خبر المُتباكون- هآرتس

الساعة 09:45 ص|01 مارس 2011

المُتباكون- هآرتس

بقلم: عكيفا الدار

(المضمون: القطيعة التي تفرضها المؤسسة الاسرائيلية والدولة عامة على كل من يعارض نهجها المؤيد للاستيطان ومعارضة التفاوض مع الفلسطينيين - المصدر).

        ماذا سيحدث لو أن لجنة جائزة نوبل للسلام قررت أن تمنح الجائزة هذا العام مثلا لنشيط السلام القديم أوري أفنيري (يستحق ذلك!)؟ لو أردنا ان نحكم بحسب القطيعة التي فرضتها سفارة اسرائيل في واشنطن على مؤتمر جي ستريت، فان الكرسي المخصص لسفير اسرائيل في المراسم في اوسلو سيبقى يتيما. يمكن ان نستنتج من صيحات الاحتجاج التي صاحبت اعضاء الكنيست الذين استجابوا لدعوة منظمة السلام اليهودية الامريكية، أن اسرائيل ما كانت لتُرسل مندوبا رسميا لمباركة الفائز بالجائزة. كيف يمكن بذل الشرعية ليهودي لا يخجل من الدعوة الى سلب المستوطنات شرعيتها؟ عندنا، القطيعة مع نبيذ حلال بمقتضى الشرع من انتاج معاصر جبل الخليل غير شرعي. في مقابلة ذلك، القطيعة مع انسان يزعم أن منتوجا يُنتج في ارض محتلة غير حلال على نحو ظاهر، هو شرعي بمقتضى الشريعة.

        إن مسرحية "اللعنة، يسلبوننا شرعيتنا"، من اخراج الوزير المستوطن افيغدور ليبرمان ومساعده بنيامين نتنياهو، تنجح نجاحا يفوق المتوقع. الفصل الاول: نتنياهو يخطب خطبة "دراماتية"، يعلن بها انه لا شيء يشتاق اليه أكثر من الخروج من المناطق ونقلها الى دولة فلسطينية. الفصل الثاني: ليبرمان يخطب في الجمعية العامة للامم المتحدة ويعلن انه لا يوجد أدنى احتمال لتسوية سياسية في جيلنا، ولهذا يجب الاهتمام بالزيادة (الطبيعية بطبيعة الامر) للمستوطنين. الفصل الثالث: في العالم كله يتهمون اسرائيل بافشال التفاوض مع الفلسطينيين وينددون برفضها تجميد المستوطنات؛ وتنضم منظمات يسارية وقلّة من اعضاء الكنيست الى الاحتجاج؛ ويطلب العرب الى الامم المتحدة التنديد باسرائيل.

        الفصل الرابع: يفتتح نتنياهو بسلسلة خطب تباكٍ لسلب دولة اليهود شرعيتها. ويأمر ليبرمان السفراء الاسرائيليين، بأنه منذ الآن فصاعدا سيُعد كل انتقاد على سياسة الحكومة والمستوطنات والاحتلال سلبا لشرعية اسرائيل في ساعة حرب. وفي حال يُسمع الانتقاد من واحد من أبناء شعبنا فسيُعد "يهوديا يكره نفسه" ويتعاون مع كارهي اسرائيل في ذروة حملة سلب الشرعية. ويضم ليبرمان اقتباسا من وزير الدفاع اهود باراك المُسمى "وريث اسحق رابين" والذي حذر من ان هذه الحملة الدعائية "ليست أقل جدية من خطر حماس وحزب الله".

        الفصل الخامس: يقطع اعضاء كونغرس يهود في الولايات المتحدة الصلة بـ جي ستريت ومنظمات اخرى، تجرأت على أن تطلب الى اوباما ألا يستعمل حق النقض على اقتراح القرار العربي التنديد بالمستوطنات. ويُعيد اعضاء كنيست من كديما – الذي يُعد البديل اليساري عن الليكود – الى جي ستريت الدعوات الى المؤتمر. وينضم بعضهم الى متحدثي اليمين وينقضون على رفاقهم، نحمان شاي ويوئيل حسون وشلومو موليه الذين وافقوا على ان يكونوا ضيوفا على مؤتمر منظمة تؤيد دولتين للشعبين.

