خبر ومن لا يُقاطع؟- هآرتس

الساعة 11:58 ص|10 مارس 2011

ومن لا يُقاطع؟- هآرتس

بقلم: يوسي ملمان

(المضمون: تدعو اسرائيل دول العالم الغربي الى تشديد العقوبات على ايران والقطيعة مع الشركات والاتحادات التي تتاجر مع ايران في حين انها هي نفسها تتاجر مع شركات لها علاقات تجارية بايران - المصدر).

سرّي – تحاول حكومة اسرائيل بتأخر كبير أن تدفع الى الأمام بقانون شامل، يحدد السياسة القومية تجاه ايران. يعمل في صياغة القانون مستشارون قانونيون لوزارات الحكومة. وهدف المباحثات هو "ملاءمة" قرارات الامم المتحدة التي تفرض عقوبات على ايران وملاءمة الدول الغربية التي أصبح لديها قوانين تمنع أو تُقيد الاتجار معها؛ يبدو أن اسرائيل هي الدولة الوحيدة في الغرب التي لا يوجد في قوانينها تناول لهذه القضية.

        اسرائيل في واقع الامر غير محتاجة الى قانون جديد. فهي تملك الآن ما يكفي من الوسائل القضائية والادارية – مثل قوانين الاتجار مع العدو التي تحظر الاتجار مع ايران، وقانون من 2008 يمنع الاستثمارات في اتحاد اجنبي يتاجر مع ايران. والمشكلة ان الدولة لا تطبق القانون الموجود.

        تم الكشف في الماضي في هذا العمود الصحفي في عدة فرص عن نفاق اسرائيل في هذه القضية. ففي حين تدعو الجماعة الدولية الى فرض عقوبات على ايران وتشديد تلك التي تم تطبيقها، تظل اتحادات اسرائيلية وشبكات بل وشركات حكومية تُجري صفقات مع شركات دولية تتاجر مع ايران.

        من جملة ما كُشف النقاب عنه صفقة لشركة الكهرباء مع الشركة الدانماركية "هالدور توبسي"، التي حظيت بامتياز التزويد بمصافي هوائية لمحطات توليد طاقة تعمل بالفحم في اسرائيل، بكلفة نحو من 200 مليون دولار. تبني "هالدور توبسي" في ايران مصفاتين للميثينول، ترميان من جملة ما ترميان اليه الى تمكينها من انتاج وقود للصواريخ.

        على أثر النشر في صحيفة "هآرتس" طلبت عضو الكنيست ميري ريغف (الليكود) وقف الاتصال بالشركة الدانماركية. وعدت شركة الكهرباء بالفحص عن الموضوع، وكذلك فعل ايضا وزير البنى التحتية الوطنية، عوزي لنداو، المعروف بمواقفه المتشددة نحو ايران. لكنه يتبين الآن أن الوزير لنداو وشركة الكهرباء وفيها رئيسها الجديد اللواء (احتياط) يفتاح رون – طال اكتفيا برسالة فاترة من "هالدور توبسي" تُبين فيها انها تعمل بحسب قرارات الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي.

        هذا صحيح. إن عقوبات الامم المتحدة أو الاتحاد الاوروبي لا تمنع الاستثمارات في صناعة الطاقة في ايران. لكن ألم يكن يتوقع أن تتشدد اسرائيل أكثر وتكون أكثر صرامة من الجماعة الدولية في هذا الشأن؟.

        وحالة اخرى تغض فيها اسرائيل عينيها عن نشاط اتحاد دولي مصادِق لايران هو "سيمنز". فالاتحاد أكبر شريك لطهران في المانيا، ويستثمر من جملة ما يستثمر فيه في قطاع الطاقة هناك. والمانيا هي أكبر شريكة تجارية لايران في الاتحاد الاوروبي، إلا انه في السنة الماضية بلغ مقدار تصديرها الى اسرائيل 4.7 مليار يورو.

