلقي مبتغاه. قلت له انه قبل أن ترفع الادارة الامريكية الى عامود الاحراق الاخلاقي، لعله من المجدي ان تبحث في رد فعل حكومتها هي. فقد اختارت الهند الجلوس على الجدار، ان توبخ قليلا الحكام العرب الذين يطلقون النار على متظاهريهم، وتوبخ طفيفا امريكا وفرنسا اللتين تدخلتا في ليبيا، وان تكون على ما يرام مع الجميع. من يسعى الى ارضاء الجميع كل الوقت لن يكون قوة عظمى ابدا، قتلت: للسياسة الخارجية الهندية يوجد طموح ولكن لا توجد شخصية.

فقالت ان هذا سبق أن كتبته.

الرئيس اوباما يتأرجح بين قطبين. عندما بدأت الاحداث في ليبيا، اتهموه بانه يبدي عدم اكتراث تجاه معاناة المواطنين الذين قدر لهم ان يكونوا رعايا حاكم مجرم. والمطالبة بالتدخل العسكري الامريكي خلق تحالفا استثنائيا في الرحاب السياسي الامريكي: من جهة اليمين المحافظ الجديد، ذات اليمين الذي دفع الرئيس بوش الى اجتياح العراق، ومن جهة اخرى اليسار الليبرالي الذي مس الاضرار بحقوق الانسان في ليبيا بشغاف قلبه. أما وسائل الاعلام فشددت الاحساس بحالة الطوارىء ومجدت الثوار: المظاهرات في بنغازي بدت كاستمرار مباشر للمظاهرات في ميدان التحرير في القاهرة. وكان سهلا وصف القذافي كرجل الشر: فقد لعب هذا الدور بنجاح لسنوات طويلة.

حكومات اوروبا الغربية، بما فيها فرنسا، بريطانيا وايطاليا سارعت الى القفز الى عربة التدخل. فسعت الى تطهير نفسها من العناق الذي منحته للقذافي في الماضي. وكان الافتراض بانه مثل مبارك، تقرر مصيره. ومن الافضل لها أن تكون في الجانب المنتصر. هكذا ايضا قدرت هيلاري كلينتون.

لو كان اوباما ضبط نفسه لكان اعتبر ضعيفا وواهنا، وهي صورة يبتعد عنها الزعماء، ولا سيما زعماء الوسط – اليسار، كابتعادهم عن النار. وكان الحل ارسال الطائرات. الطائرات هي دوما قرار سهل. فهي تقصف وتعود الى قواعدها: لا قتلى امريكيين، لا احتلال.

ولكن في البحرين توجد قاعدة عسكرية كبيرة، ستؤدي دورا حيويا في كل مواجهة مع ايران. الصورة الذاتية لامريكا، كمعقل الديمقراطية في العالم، تراثها القيمي، دفعت اوباما الى التدخل في ليبيا. الاعتبار البرغماتي، المصلحة العظمى، دفعته لان يترك لحالهم حكام البحرين. الرؤساء الامريكيون قبل اوباما بحثوا عن نقطة التوازن بين هذين القطبين. واوباما ليس الاول. كما أنه لن يكون الاخير.

في أمريكا يبدو واضحا دوما تيار ثالث، ليس أقل اهمية – التيار الانعزال. فهو يتعزز على نحو خاص في فترات الازمة. في ضوء التورط باهظ الثمن في العراق، في ضوء الحرب التي لا تنتهي في افغانستان، والاساس في ضوء الركود الاقتصادي، فان أصواتا عديدة في السياسة الامريكية تسعى وتطالب بالانطواء في الوطن: الوطن مهمل، كما يقولون. البنى التحتية قديمة وبائسة. التعليم متخلف. لا يمكننا أن نسمح لانفسنا بان نواصل كوننا الشرطي العالمي. اذا كان سكان ليبيا ملوا القذافي أو سكان سوريا ملوا الاسد، فليجدوا السبيل للتخلص منهما بانفسهم. امريكا لا يمكنها أن تقوم بالعمل بدلا منهم.

لاسرائيل وللعالم اليهودي توجد بالطبع مصلحة وجودية في امريكا قوية وفاعلة، امريكا تبتعد عن الانعزالية. محظور النسيان، قلت لمحررة الصحيفة الهندية، بان امريكا انقذت العالم المتحضر، الديمقراطي، مرتين، في حربين عالميتين.

"نعم"، اصرت. "ولكن ماذا عن البحرين. حتى نفط لا يوجد لهم".