        يعلن عضو الكنيست عتنيئيل شنلر أن "المشاركة في مؤتمر منظمة يهودية مناصرة للفلسطينيين، تسعى الى الاضرار بمصالح دولة اسرائيل، يشبه عملا تخريبيا في الدولة". ويحتج شاي حرميش، رجل الكيبوتس من كديما، على رفاقه الذين لا يفهمون كما يقول أي خطر يكمن في تأييد منظمة تعمل على اسرائيل. ويقول عضو الكنيست الجديد من كديما، زئيف بيلسكي، الذي كان رئيس الوكالة الصهيونية، للمراسلين الصحفيين ان الاعضاء الذين سافروا الى واشنطن لا يفهمون أي ضرر باهظ تُسبب جي ستريت لاسرائيل.

        لا عجب من ان منظمات سلام يهودية في العالم كله تُبلغ عن خوف يزداد بين أناس الجماعة من الانضمام الى اعمال احتجاج على المستوطنات، بل من التوقيع على عرائض تأييد للتفاوض السلمي. في لقاءات مع جمهور يهودي ليبرالي في لندن قبل اسبوعين، سمعت مرة بعد اخرى جملة: "ما ظللنا نتجرأ على توجيه انتقاد على سياسة الحكومة، لا على اسرائيل معاذ الله، فان السفارة والمؤسسة والصحافة اليهودية تتهمنا بعدم الاخلاص البالغ مبلغ خيانة شعبنا". ويحافظ كثيرون، إن لم نقل أكثرهم، على الانتقاد الذاتي.

        إحتجت سلطات الصين على لجنة جائزة نوبل التي منحت الجائزة لـ ليف شيابو، الذي يقضي 11 سنة في السجن بسبب "التآمر"، أي الاحتجاج على قمع حقوق المواطن. وفي اسرائيل، أُرسل الى يونتان بولك، الذي تظاهر على دراجته الهوائية محتجا على الحصار على غزة، للسجن بتهمة "التشويش على حركة السير". ويتم اتهام نشطاء سلام يحظون بالاجلال والجوائز في العالم بالتآمر على الدولة.

 

        قهوة مع القذافي

        لم يحظ عرب اسرائيليون فقط بالاستمتاع بصحبة القذافي. لا ملك الملوك بجلاله وعظمته بل ابنه "الناجح" سيف الاسلام الذي يعمل في هذه الايام مستشارا للقاتل الشهير. ففي آب 2003 دُعي القذافي الشاب الى أحد اللقاءات المغلقة التي تجريها جامعة كاليفورنيا وحكومة اليونان على نحو دائم في أثينا، بمشاركة ممثلين من اسرائيل والدول العربية وايران وخبراء من الولايات المتحدة واوروبا.

        إن نبأ انه يجلس في الجمهور اسرائيليون وفيهم عضو كنيست رفيع المستوى من الائتلاف، ودبلوماسيون واكاديميون بل صحفيون، لم يردع من كان يُعد آنذاك ولي العهد الليبي. شكّك في احتمال أن تتوصل اسرائيل والفلسطينيون الى اتفاق على تقاسم البلاد وتبنى شعار "إسراطين"، الذي ألصقه أبوه بفكرة الدولة الثنائية القومية.

        تأثر المندوبون من اسرائيل بلغة القذافي الفصيحة الذي كان في تلك الايام طالب دكتوراة في لندن في المعهد الاقتصادي. والسمعة المريبة لوالده القذافي لم تصد المؤسسة الاكاديمية الفخمة عن قبول مئات آلاف الجنيهات الاسترلينية من صندوق القذافي وعن بذل الشرعية ايضا لعائلة الجريمة الليبية.