خبر الغرب يرتب الوضع -يديعوت

الساعة 09:26 ص|22 مارس 2011

الغرب يرتب الوضع -يديعوت

الديمقراطية بمعونة السيف

بقلم: أفيعاد كلاينبرغ

(المضمون: من يريد أن يجعل العالم ديمقراطيا بالسيف، سيجد نفسه متورطا في حرب لمئات السنين القادمة - المصدر).

        في ليبيا تدور رحى حرب أهلية. حتى وإن بدأت الحرب كانتفاضة مدنية ضد طاغ، واضح أن ليس هذا هو الوضع الان. الطرفان مسلحان، وكلاهما يستخدمان السلاح للامساك بالحكم.

        معظمنا لا نعرف الكثير عن الثوار. فهل هم محبو حرية وحقوق الفرد أم – وهو أكثر معقولية – مجموعات قبلية دحرهم القذافي الى الهوامش ومؤيدون سابقون وجدوا في الثورات في المنطقة فرصة لازاحة الحاكم والحلول محله؟

        في ظل غياب معلومات واضحة عن الثوار، من السهل علينا ان نؤيد صراعهم ضد القذافي، الطاغية غريب الاطوار الذي حديثه مثير للسخرية ولباسه غريب. مريح لنا التفكير بان كل خيار آخر افضل منه. ولكن هل نحن بالفعل في الغرب نعرف ما نفعل؟ هل ينبغي التأييد التلقائي لكل كفاح ضد طاغية في ثقافة الطغيان فيها هو طريقة الحكم السائدة؟

        فضلا عن ذلك هل التدخل في صراعات القوى في دولة ما في العالم الثالث هو فكرة جيدة؟ تاريخ محاولات التدخل الغربية في العالم الثالث اشكالي. اسقاط صدام حسين وان كان حرر العراق من عبء طاغية مجرم، ولكنه جلب في أعقابه دمار فظيع لدولته، ضعضعة  خطيرة للاستقرار في المنطقة، صعود قوى اسوأ بأضعاف وسفك دماء كلف أكثر بكثير من عدد ضحاياه.

        صحيح، التدخل الامريكي في العراق كان ينطوي على أخطاء جسيمة، لم يكن لها أي صلة بمجرد اسقاط الطاغية، ولكن أوليست هذه الاخطاء تدل على أن الغرب – بكل قوته التكنولوجية – فشل غير مرة في فهم النسيج المعقد للقوى السائدة على الارض؟

        ليس صدفة أن تطالب كتابات أبي الطب هيبوقراط، "أولا لا تضر". فقد حاولت الولايات المتحدة في الماضي ان تكون مجدية فتبينت ضارة. ففي الصومال مثلا تدخلت ادارة كلينتون كي تحمي المواطنين من نظام طاغية الا ان الوضع في الصومال لم يتحسن حقا. ومن يتذكر على الاطلاق اليوم محمد ايديد الصومالي، الذي عرض في حينه كتهديد خطير على السلام العالمي؟ كلاهما، ايديد والقذافي، اللذان ليسا كارهين للغرب، والقذافي - مهما كان طاغية – ليس حتى الاسوأ بين الطغاة في عالمنا، وبالتأكيد ليس من كبار القتلة فيه.

        من يريد أن يجعل العالم ديمقراطيا بالسيف، سيجد نفسه متورطا في حرب لمئات السنين القادمة.

        ظاهرا هناك شيء وحشي في مطلب الامتناع عن التدخل العسكري في نزاعات داخلية. ظاهرا الوقوف مكتوفي الايدي هو استعداد للسماح بالشر وبالطغيان. غير أن العالم ليس منظومة تسعى الى التوازن الاخلاقي. هو منظومة تسعى الى التوازن بين القوى. التدخل الفظ لطرف ثالث يمكن أن يحدث ضررا أكبر بكثير من أي منفعة – ولا سيما عندما يكون تدخلا فيه قدر لا بأس به من ازدواجية الاخلاق (في هذه الاثناء لا يوجد احد في الغرب يدعو الى اسقاط حاكم اليمن، رغم القبضة الحديدية التي يقمع بها الثورة المدنية في بلاده).

        لا يعني الامر أنه يجب الجلوس دوما دون فعل. عندما ينشغل حاكم أو مجموعة في قتل شعب، مثلا، فان مسائل توازن القوى يجب أن تتراجع الى الهوامش. بقدر ما يشبه الامر حكم المطارد (في الدين اليهودي) – عندما يطارد شخص ما رفيقه بسكين ممشوقة، مسموح ايقافه بكل وسيلة دون اعتبارات زائدة ودون اجراءات مرتبة.

        هذا لا يعني أنه في هذا الاختبار فشل الغرب المرة تلو الاخرى. فالمذبحة في رواندا تمت دون أي تدخل عسكري أمريكي، مثلما حصل في المذبحة في الكونغو أيضا. في دارفور استمرت المذبحة دون تدخل عسكري. السبب الرئيس للتدخل العسكري في ليبيا هو أن هذا سهل، والاثار لن تضر، كما من المعقول الافتراض، بالغرب، وطالما لم يقتل امريكيون في المعارك، فهذا قرار شعبي في الغرب، مفعم بحلم التحول الديمقراطي في العالم العربي.

        هل هذا سيجدي؟ هل من الان فصاعدا سيعنى الغرب بتغيير الحكم في كل مكان لا توجد فيه ديمقراطية ليبرالية؟ من المعقول الافتراض بان الجواب على هذين السؤالين سلبي.