خبر الثورة".. وليس الخنوع قدر الأمة! ..بقلم/ توفيق السيد سليم

الساعة 08:49 م|12 مارس 2011

الثورة".. وليس الخنوع قدر الأمة! ..بقلم/ توفيق السيد سليم

 

بات من نافلة القول أن "الثورة" بكل مفرداتها ومعانيها، باتت كلمة السر التي تحرك شعوب الأمة المسحوقة والمنهوبة والمظلومة... للوقوف في وجه الظَلَمة والطواغيت ووكلاء الاستعمار وأزلامه الذين تربعوا على صدرها منذ عشرات السنين وعاثوا فيها فساداً وإفساداً...

 

وللثورة في قاموسنا وفلسفتنا وثقافتنا مكان، فقبل ما يزيد عن ألف وأربعمائة عام، كانت الأمة على موعد مع الثورة.. ثورة غيّرت وجه التاريخ.. وأعادت رسم خارطة العالم على أسس من العدالة والحرية والمساواة في الحقوق والواجبات.. ثورةٌ كان قائدها الثائر الأول مُلهم الثوار إلى يوم الدين.. "محمد" صلى الله عليه وآله وسلم، الذي تمكّن رغم تعقيدات المرحلة آنذاك من الوقوف متحدياً ورافضاً لكل القيم الفاسدة التي كانت تحكم المنطقة... ولتبدأ بذلك مرحلة الثورة على الواقع نحو تحقيق إنسانية الإنسان وترسيخ آدميته التي جبلها الله عليه...

 

فالإسلام كحالة ثورية يجعل أتباعه (أفرادا ومجتمعات) في حالة تمرد إيجابي وصولاً الى أرقى الحالات وأكملها ليتحقق لهم بذلك سعادة الدارين في الأولى والآخرة... حتى ولو غُيّبوا في الزنازين ونُفوا من الأرض وعُلّقت أجسادهم على أعواد المشانق... فالثورة قدر الأمة، وأما حالة الخنوع التي مرت بها في العقود الماضية بسبب بعدها عن مصدر عزتها وكرامتها (ما ترك قومٌ الجهاد إلاّ ذلوا) فإنما هي حالة استثنائية وطارئة وفي طريقها الى الزوال...

 

وتأصيلاً على ما سبق، جاءت كل الحركات الثورية المنبثقة من رحم الإسلام الحقيقي باعتباره شريعة ومنهاج حياة، لتعيد للأمة مجدها، وللتاريخ حيويته، وللحقيقة بريقها، وللمستقبل آماله منذ جمال الدين الافغاني وحسن البنا وسيد قطب والدكتور الشهيد المفكر فتحي الشقاقي، الذي ببركة فكره الذي انتشر في الآفاق ودمه الذي سيّج حدود الوطن والتاريخ، يمضي الثائرون في فلسطين إلى ربهم متسربلون بدمهم، حاملين ما تبقى من أشلائهم وآهاتهم وعذاباتهم... ليشعلوا بذلك شرارة الثورة الكامنة في الأمة التي حاول البعض استلاب إرادتها وحرف بوصلتها...

 

 ولذلك فإن المشهد اليومي الذي بات يجوب الكثير من العواصم والمدن العربية المفعم بالحيوية والارادة الصادقة بإحداث التغيير لم يكن ليفاجأنا نحن أهل فلسطين أصحاب الثورات التي لا تهدأ منذ فجر التاريخ رفضاً للظلم والاستعباد... فهذه هي سنة الله في أرضه.. "دولة الظلم ساعة ودولة الحق الى قيام الساعة"... فالظلم مهما انتفش وعربد حتما الى زوال ولن يبقى على وجه الارض إلا الأطهار والاحرار...

 

وأمام ذلك المشهد لا بد أن نزداد يقينا بصوابية الاطروحات التي جاء بها المفكرون الأوائل والمجددون من أمثال الدكتور الشقاقي الذي آمن بحتمية الثورة على الواقع الظالم الذي يحياه الشعب الفلسطيني، ومن خلفه الأمة المسلوبة، معلناً إمكانية وحتمية هزيمة السيف ببركة الدماء النازفة من أجساد الثوار والمنتفضين على الظَلَمة والطواغيت، وليؤكد أيضا أن الكف المشرعة بالحق بإمكانها الصمود في مواجهة "المخرز" الذي يقطر دماً من أجساد المضطهدين والمسحوقين والمحرومين... في مشهد يقودنا إلى عبق التاريخ حيث سمية وعمّار وبلال بن رباح...

 

ونحن نراقب إعصار التغيير متنقلا بين العواصم العربية، حريٌ بنا نحن الفلسطينيون الأكثر مظلومية على وجه الأرض في العصر الحديث، أن نستعيد دورنا الريادي والثوري لمواجهة الباطل، ومواجهة الاحتلال والانقسام النكد وتبعاته، حتى نتمكن من تصويب عجلة التاريخ وتحديد بوصلة الأمة الثائرة من جديد باتجاه فلسطين وفي القلب منها القدس التي تئن تحت أسنة الجرافات ومعاول الهدم والتغيير والتهويد... ولنصرخ "لا" في وجه كل من يريد لهذا الشعب الذل والهوان والانقسام بعد أن كان مضرب الامثال للعزة والكرامة والأنفة على مر التاريخ...

 

فلا عذر إذن لكل المترددين عن اللحاق بركب الثائرين.. فالتاريخ لن يرحم، والذاكرة لن تنسى.. ولا وقت إلا للعمل.. لتغيير الواقع واستنهاض الهمم والانطلاق نحو بوابات المجد والعزة والكرامة.. هذا "على ما أظن" لسان حال كل الغيورين على الأمة ومصالحها المستباحة وتاريخها المسروق وأمجادها التي يحاول "وكلاء الاستعمار" وأزلامه طمسها وتجاوزها.

 

   *نقلا عن صحيفة الاستقلال- غزة