        "سيمنز" مستهدِفة لمنظمات دولية مثل "أوقفوا القنبلة"، تُدير حملة جماهيرية لمضاءلة اتجار اوروبا مع ايران. وبرغم هذا تتمتع بمكانة قوية في السوق الاسرائيلية. قبل بضع سنين فازت بمناقصة كبيرة لشبكة المطارات. توجهت في حينه في هذا الشأن الى مستشار الامن القومي الدكتور عوزي أراد (الذي استقال في هذه الاثناء من عمله) والى مكتب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، لكنهما تجاهلا التوجهات ولم يفعلا شيئا.

        ربما يمكن أن نُبين ان الصلة الوثيقة بـ "سيمنز" قد تكون مكافأة اسرائيلية. وقد نشرت اشارات تُقوي هذا التقدير في وسائل الاعلام الدولية. ورد فيها انه قد يكون الاتحاد الصناعي الالماني قد تعاون سراً مع استخبارات المانيا والولايات المتحدة واسرائيل للتمكين من إدخال فيروس الحواسيب الفتاك "ستوك سينت" في برامج الحواسيب. وقد أصاب الفيروس نظم رقابة وسيطرة من انتاج "سيمنز" تم تركيبها على الحواسيب الايرانية التي تراقب مواقع مثل المفاعل الذري في بوشهر ومصنع تخصيب اليورانيوم في نتانز.

        البنك الذري

        في الفترة الاخيرة زاد نشطاء جمهور في الولايات المتحدة وفي المانيا ولا سيما "أوقفوا القنبلة"، الضغط على حكومة انجيلا ميركل لتعمل على اغلاق بنك التجارة الاوروبي – الايراني (إي.آي.اتش) ومركزه في هامبورغ. يعمل البنك منذ سنين باعتباره ذراع التمويل الرئيسة لايران في اوروبا لنشاطاتها السرية. وهو في الحقيقة يُعد بنكا المانيا يراقبه البنك المركزي الالماني، لكنه مملوك للبنوك الايرانية الاربعة الكبرى، التي هي مملوكة كلها للحكومة.

        زادت أهميته بالنسبة لاقتصاد ايران، وبخاصة للبرنامج الذري وبرنامج الصواريخ، في السنين الاخيرة لأن أكثر البنوك في المانيا، كما هي الحال في سائر دول الغرب، لا تسارع الى عقد صفقات مع ايران وتراكم صعوبات على التزويد باعتمادات لصفقات مع الدولة، خوفا من أن تُصبح هدفا لاحتجاج جماهيري وعقوبات من الادارة الامريكية.

        يبذل الـ "إي.آي.اتش" من جملة ما يبذل اعتمادات لشبكات شراء تابعة لايران تعمل سرا في أنحاء العالم، من اجل شراء معدات ومواد لبرنامجي الذرة والصواريخ الايرانيين. بحسب تقارير لم يكن من الممكن بطبيعة الامر توثيقها، حول البنك ايضا مالا لمن يُعتبرون "جبهة" منظمات ارهاب في الشرق الاوسط.

        تمنع حكومة الولايات المتحدة شركات ومواطنين امريكيين اجراء أي صلة به. "يعمل إي.آي.اتش باعتباره أنبوب الحياة المالي المركزي لايران، وهو واحد من أبواب الدخول الوحيدة التي بقيت عند ايران الى النظام المالي الاوروبي"، ورد مؤخرا في اعلان عن وزارة المالية الامريكية. وقع 11 من السناتورات الامريكيين على عريضة الى وزير الخارجية الالماني طالبين أن يوقف عمل البنك لكن عبثا.

        أوضح متحدثون عن حكومة المانيا في محادثات خلفية انهم لن يستجيبوا لمطالب اغلاق البنك أو مضاءلته لانه يظهر فقط في قائمة الادارة الامريكية السوداء. مع تفكير ثان يمكن ان نقول إن حكومة المانيا على حق. فلماذا تحرص على تحديد العلاقات بايران أكثر مما تفعل حكومة اسرائيل؟.