خبر تسعير القذافي -هآرتس

الساعة 09:25 ص|22 مارس 2011

تسعير القذافي -هآرتس

بقلم: عكيفا الدار

(المضمون: سيصعب على اوباما أن يُبين غداة العملية العسكرية في ليبيا للعرب لماذا هو بطل كبير في مواجهة زعيم عربي يقمع أبناء شعبه في حين يساعد زعيما يهوديا يستخف بأمريكا - المصدر).

        يجب أن يذكر هجوم التحالف على قوات معمر القذافي، بتشجيع من الجامعة العربية، بنيامين نتنياهو بهجوم التحالف الغربي – العربي على العراق في مطلع 1991. إن التسعير الذي عرضه العرب على الرئيس الامريكي (الجمهوري) جورج بوش الأب، لتأييدهم الحرب على عضو في جامعتهم، كان جر رئيس حكومة اسرائيل اسحق شمير الى مؤتمر سلام دولي في مدريد. طلب بوش الى شمير ان يختار بين توسيع المستوطنات وبين مضاءلة المساعدة الامريكية.

        أيد نتنياهو قرار شمير على محاولة الالتفاف على البيت الابيض والحصول على الضمانات لاستيعاب الهجرة من مجلس النواب الامريكي من غير ان يوقف لحظة واحدة البناء اليهودي وراء الخط الاخضر. انتهى هذا بخسارة في مجلس النواب الامريكي وبعد ذلك بخسارة السلطة في اسرائيل. في غد العملية العسكرية في ليبيا سيصعب على اوباما أن يُبين للعرب لماذا هو بطل كبير في مواجهة زعيم عربي يقمع أبناء شعبه، في حين يساعد زعيما يهوديا يسلب اراضي أبناء الشعب العربي ويستخف بامريكا. التدخل الامريكي في ليبيا سيصعب على اوباما ايضا احباط اعتراف الامم المتحدة بدولة فلسطينية في حدود 1967 في ايلول القريب. يجند نتنياهو مرة اخرى الأكثرية الجمهورية في مجلس النواب الامريكي، ولا سيما اعضاء وعضوات من معسكر سارة بايلين، لكن ليس لمجلس النواب الامريكي سلطة التدخل في قرارات تتعلق بالتصويت في الامم المتحدة. بل انهم في "ايباك" يدركون بيقين انه لا يحسن ان يجعلوا اليهود هم الذين اضطروا الولايات المتحدة الى ان تكون الدولة الوحيدة في العالم التي ترفع يدها معارضة منح الفلسطينيين استقلالا.

        سبيل اوباما الوحيدة ليمنع نفسه من الاختيار بين الطاعون والكوليرا هي ان يربط من جديد محمود عباس بنتنياهو. وكي يجمد عباس اجراء الاعتراف في الامم المتحدة ويوافق على تجديد التفاوض في التسوية الدائمة، سيجب على نتنياهو ان يُخرج من فمه الكلمات السحرية، "سيقوم الاتفاق على حدود الرابع من حزيران 1967". اذا لم يعد رئيس الحكومة بأن تظهر هذه الجملة المفتاح في خطبة بار ايلان الثانية فسيتلقاها في خطبة اوباما الثانية في القاهرة. وكما ان ليبيا لن تكون ليبيا نفسها فان القاهرة كما تعلمون ليست القاهرة نفسها. القدس وحدها تبقى القدس نفسها، حتى تطأ بقوة كبيرة على الثآليل في واشنطن.

        تربية على السلام

        قال نتنياهو في اطار نضاله للتحريض الفلسطيني على اسرائيل، لعائلة بوغل الحزينة "هم يقتلون ونحن نبني". ليس هذا بطبيعة الامر تحريضا على الجمهور الفلسطيني كله. وكيف نبني ثقة مع الجيران؟ وثقت متطوعات رقابة الحواجز بالكلام والصور مناظر بيوت سكان قرية عورتا المجاورة لايتمار التي تشرفت من غد عملية القتل الوحشية بزيارة جنود الجيش الاسرائيلي. كان ثمة أثاث محطم، وأقفال مكسورة، واجهزة كهربائية مهشمة، وجدران مهدمة، ومحتويات خزائن منثورة في كل زاوية مختلطة ببقايا الطعام والبراز. اشتكى بعض السكان من سرقة حلى ذهبية ومال نقد.

