خبر رئيس حكومة في قفص- هآرتس

الساعة 09:28 ص|16 فبراير 2011

رئيس حكومة في قفص- هآرتس

بقلم: الوف بن

(المضمون: رئيس الحكومة الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في عجز وعزلة لا يستطيع تدبير البيت الداخلي ولا التأثير في القرارات - المصدر).

        شددوا في ديوان رئيس الحكومة في القدس التفتيش الامني ويُطلب الى الزوار خلع أحذيتهم، كما في مسجد أو في مطار امريكي. التفتيش المتشدد يلائم روح العصر: فبنيامين نتنياهو يتحصن في مكتبه، يدفع عن نفسه العالم في الخارج، وزمام السلطة آخذ في الانفلات من يديه. من المؤكد ان هذا ما شعر به حسني مبارك في الاسبوعين اللذين مرا منذ نشبت المظاهرات في القاهرة حتى استقالته. بقيت رموز السلطة كما كانت – القصر المتعدد الغرف، وقافلة سيارات الليموزين، وكتائب الحراس والمكالمات الهاتفية من زعماء العالم – لكن القدرة على التأثير نفدت.

        لم يُطلب الى نتنياهو مواجهة جماهير من المتظاهرين يطلبون اليه الانصراف مثل مبارك، لكن وضعه بدأ يُذكر بوضع صديقه الذي تم اسقاطه. فالقرارات تفرض عليه بدل ان يتقدم ويقود. تم تعيين بني غانتس رئيس اركان ورون بروشاور سفيرا في الامم المتحدة، وخفض الضريبة على المحروقات بخلاف موقفه الأولي. فقد جُر اليها.

        المحيط السياسي مثقل. فحل حزب العمل لم "يسهم في القدرة على الحكم وفي الاستقرار"، كما وعد نتنياهو بل بالعكس. وافيغدور ليبرمان مستمر على التنكيل به علنا وعلى عرضه بأنه خرقة لا يستطيع حتى أن يُعين مستشاره القريب سفيرا. وقد حذر اعضاء كتلة الليكود البرلمانية، بقيادة سلفان شالوم، نتنياهو من هزيمة في الانتخابات بسبب ارتفاع الاسعار. تسيبي لفني ترتفع في استطلاعات الرأي ويثبت ليبرمان باعتباره زعيم اليمين، في حين ان الليكود يتمزق من الداخل في اختلاف في اضطهاد الجماعة العربية ومنظمات اليسار. يصعب في اسرائيل 2011 ان تكون قوميا وليبراليا معا كما هو شعار الليكود. يجب عليك ان تختار.

        زعماء العالم يتنكرون. فقد جاءت مستشارة المانيا انجيلا ميركل الى اسرائيل، لتوبخ نتنياهو بسبب الجمود السياسي. ولا توجد دعوات لزيارات للخارج. وقد نجح نتنياهو في ان يطرد عن المنطقة خصمه الكبير، الرئيس براك اوباما، عندما رفض تجميدا آخر للاستيطان. تكمش اوباما ورجع عن مبادراته السلمية. وهو الآن يعود عودة عظيمة باعتباره نبي الديمقراطية والتغيير. نُسيت تعوجات اوباما في بداية الازمة في مصر: كان قلبه وما يزال في الجانب المنتصر والشعبي، مع المتظاهرين. وقد هرّب اسحق شمير على الصورة نفسها الرئيس بوش الأب، عندما رفض مؤتمر سلام دوليا، وحصل عليه معززا بعد حرب الخليج وسقوط الاتحاد السوفييتي.

        هيأت الثورة المصرية لنتنياهو لحظة تشرتشلية. اختاروه من اجل هذا. اعتمدوا عليه ان يعرف ماذا يفعل، بخلاف لفني الهاوية، وفشل. ظهر وهم تقديره ان يهزم مبارك المتظاهرين. وقد بيّن تأييده الرئيس ان نتنياهو يهتم بأصدقائه وهذا أمر حسن، لكنه لا يوجد في السياسة جوائز لمشجعي المجموعة التي خسرت. مضى مبارك وبقي نتنياهو مع المخاوف من "ايران ثانية" في مصر، ومع الدعوات الى زيادة ميزانية الأمن، وتحصين النقب وبناء بدائل عن قناة السويس.

        حتى لو ظهر بعد ان تقديراته صحيحة، فان الجمهور لا يشارك فيها؛ لم تنهر البورصة وكان انخفاض قيمة الشيكل ضئيلا. يرى "العالم" نتنياهو أثرا متحجرا من عصر غابر ازاء أعيننا.

        وعد نتنياهو قبل الانتخابات بأن يعرف كيف يُدير الدولة. ليس الوضع في الدولة سيئا: فلا توجد عمليات تفجيرية وحروب والجهاز الاقتصادي في نماء لا بأس به. لكن الجمهور يشعر بأن الامور تترتب من تلقاء نفسها، وانه لا يوجد في الأعلى مدير يتخذ القرارات ويقود. هذه في نظر نتنياهو هي مأساته: فحتى عندما يكون كل شيء كأنما لا بأس به، لا يحصل على تأييد ولا يمدحه أحد.

        إن نتنياهو وهو معزول في مكتبه المتشاجر، بلا رسالة واتجاه واضحين، يأمل معجزة تنقذه من حملة التصفية السياسية التي يوجهها عليه ليبرمان. أوصل زعيم "اسرائيل بيتنا" نتنياهو الى الحكم، ويهدد الآن باسقاطه من هناك. ولائحة الاتهام لن تساعد: فقد سيطر آريه درعي على الجهاز السياسي وقاد شاس الى انجاز عظيم في الانتخابات حتى بعد ان حوكم. ولا سبب يدعو الى ان يسلك ليبرمان سلوكا مختلفا، اذا حاكمه يهودا فينشتاين. سيحتاج نتنياهو الى معجزة أكبر كثيرا كي يبدو ذا صلة ويعود الى موقف التأثير. وفي هذه الاثناء يُمضي الوقت بقرارات غير طائلة كتعيين "لجنة القدرة على الحكم" لاعادة بناء نظام الحكم. ولا توجد علامة أوضح من هذه على الاضمحلال السياسي لرئيس حكومة.