خبر إجتزنا مصر -يديعوت

الساعة 09:35 ص|15 فبراير 2011

إجتزنا مصر -يديعوت

المخاوف ليست سياسة

بقلم: أفرايم هليفي

رئيس الموساد الاسق

(المضمون: عندما تستأنف اسرائيل زخم فعلها السياسي، ستقف بفخار وثقة امام اصدقائها وامام اعدائها لتظهر الابداعية، التجدد، الثقة والايمان بنفسها، سيفهم الجميع بانها عادت الى نفسها والى قوتها - المصدر).

        الاحداث في مصر وما تنطوي عليها تغطى بتوسع في كل أطياف وسائل الاعلام الدولية وبطبيعة الحال يخصص اهتمام بموقف اسرائيل بما يجري. صحفيون كبار يخصصون مقالات للزاوية الاسرائيلية، والكلمة البارزة في المنشورات هي "الخوف".

        ممَ يخافون في اسرائيل؟ من اسقاط الرئيس مبارك، الحليف المخلص لاسرائيل في الحماية المتشددة لمعاهدة السلام وشخصية قيادية رائدة لكتلة الدول الاسلامية المعتدلة، التي تقف في وجه التهديد الايراني.

        ممَ يخافون في اسرائيل ايضا؟ من صعود حركة "الاخوان المسلمين"، لدرجة تحقيق اغلبية في الانتخابات، ونشوء حكم على نمط النظام الايراني على ضفتي النيل، من تضعضع الانظمة في الاردن وفي السعودية، المرسيين الحيويين في كتلة الدول المعتدلة، من مظاهر ضعف الولايات المتحدة في ضوء ما يجري، من أن اوباما ادار ظهره للحاكم المصري، الصديق المخلص لواشنطن وربما تبشر هذه الظاهرة بامكانية أن يكون بانتظار الحلف الاستراتيجي بين الولايات المتحدة واسرائيل مصير مشابه.

        ممَ  تخاف اسرائيل ايضا؟ من صعود قوة حماس كنتيجة للتحرر المتوقع للحركة الشقيقة في مصر من موقع المقموع الخارج عن القانون. وبعد أن تتعزز قوة حماس تخاف اسرائيل من ضعف فتح، التي تقود السلطة الفلسطينية، والتي تحاور اسرائيل.       والقائمة تطول. اسرائيل تخاف من تحول لبنان الى دولة حزب الله، وتخشى تدهور علاقاتها مع تركيا، شريكتها الاستراتيجية منذ امس وأول أمس، قبل أن تصل الى الدرك الاسفل الاخير. وبالطبع، تواصل اسرائيل التخوف من التهديد النووي الايراني.

        الرأي العام الدولي لم يكن بحاجة الى اصطلاح "الخوف" لو لم توجد لذلك تأكيدات في ردود الفعل التي تتجاوز الاحزاب في الزعامة الاسرائيلية تجاه الثورة في مصر. قليلة الاصوات التي تبنت رواية مختلفة كي تشرح للجمهور الغفير ولشعوب العالم ما هي الاستنتاجات السياسية والعملية التي ينبغي استخلاصها عمليا من الصور التي تنتشر أمام ناظرينا.

        أحسن رئيس الاركان المنصرف صنعا عندما قال في احدى محاضراته الاخيرة قبل أن ينزع بزته بان على الجيش الاسرائيلي أن يستعد مرة اخرى للتصدي لمعارك متعددة الجبهات – "الحرب الشاملة" كما عرفناها في ماضينا. لا ريب أن اشكنازي سعى الى أن يعد الجمهور بان في وسعنا أن نتصدى بنجاح حتى لاختبار عسير من هذا القبيل، وكان هذا ايضاحا هاما.

        لاسرائيل قدرة كبيرة على التأثير على فرص نضوج جزء كبير من التهديدات الكثيرة والمتنوعة واحباطها وهي في مهدها – ولكن هذا التأثير لن يجد تعبيره بطريقة التدخل في الشؤون الداخلية للدول المحيطة بنا. مثل هذه المحاولات محكوم عليها بالفشل الذريع. لسنا من نقرر من يحكم في مصر وأي نظام يكون في شرقي الاردن، وكيف سيحل الفلسطينيون النزاع الداخلي العميق الذي يشق صفوفهم.

        تأثيرنا سيكون ملموسا من تلك اللحظة التي تعود فيها اسرائيل الى بث القوة، لمجتمع متراص يؤمن بذاته، يواصل تطوير قدراته الامنية، الاستخبارية والسياسية التي تسمح له بالتفكير والسلوك كقوة عظمى اقليمية. كنز الافكار والكلمات التي تزود بها واستخدمها زعماء اسرائيل في الاسابيع الاخيرة يتعين عليهم ان يعيدوها الى المخازن.

        الخوف والتخوف ليسا سياسة، وازالة هذه الاصطلاحات من المقالات، من العناوين الرئيسة ومن الشاشات ليست مهمة اعلامية. عندما تستأنف اسرائيل زخم فعلها السياسي، ستقف بفخار وثقة امام اصدقائها وامام اعدائها لتظهر الابداعية، التجدد، الثقة والايمان بنفسها، سيفهم الجميع بانها عادت الى نفسها والى قوتها.

        في كتاب "في الصحراء" يظهر تقرير الجواسيس عن جولة استخبارية قاموا بها في بلاد كنعان وعن اللقاء بينهم وبين "العمالقة": "ونكون في عيونهم كالجبابرة وكذا كنا في عيونهم". محيطنا سيتعاطى معنا قبل كل شيء مثلما نتعاطى نحن مع أنفسنا. هذه هي المهمة المركزية للزعامة في هذه الساعة، وفي يدها الأمر.