خبر فرصة اخرى لتفويت الفرص- هآرتس

الساعة 09:29 ص|28 مارس 2011

فرصة اخرى لتفويت الفرص- هآرتس

بقلم: عكيفا الدار

(المضمون: لو كان لاسرائيل رئيس وزراء لا يختص في هذه الايام في شؤون البقاء السياسي، لما كان سمح لهذا التفويت الاجرامي لفرصة مبادرة السلام العربية، المبادرة التي لن تُعاد مرة اخرى - المصدر).

        مرة اخرى في القدس "يتابعون عن كثب" النزاع لدى الجيران، هذه المرة الصدامات الدموية في سوريا، فهل اسقاط بشار الاسد جيد لليهود؟ هل يحتمل ان يحتل المتزمتون المتدينون مكان حكم الأقلية العلوية؟ ماذا سيكون مصير اتفاق فصل القوات في هضبة الجولان؟ ماذا ستكون سياسة النظام الجديد بالنسبة للحل السياسي للنزاع الاسرائيلي – العربي؟ كيف سيؤثر التحول السياسي على العلاقات الحميمة بين سوريا وايران، حزب الله وحماس؟.

        من الصعب ايجاد محلل جدي يخاطر في محاولة الرد على هذه الاسئلة. بالمقابل، بعد ستة اسابيع من اسقاط نظام حسني مبارك، حتى المتشائمين اليائسين لا يتحدثون عن استئناف المواجهة مع مصر. بالهزات الداخلية لم تنتقل الى الحدود مع اسرائيل. والحكومة المؤقتة في القاهرة ردت بضبط للنفس على غارات سلاح الجو في غزة. وعلى الرغم من ذلك، ففي مقابلة مع صحيفة "الحياة" الصادرة في لندن (ونشرت في نهاية الاسبوع في "هارولد تريبيون" ايضا) قال عمرو موسى الذي يعتبر أحد المرشحين المتصدرين لانتخابات الرئاسة، بشكل قاطع، انه اذا انتُخب رئيسا فسيحترم اتفاق السلام مع اسرائيل.

        لولا ضيق أفق وربما جُبن اولئك الذين يصفون أنفسهم "بالزعماء" لعله كان يمكن لنا ان نكون أكثر هدوءا حتى بالنسبة للتطورات في الشمال. فاليوم سيحل العام التاسع على إقرار مبادرة السلام العربية في قمة الجامعة العربية. كل الدول العربية، بما فيها سوريا، وفي أعقابها كل اعضاء منظمة الدول الاسلامية، تقدموا في حينه لاسرائيل بالاقتراح الأفضل الذي تلقته الدولة اليهودية منذ تصريح بلفور: نهاية علاقات العداء مع العالم الاسلامي، علاقات جيرة طبيعية مع الدول العربية، دولة فلسطينية في حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس، وحل عادل ومتفق عليه لمشكلة اللاجئين، على أساس قرار 194.

        وتركت المبادرة ثغرة لتبادل الاراضي مما يتيح ضم الأحياء اليهودية في شرقي القدس وبعض المستوطنات لاسرائيل، وكذا ترتيبات خاصة في الاماكن المقدسة. وثائق "الجزيرة" كشفت عن النهج البراغماتي لرئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، من مسألة العودة لاسرائيل في الاتصالات مع رئيس الوزراء اهود اولمرت. الى جانب ذلك حاول الرئيس الاسد استئناف المفاوضات مع اسرائيل في قنوات مختلفة، وابتلع إهانة قصف المفاعل السوري، الذي حسب منشورات اجنبية عُزي لذراع اسرائيل الطويلة.

        بدلا من السلام مع كل الدول العربية، شرع اريئيل شارون في غداة القمة بحرب مع الفلسطينيين. ردا على قتل 30 اسرائيليا في عملية لحماس في فندق "بارك" في نتانيا في ليل الفصح، بعث بالجيش الاسرائيلي لاعادة احتلال المناطق (حملة "السور الواقي"). وبالمناسبة، اقترح شارون في حينه "اتفاقا انتقاليا بعيد المدى" (أيبدو لكم معروفا؟)، مثابة نعطي لك كل اليد وأنت تريد الاصبع. مثل باقي اعضاء الجامعة العربية، تجلدت سوريا أمام قرار حكومة اسرائيل، في العام 2003، بادراج 14 تحفظ على خريطة الطريق.

        ومثل باقي الدول العربية، منذ 28 آذار 2002، صوتت سوريا ثماني مرات في صالح اعادة المصادقة على المبادرة. ومثل ثلاث سابقاتها، حكومة نتنياهو هي الاخرى، تجاهلتها. ولولا سلسلة الهزات الداخلية التي بسببها تأجل انعقاد القمة العربية الذي كان مقررا في بغداد هذا الاسبوع، لكان من شبه المؤكد أن يعود الزعماء العرب ليعلنوا هناك عن موت المبادرة. مفهوم من تلقاء ذاته ان المفاوضات على أساس المبادرة العربية لا تستوي مع مبادرة الاعلان في الامم المتحدة عن اقامة دولة فلسطينية في حدود 1967.

        زعماء حماس، الذين يتحسسون طريقهم الى حكومة وحدة معتدلة، يتكيفون مع الواقع الجديد الذي يتبلور في الشرق الاوسط. وهم يعرفون بأن ممثلي الأخ الأكبر – الاخوان المسلمين – سيجلسون قريبا في الحكومة المصرية، التي ستُبقي على اتفاق السلام مع اسرائيل. يحتمل ألا تبقى دمشق ايضا مدينة لجوء للارهابيين. في هذه الاثناء لا تزال المبادرة على الرف. لو كان لاسرائيل رئيس وزراء لا يختص في هذه الايام في شؤون البقاء السياسي، لما كان سمح لهذا التفويت الاجرامي لفرصة مبادرة السلام العربية، المبادرة التي لن تُعاد مرة اخرى.