خبر في مديح الحذر القاتم- يديعوت

الساعة 10:11 ص|17 فبراير 2011

في مديح الحذر القاتم- يديعوت

بقلم: عاموس كرميل

الحكومة الحالية، مثل كل حكومات اسرائيل في سنوات الالفين ليست جديرة بثناء كبير. هكذا ايضا الجمهور الاسرائيلي الذي لم يتمكن من اختيار حكومات افضل. ولكن التحديات التي تضعها امامنا الاحداث في مصر لا تعرضها ولا تعرضه في ضوء قاتم على نحو خاص. بل ان من الممكن القول انه لا يوجد في هذه التحديات أي اساس للبكاء على الجماهير غير المبالية التي لا تخرج هنا الى الشوارع. كما أن ليس فيها اساس لادعاءات توماس فريدمان بكون الحكومة نتاجا عليلا لزواج الاقارب وبقائها في ذروة الانقطاع عن الواقع.

ليس لنا – نحن الاسرائيليين الواثقين برأينا في كراسينا وأمام لوحة مفاتيح الحواسيب – أي سبب يدعونا الى أن نحسد الجمهور الهائل من العاطلين عن العمل والمقموعين الذين احتشدوا في ميدان التحرير واجبروا المجلس العسكري الاعلى على الاطاحة بطاغية فاسد. ليس لنا أي سبب يجعلنا نتوق للعناصر التي ولدت هذه الوضعية الدراماتيكية. ليس لمستوى الدخل المتوسط في مصر، ليس لثقل المشاكل التي تنبع من النمو الطبيعي الهائل، ليس لانعدام أمل الجيل الشاب، ليس لكم الافواه ومنع حرية التعبير حتى مجيء التكنولوجيا الاعلامية الحديثة ولا للمليارات التي تجمعت في حساب بنوك القائد وعائلته.

في الدولة الديمقراطية العليلة والفاسدة عندنا لم تحصل كل هذه الامور، وبالتأكيد ليس بمثل هذه الحجوم، وعليه فليس لنا حاجة عاجلة الى المظاهرات. في دولتنا الديمقراطية، مع كل مساوئها ومع كل المشاكل التي تخلقها لنفسها، لا يوجد يأس جماعي بالحجوم المصرية، وعليه فلا توجد أي حاجة لردود فعل كهذه ولا توجد طغمة عسكرية تقطف ثمارها. عندنا، كما يجدر بالذكر، لا يوجد أي مانع من الاحتشاد المدني وتداول السلطة في صناديق الاقتراع. عندنا، ميدان المدينة مفتوح للتظاهر وشبكة الانترنت لا تغلق، بل وحتى الجيش مع كل نواقصه يعرف مكانه. لا ريب أن الديمقراطية تبعث على الملل وعديمة الانفعالات الكافية. ولكنها لا تزال بصفتها هذه مثابة الحلم البعيد لكل الجماهير التي تنفعل الان في مصر، وحاليا تحت صيغة جديدة من الحكم العسكري لمدى يلفه الغموض.

في هذه الظروف، وعلى خلفية انعدام اليقين هذا، من الصعب ان نفهم لماذا يعتبر صمت حكومة اسرائيل خطيئة جسيمة. وكبديل، لماذا كان يتعين عليها أن تتصدر وتعرب عن تأييد علني لمساعي الاطاحة بالطاغية الفاسد مبارك والفرح العلني على تتويج هذه المساعي بنجاح موضعي ليس واضحا ماذا سيأتي في اعقاب.

اولا، لان قدرة اسرائيل على الاحداث في مصر تقترب من الصفر. موظفو ادارة امريكيون قد يكونوا اشمئزوا، كما كتب فريدمان، من الدبلوماسيين الاسرائيليين الذين طالبوهم بمواصلة "دعم فرعون". ولكن ماذا كان وزن هذه المطالب الهزيلة؟ أي وزن كان حتى للمسعى الاكبر بكثير لكل الدبلوماسية الاسرائيلية مع كل روافع ايباك – المسعى الذي لم يكن له أي مؤشر وأي ذكر – لتعزيز مكانة مبارك في واشنطن؟ أي منفعة كان يمكن لمحبي الديمقراطية الحقيقية في مصر – الذين ليس معروفا عددهم الحقيقي – ان يستخلصوها من تصريحات اسرائيلية رسمية في صالحهم؟

ثانيا، لانه رغم كل السخرية ورغم كل الامل، فان مصر الجديدة من شأنها، لشدة الاسف، ان تصبح ايران. ليس لان نتنياهو يقول هذا وليس لان من الافضل والالطف الانشغال بالتخويفات والتمترس وراء المخاوف بل لان خطر التحول الاسلامي المتطف لمصر قائم على نحو بارز. ولا يجدر تجاهله حتى عندما يخيل ان أجنحة التاريخ تهز الفضاء.

ثالثا، لاننا لا يفوتنا أي قطار. اذا ما بدأ ينشأ في مصر ديمقراطية حقيقية، من الصعب تصور حكومة اسرائيلية يتعين عليها أن تخشى منها وتضن عليها بدعمها. حتى ذلك الحين، يجمل لنا اتخاذ جانب الحذر القاتم. مثل ذاك الذي انتهج.