خبر الذبح في ايتمار- هآرتس

الساعة 09:54 ص|17 مارس 2011

الذبح في ايتمار- هآرتس

بقلم: يسرائيل هرئيل

حتى هذا الاسبوع لم يجرِ بحث التحريض برغم كونه قديما، باعتباره موضوعا مركزيا في جلسة حكومة. وفي وسائل الاعلام ايضا يشغلون أنفسهم به، في ضبط للنفس اسرائيلي نموذجي عندما يضطرون الى ذلك فقط كما في هذا الاسبوع.

أعدت "أمان" لحينه لوسائل الاعلام وثيقة جمعت فيها كلام تحريض وأفاعيل اخرى – تشتمل على أوامر بتنفيذ عمليات – من ياسر عرفات. أمرت حكومة اسحق رابين – حينما انفجرت الحافلات مع ركابها – بخزنها. ووسائل الاعلام، بخلاف تام للغريزة الصحفية الطبيعية، كانت راضية. حتى عندما دارت مقاطع مصورة مكشوفة مثل الشريط المسجل الذي وعد فيه عرفات بالخروج للجهاد بعد ان ينجح في أن يُعيد ألوية تونس الى فلسطين – رفضوا في البلاد إسماع كلامه وبثه. لم يكن يوجد انترنت بعد في البلاد.

الواجب المهني على وسائل الاعلام أن تبلغ عن التحريض وهي تتجاهل. واسوأ من ذلك أنها تُنقي الوباء. دخل الى الفراغ الصحفي جمعية "بي.ام.دبليو" (الرقابة الفلسطينية على وسائل الاعلام). فهذه تزود الجميع بمواد تحريض تُسمع وتُشاهد وتُكتب في الاعلام الفلسطيني المُدار والموجه كما في كل دولة عربية أو اسلامية على أيدي السلطات.

لا تكاد توجد وسيلة اعلام اسرائيلية تستعمل استعمالا ذا شأن الاشرطة والمقاطع الصحفية التي تُذيعها "بي.ام.دبليو". لأن التحريض يخالف ما تريد وسائل الاعلام أن تُظهره أو تُسمعه عن الفلسطينيين. واذا كنا قد ذكرنا الجمعية – وشبيهاتها – فلنؤكد أنها "يمينية". والرسالة هي: أخفِ الحقيقة وانتمِ الى معسكر السلام.

إن اولئك الذين يؤمنون خاصة بأن السلام ممكن وأن الفلسطينيون شركاء كان يجب عليهم أن يكونوا أوائل من يقولون الحقيقة عن التحريض وأن يوبخوا شركاءهم. انهم بالتجاهل وبالاخفاء المتعمد للحقيقة، وهذا اسوأ، يضرون بمصداقيتهم، وبهوى أنفسهم في الأساس. لأن الجمهور في عصر الانترنت يقينا سيعلم الحقيقة في نهاية الامر. لكن القدرة على الانكار غير متناهية.

لا يمكن اثبات علاقة مباشرة بين المذبحة في ايتمار والتحريض اليومي. الاسباب جذورها أعمق كثيرا. على مدى سنين ذُبحت في الجزائر قرى كاملة – نحو من 300 ألف من الضحايا أو أكثر – وذُبح آلاف الاطفال. وكذلك في دارفور ولبنان وسوريا والعراق وفي مناطق اخرى في العالم الاسلامي ذُبح ناس بشتى طرق الموت. التحريض الفلسطيني تعبير عن هذا الطابع القاتل وليس هو سبب وجوده.

إن منظمات حقوق الانسان في العالم وفي اسرائيل، التي تُدير دعاية عالمية على اسرائيل بسبب كل شجرة تُقتلع في منطقة يتسهار، تُقل تناول الفظائع التي تُنفذ في أنحاء العالم الاسلامي وتُبلغ التقارير عنها في بخل شديد. وهي غير ملائمة للسلامة السياسية السائدة لا في اسرائيل وحدها، تجاه القتل العربي والاسلامي.

حتى إن الغريزة الصحفية الأساسية التي تثور إثر مقتل طفل صغير تُقمع – من اجل الحفاظ على بقايا التصور المتوهم وفي أمل (مبرهن عليه) أن ينحرف انتباه الجمهور عن المعنى السياسي والاخلاقي للمذبحة بسبب أحداث جديدة.

لا يمكن إنكار العمل الفظيع في ايتمار، لكنه يمكن أن يُزعم (في لطف) أن الضحايا جلبوا ذلك على أنفسهم. وفي حين أن الجثث مستلقية في بقع الدم، كانت آلة الدعاية قد بدأت تُلقي بالتبعة على محيط الضحايا. ليرحمهم الله.