خبر تحريض برعاية الدولة- هآرتس

الساعة 09:18 ص|20 مارس 2011

تحريض برعاية الدولة- هآرتس

بقلم: تسفي برئيل

(المضمون: الدولة اليهودية مشاركة للمحرضين العنصريين اليمينيين الذين يحرضون على العرب داخل اسرائيل ولولا أنها كذلك لعملت على إسكات المحرضين وتعويض المتضررين العرب - المصدر).

سيارة محترقة تُحدث لهيبا كبيرا مضيئا. وسيارة محترقة للطلاب العرب لا تُضيء أكثر من شمعة دقيقة. إن احراق سيارات في عالم الاجرام موضوع عناوين صحفية و"موضوع" مركزي في نشرات الاخبار. وعندما يحرق متطرفون يمينيون سيارات طلاب عرب في صفد يكون ذلك أمرا رتيبا تقريبا لا يثير العناية.

        عندما "يحرض" فلسطينيون على اسرائيل فان ذلك موضوع احتجاج دولي أو على الأقل تحميل البريد الالكتروني نشرات ممولة جيدا لمعهد رقابة وسائل الاعلام الفلسطينية، الذي يحدد بمساعدة مترجميه كل جُذاذة معلومات فيها ما يبرهن على ان السلطة الفلسطينية أو فتح أو جهات تابعة لهما مشغولة بنشر ثقافة كراهية اسرائيل. لكن عندما يقول الحاخام شموئيل الياهو، حاخام صفد، في مؤتمر انه عندما يؤجر شخص أو يبيع عربيا شقته فانه بحسب الشريعة اليهودية ينبغي تعويض جيرانه بسبب انخفاض أسعار الشقق، وأن الحل هو التشجيع على هجرة العرب – عندها تدور الأعين فجأة وكأنه لم يسمع أحد ولم يرَ. لم يسمع أحد ايضا الياهو ذاك يقول في درس ألقاه في ايتمار بعد مقتل عائلة بوغل، أن شخصية أمنية توجهت اليه كي يعمل في مقاومة نشاط ارهابي يهودي قد يأتي إثر عملية القتل، وكان جوابه "قلت: اذا كنت تتوقع أن أمنع من ينفذ "رد الصاع صاعين" – فانك مخطيء. أنا لا أعمل عندك. لكنني أريد أن أقول لك انه اذا لم تعمل السلطة فان الجمهور سيشعر بالحاجة الى العمل. واذا لم تعملوا أنتم، فانني حتى لو وقفت على يدي حتى أقصى حد فلن أنجح في وقف من يريد العمل".

        سيكون من الخطأ الكبير تعريف كلام الياهو بأنه تحريض. ان كلامه يُعبر عن تصور عام كامل، تشارك فيه دوائر واسعة من الجمهور من المتدينين والعلمانيين، في اسرائيل والمستوطنات، وليس أقل من ذلك انه منتشر بين اعضاء كثير في الحكومة والكنيست. لا يصوغ الياهو نظرية جديدة، فهو في الأكثر يترجم الى لسان البشر مصطلح "دولة يهودية"، يوسع حدودها حتى نهر الاردن.

        يرسم الياهو وشركاؤه في طريقه وفي رأيه بيد واثقة خريطة الحدود الجديدة للدولة اليهودية، بحسب المباديء العنصرية والقيم الفاشية التي تُصاغ في الكنيست. يمكن أن نلاحظ الخطوط العامة في هذه الخريطة في سهولة: فهي تتلوى وتعوج حول كل بيت أو حي أو قرية أو مدينة يسكنها العرب، وهي تلتف وتحتضن كل مستوطنة وبؤرة استيطانية حتى يتم الحصول على صورة ثنائية اللون تثير القشعريرة. اللون الاول للمناطق التي يجب ان تكون خالية من العرب واللون الآخر للمناطق الخالية من اليهود. كل واحد يعلم جيدا أين يجوز له السكن وأين يُدفع الى منطقة ليست له.

        هذه خريطة تصاغ عن طريق احراق سيارات الطلاب العرب والاعمال الارهابية التي تتمتع بوصف "التسعير"، ومنع تأجير العرب في اسرائيل شققا، والسيطرة على اراضي العرب في المناطق المحتلة وفي شرقي القدس. انها خريطة ترمي الى منع جعل اسرائيل دولة ثنائية القومية والى تطهير المعسكر اليهودي، ليس هذا تحريضا. انه عمل سلمته حكومة اسرائيل للحاخام الياهو ومؤيديه باعتبارهم مقاولين ثانويين.

        يعيش الياهو بين شعبه لا في مدينته صفد وحدها بل في دولة اسرائيل التي تُبيح لأمثاله الكلام على هذا النحو على حساب خزانة الدولة. لا يجب ان تحقق أي لجنة من الكنيست فيما يقول الياهو وحاخامو مدينة صفد للكشف عن مصادر تمويلهم ومن الذي يدفع في مقابلة كلام التحريض. لا يقف من ورائه منظمات محافظة في الخارج من النوع الذي يمول الرقابة على وسائل الاعلام الفلسطينية، ولا جمعيات صدقة انجليكانية من النوع الذي ينفق على شراء بيوت في شرقي القدس. فأموال دافع الضرائب الاسرائيلي تفعل ذلك.

        لا توجد طريقة اخرى لتفسير الدعم المالي والفكري الذي يحظى به الحاخام الياهو سوى انه يقترح طريقا عمليا لتنفيذ مطامح الحكومة الخفية. لو كان أحد في الحكومة يعتقد ان نهج الياهو ومؤيديه ليس نهجه لاقترح مثلا تعويض الطلاب العرب عن احراق سياراتهم، كما يُعوض كل متضرر من اعمال الارهاب. لانه لا توجد طريقة اخرى لوصف هذا الضرر. إن من هو مستعد فقط لادارة عينيه أو التنديد بكلامهم باعتباره تحريضا، يُضيع الشيء الأساسي وهو ان الدولة شريكة لهم.