        كانت القرية في حصار اربعة ايام ومُنع كل دخول اليها. داهم مئات الجنود جميع البيوت، ولزوا الرجال في الاعمار من 15 – 55 سنة الى الجدران وقيدوا أيديهم وجردوهم من ملابسهم وأجروا تفتيشا على أجسامهم. وأُخذ أكثر من 50 رجلا الى المعتقل. في غضون ذلك دخل القرية مستوطنون من ايتمار وإزاء نواظر الجنود رموا البيوت بالحجارة مع صرخات "الموت للعرب". تضررت ثلاثة بيوت وكُسرت في عدد من الساحات أقفال أغطية آبار الماء وسُكب الماء في كل اتجاه.

        مع خروج الجنود من القرية داهم مستوطنون ارض أحد سكان القرية، واقتلعوا 120 شجرة زيتون، وسووا الارض بالجرافات وشقوا طريقا من ايتمار الى البؤرة الاستيطانية الجديدة التي انشأوها في المكان وطريقا اخرى نحو الشارع الذي يفضي الى مستوطنة ألون موريه. كل ذلك على اراضي القرية التي ندد سكانها علنا بعملية القتل في ايتمار. وكل ذلك تحت أبصار جنود الجيش الاسرائيلي ومراقبي الادارة المدنية. تُسمي وسائل الاعلام الاسرائيلية اعمال تنكيل من هذا القبيل "تسعيرا". مثل التسعير في رف الخضراوات في حانوت.

        منذ 1998 وقعت اربعة حوادث قتل في منطقة ايتمار وأفضت الآثار الى القرية وما حولها. لم يفرض الجيش الاسرائيلي حصارا على البلدة ولم يستوطن بيوت السكان. في حالة واحدة فقط (غور هامل، الذي حطم جمجمة شيخ فلسطيني) تم القبض على القاتل وحُكم عليه بالسجن المؤبد. أما في سائر الحالات فلم يُعتقل أحد أو أُفرج عن المشتبه فيهم لعدم وجود الأدلة أو لأن المتهم هرب ولم يُعرف له أثر.

        "الدعاوى غير معروفة"، هذا ما جاء في رد متحدث الجيش الاسرائيلي. "إن قوة الجيش الاسرائيلي التي عملت فقط في قرية عورتا، اعتقلت عددا من المشتبه فيهم بالقتل في ايتمار وضبطت عشرات الوسائل القتالية. وأجرى ممثلو الادارة المدنية الذين صاحبوا القوة صلة متصلة بسكان القرية. يتوجه الجيش الاسرائيلي الى السكان الذين يشعرون بأنه جرت عليهم مظلمة ليُقدموا شكوى عن طريق الجهات ذات الصلة ومنها الشرطة العسكرية المحققة. إن عدم وجود تفصيلات دقيقة يصعب استيضاح الحوادث ومع الحصول عليها سيتم في الجيش الاسرائيلي تحقيق عميق لكل واقعة. يقوم الجيش الاسرائيلي بكل ما يستطيع لمنع أحداث عنف واحتكاكات بين طوائف السكان المختلفة في منطقة يهودا والسامرة. وقد جرى تعزيز القوات إثر الحوادث الاخيرة".

        بمناسبة ذكر حملة نتنياهو الدعائية على التحريض الفلسطيني، يحسن ان نذكر أن "مقياس التحريض" لديوان رئيس الحكومة الذي نشر من غد عملية القتل في ايتمار، يشير خاصة الى اتجاه انخفاض لمقدار التحريض في السنة الماضية. اليكم مختارات مقتبسة من موقع الديوان الرسمي: "معدل الدرجة النهائي لهذا الربع (الاخير من سنة 2010) كان أقل قليلا من نفس الربع من العام الماضي، وهو الأقل بين خمسة مقاييس الأرباع حتى الآن... لم توجد في الأكثر حالات تحريض صريح على العنف والارهاب... يمكن ان نقول انه سُجل عدد أقل من حالات التحريض من مصادر دينية".