خبر مرايا عبد الله الشاعر : منذ متى ينجو الطغاة من قصاص الشعوب؟!

الساعة 05:44 م|07 مارس 2011

مرايا عبد الله الشاعر : منذ متى ينجو الطغاة من قصاص الشعوب؟!

 

ما أن تجف سطوة الجلادين حتى يتجلى الوجه الشعبي بأبهى صورة، وإذا به متشحا بالكبرياء ومتسربلا بالإباء, ومسكونا بروح تضحوية, ومتمتعا بجاهزية قصوعت لدفع أثمان ناهضة "كرمى" الانعتاق من مربقة الذل والاضطهاد والحرمان

اليوم تتحول "الجماهيرية العربية الليبية الاشتراكية الثورية العظمى" لمجرد (زنكة) جغرافية تضيف معها أحلام الطغاة, ويستبد بهم الرعب ويتحولون إلى مذعورين يفرون إلى الطبقات السفلى من الأرض، تماما كما كانوا طوال الحكم أشبه بالعالم السفلي المكتظ بشتى أصناف الجريمة.. تتضاءل مساحة الإجرام وإمبراطورية الشر وخزائن الغرور, وتضيق بالجشع الجغرافيا والتاريخ والصور الاستعراضية لمجرد ظهور مرعوب وعاجل سرعان ما يفر لجحر أضيق من الضنك وخيمة أوهى من العراء.. ها هو ذا يتحول من عقيد إلى قعيد، ومن شعبي إلى جزار, ومن طائر يحلق في فضاءات الدنيا إلى فأر سياسي يصبح في جبة الخوف ولا يطل برأسه إلا على عجل, ووجهه يشير بالفزع واستفحال الجنون وتضاؤل الأمل بالنجاة, منذ متى ينجو الطغاة من قصاص الشعوب؟!

لقد غدا الباحث عن الأضواء وآخر صرعان الجنون يتوارى من سوء ما ستؤول إليه حاله، وكلما قصفته الجماهير بهتافها: "الشعب يريد إسقاط الطاغية" -على اعتبار أنه لا يوجد نظام ينادون بإسقاطه- نراه مسود الوجه حتى إن قهقه ملء شدقيه وتظاهر برباطة جأش تشي بالقلق والهلع أكثر مما تبعث على الثقة والطمأنينة.. صورة تبخرت أمام أول هبة جماهيرية واسعة.. لا شعب..لا ثروة..لا شعارات كاذبة.. وتكشف "مسيلمة" وحقيقته بعدما سوّق لعقود رسالاته الهابطة ونبوته الكاذبة..

دعيٌّ يحوّل العيد القومي لليبيا إلى مهر أو نفقة لزواجه السياسي وطلاقه العبثي ومراهقاته ولهاثه خلف الألقاب والأضواء والشعوذة.. تفيض عليه الشقراء الأوكرانية حنانا وشبقا وشهوة وصحة ويفيض عليها ما يكفي لإعالة مدينة كاملة.ز

ها هي حكاياته وخرافاته تملأ الإعلام، وكلها تشي بنفسية منحرفة وشخصية شاذة تفكيرا وسلوكا.. وفي هذه الأثناء يخيل إلي أن القذافي عندما ذهب لإيطاليا ذات مرة لإلقاء مواعظه الدينية فاشترط حضور خمسمائة فتاة شقراء لا يقل طول الواحدة منهن عن متر وخمس وسبعين، وتتراوح أعمارهن بين الثامنة عشرة والثلاثين.. فكيف مهدت إيطاليا لهذا الحضور المدنس؟!..

يخيل إلي أن الفاتيكان قد نادى في مكبرات الصوت أن واعظا من عمق الصحراء سيلقي درسا جنسيا بعد قداس الأحد!!.. ولا أظن أنني أتجنى على القذافي إذا قلت بأنه وزع بعد موعظته حبوبا لمنع الحمل ونصائح لـ"ممارسة الجنس" بطريقة ثورية!!..

بالطبع ليس الجنون والانحطاط حصرا على الأب؛ فجيناته عابرة للأجيال وقصص أبنائه أكثر من أن تحصى.. ها هو ابنه الساعدي يقتل عشرين شخصا يجلسون في المدرج لمجرد أنهم شجعوا فريقا غير فريقه.. نعم، هكذا وبكل دم بارد يرهق أرواح عشرين من المشاهدين لأنهم لم يهتفوا لرشاقته وقدمه المميزة.. عشرون شخصا هم أكثر عددا من الأهداف التي سجلها طوال مسيرته الرياضية, لم؟!.. ها هو ذا يتوجه بـ"أخلاقه الرياضية" هذه لدفع ملايين الدولارات لنادٍ إيطالي لقاء احترافه على مقاعد الاحتياط!!..

وليس الساعدي بدعا من القول وإخوانه يقبلون عارضات الأزياء بثمن فلكي وآخر يدفع خمسة عشر ألف دولار ليظهر بعشاء مع ممثلة غربية.. والقصص طويلة ومفزعة..

ويحدثونك عن النفط ومائداته، حيث تتضخم الأرصدة ليبدو صاحب ميكروسوفت فقيرا إزاء أرقامها الفلكية.. أما الدول الغربية فقد تنبهت أخيرا لوجود هذه المبالغ، وكذلك والله فلقد كانوا طوال الوقت شركاء في الجريمة, وما تجميدهم للأموال إلا ذر للرماد في العيون.. ثم ما الذي يجنيه الشعب بعد تجميد أرصدة عائلات الحكام العرب ما دامت تلك العائلات قد جمدت كل طموحات الأمة وقزمتها؟ حيث غدت لا تتجاوز رغيف الخبز المعجون بالمن والأذى.. عقود متلاصقة وكل تطلعات الشعوب وأمانيهم مجمدة في ثلاجة العائلة الحاكمة، فيما أجهزة النهب والجشع تصل الليل بالنهار وتنهب كل ما يمكن للوطن أن يجود به ..

أما أولئك المجمدون للثروات فهم شركاء في الجريمة طالما ظلوا صامتين على النهب المشفوع بالأرصدة التي تملأ بنوكهم ومصارفهم, وتغذي اقتصادهم وابتزازهم السياسي والأمني لحكام جل همهما "استحمار الشعوب" ونهب ثرواتها.. على كل هي مسألة وقت وعجلة الزمن لا تعرف التوقف..

 

*مرايا :زاوية في صحية الاستقلال