خبر الثورة تتحرك قُدماً -هآرتس

الساعة 09:28 ص|09 مارس 2011

الثورة تتحرك قُدماً -هآرتس

بقلم: البروفيسور ايلي فوده

يُدرس في قسم دراسات الاسلام والشرق الاوسط في الجامعة العبرية

(المضمون: الثورة العربية تتحرك قُدما ومركزها مصر وما سيحدث فيها فهو الذي سيؤثر في صياغة المنطقة لاحقا - المصدر).

        تحدث الأحداث في الشرق الاوسط العربي في وقت واحد في عدد من المراكز ليست بينها صلة في ظاهر الأمر: تونس ومصر وليبيا والبحرين وعُمان والاردن والعراق والجزائر. ويُسأل سؤال ما هو القاسم المشترك بين الأحداث في هذه الدول ولماذا لا تقع في دول عربية اخرى.

        التفسير الاول جغرافي. يبدو انه ليس من الصدفة ان نصيب الأسد من الثورات قد تم في تلك المنطقة الجغرافية – شمال افريقيا. إن ثورة تطرق حدود دولة مجاورة "أخطر" من ثورة بعيدة. وفي هذا السياق يُثار تساؤل كيف نجحت المغرب في الهرب حتى الآن. الجواب الجزئي عن ذلك يمكن ان يكون حقيقة انه يحكم هذه الدولة الأسرة المالكة التي تتمتع بشرعية نسبية بسبب صلتها بعائلة النبي، وأن الملك خطا خطوات ليبرالية ما في السنين الاخيرة.

        يتعلق التفسير الثاني بتكوين السكان. إن المجتمع في الحقيقة في شمال افريقيا (وفي ضمن ذلك مصر) متجانس جدا (عرب من أهل السنّة) لكنه في البحرين وفي الاردن والعراق وعُمان توجد توترات على خلفية دينية وقومية. يعيش في دول الخليج سكان شيعة تحت حكم أقلية سنيّة (البحرين)، أو تحت حكم طائفة الإباضية الخارجية في الاسلام (عُمان)، وأكثر السكان في الاردن فلسطينيون؛ وتوجد في العراق أقلية سنية محبطة (زيادة على الاكراد في الشمال).

        يُثار في هذا السياق بطبيعة الامر سؤال كيف يتم الحفاظ على الاستقرار في سوريا، التي تحكمها أقلية علوية، ثمة من لا يرونها جزءا من الأمة المسلمة ألبتة. والجواب عن ذلك كامن في التفسير الثالث وهو رد نظام الحكم. فقد رد النظام في سوريا في الماضي بشدة على الاحتجاج والمعارضة: والمثال الذي يتم تذكره أكثر من غيره هو ذبح ثلاثين ألفا من مؤيدي الاخوان المسلمين في مدينة حماة في 1982. فالسوريون يخافون تحدي النظام.

        اجل، إن رد نظم الحكم العنيف في الجزائر والبحرين وعُمان – ولن نتحدث عن ايران – مكّنها حتى الآن من تجاوز العاصفة بسلام. وليبيا هي المثال الوحيد حيث لم ينجح رد النظام الشديد في قمع المتظاهرين. ويكمن سبب ذلك في حقيقة أن جيشها غير ناجع ووقع انقسام في صفوفه مكّن منطقة بنغازي من الانفصال عن العاصمة طرابلس. لم تضطر نظم حكم اخرى – وبخاصة في دول النفط الثرية – في هذه الاثناء الى استعمال القوة لأن مالها يُمكّنها من شراء صمت الجماهير.

        إن المجتمعات في الدول العربية التي لم تجر عليها حتى الآن ثورة تنتظر الآن أن ترى كيف ستنتهي الثورات في مصر وليبيا وتونس. إن الاستقرار في واحدة من هذه الدول والتحول الى نظام ديمقراطي سيؤثران قبل كل شيء، بحسب "القانون" المناطقي، في الدول المجاورة لكنهما سينتقلان من هناك قُدما. ثمة أهمية كبيرة على نحو خاص للتطورات في مصر. إن القاهرة، بسبب مركزيتها في العالم العربي – لا طرابلس أو تونس – هي ورقة الاختبار التي سيُفحص بحسبها عن مبلغ نجاح الثورات العربية.

        تعود مصر اذا لتصبح "مكة" العالم العربي كما كانت في سنوات الناصرية. إن استمرار الأثر هناك – إقالة حكومة احمد شفيق وتعيين حكومة جديدة لا تؤيد النظام القديم – شهادة على أن الثورة تواصل التحرك الى الأمام.

        يتابع مواطنو الدول العربية في ترقب ما يجري في مصر آملين أن تفضي التغييرات هناك الى تغييرات ايضا في بلادهم إما باجراء ثوري من أسفل وإما باصلاحات ذات شأن تأتي من أعلى.