خبر تناسب مُقلق -هآرتس

الساعة 09:09 ص|15 مارس 2011

تناسب مُقلق -هآرتس

بقلم: الون عيدان

(المضمون: تؤكد اسرائيل بردها على القتل في ايتمار ببناء 500 وحدة سكنية في المستوطنات أن الاستيطان يساوي القتل وأنه عمل انتقامي آثم وإن يكن أكثر تهذيبا من القتل نفسه - المصدر).

        كان الرد سريعا. ففي ليل السبت، بعد يوم من العملية في ايتمار، قررت لجنة وزارية للاستيطان اجازة بناء مئات الوحدات السكنية في عدد من مستوطنات الضفة الغربية. وفي صباح يوم الاحد، خلال جلسة الحكومة، قال وزير الداخلية ايلي يشاي، انه يجب بناء "ألف وحدة سكنية جديدة عن كل قتيل على الأقل". وقد عبّر وزير البناء والاسكان اريئيل آتياس ايضا عن تأييد البناء في الضفة ردا على مقتل خمسة أبناء عائلة بوغل. "يجب تغيير المعادلة والبناء في القدس ويهودا والسامرة. يجب تعزيز الاستيطان وهذا هو الوقت"، قال.

        في النقاش الذي تم للمسألة أُثيرت عدة امكانات للبناء في المستوطنات ردا على العملية. من جملة ما تم اقتراحه انشاء مستوطنة جديدة، أو توسيع ايتمار، واستقر الرأي في نهاية الامر على بناء 500 وحدة سكنية في المستوطنات. في مساء يوم الاحد زار بنيامين نتنياهو بيت والدي القتلى، عائلتي بوغل وبن يشاي، في القدس. قال رئيس الحكومة في الزيارة "هم يقتلون ونحن نبني". وتناول اهود باراك القضية هو ايضا وقال "هذا رد موزون على العملية في ايتمار".

        كان القتل في ايتمار مزعزعا بكل مفهوم. يصعب تفهم كيف يمكن ذبح طفل. ويصعب تصور كيف يستطيع انسان وليكن وضعه النفسي ما كان، قتل خمسة من أبناء عائلة واحدة بيديه، بسلاح بارد، وجها لوجه، بغير واسطة تكنولوجية قد تُبعده عن الوضع بقدر ما.

        إن تطرف العملية وقسوتها أعملا الغرائز الأكثر أساسية في القيادة الاسرائيلية. اختل الوضع. نشأت لحظة ما، نادرة بالمفاهيم السياسية، عملت فيها الغرائز عملا مباشرا وطرحت عنها لباس التنكر اللغوي المعتاد. وهكذا بقي خارج غرفة المناقشات كل ذرة من التفكير السياسي، كذاك الذي يفترض أن يغطي الغريزة الانتقامية بلباس عقلاني.

        هذا هو السبب الذي من اجله وُلدت بلا انتباه المعادلة التي صاغها نتنياهو جيدا: هم يقتلون ونحن نبني. انها معادلة ذات رائحة منسوخة قوية تضع في مركزها من الجهة العاطفية العلاقة التناسبية بين جزئيها: فهم ونحن قتلة إزاء بُناة. بيد أنه تحت ذلك التناسب، ومن خلال النغمة التي تُسمع على نحو جيد والشعور بالتوازن التبسيطي الذي تُنشئه المعادلة، يكمن تصور عميق يثير الاهتمام للقيادة الاسرائيلية يتعلق بالمشروع الاستيطاني. يتبين أن الحكومة – الأكثر يمينية بين جميع حكومات اسرائيل – ترى البناء في المناطق موازيا للمس بقلب السكان الفلسطينيين.

        على حسب المعادلة يساوي رفع سكين بناء جدار، وتساوي نفس الانسان مائة وحدة سكنية. إن المساواة بين قيمة الانسان وقيمة اللبنة تهذيب ثقافي مفهوم – فاسرائيل تفضل البناء على القتل. لكن هذا التهذيب ايضا لا يلغي القيمة السلبية التي تمنحها الحكومة للبناء في المستوطنات.

        لما كانت العملية عملا فلسطينيا وحشيا موجها على اسرائيل، في اللحظة التي أُقيم تجاهه على نحو غريزي تقريبا سلاح "البناء الاسرائيلي في الضفة"، اعترفت اسرائيل بأن مشروع الاستيطان هو تجسيد عمل انتقامي، وعملية قاسية اسرائيلية، مهذبة حقا موجهة على الفلسطينيين. واذا أردنا التبسيط فنقول إن غريزة الانتقام حققت بصورة "حضارية" التصور الأساسي "العين بالعين والسن بالسن"، وكانت هذه نتيجتها: سنرد على عملهم الآثم بعمل آثم منا. يجب تأكيد كلمة آثم. هذه هي طبيعة المعادلة وهذه هي طبيعة التناسب.