خبر الى المجهول- معاريف

الساعة 10:36 ص|13 فبراير 2011

الى المجهول- معاريف

بقلم: تسفي مزال

(المضمون: مع انصراف مبارك وبداية فترة من عدم الاستقرار بدون زعيم، تضطر مصر الى التوجه الى الداخل، الى تكريس طاقتها لاقامة نظام جديد، لاعادة بناء اقتصادها الذي تضرر شديد الضرر في الاضطرابات والى تنفيذ اصلاحات اقتصادية بعيدة الاثر - المصدر).

سقوط مبارك هو بلا ريب نتيجة قصر نظره وسوء فهمه لما يجري في بلاده المصابة بالفقر والفساد. وكان الانفجار متوقعا منذ زمن بعيد، ولكن الجميع اعتقد ايضا بان حكمه قوي ومستقر. ما كان بوسع احد أن يتوقع الثورة. وحتى المتظاهرين لم يعرفوا بان انفجارهم سيصنع التاريخ.

غير أنه ارتبطت بهذا العمل قوى من الخارج. اولا وقبل كل شيء قناة الجزيرة، التي وجهت كاميراتها نحو ميدان التحرير بالبث الحي والمباشر على مدى أربع وعشرين ساعة طوال ايام المظاهرات في ظل التحريض الفظ وغير المنقطع ضد النظام، فأصبحت الزعيم غير المتوج للمتظاهرين. من جهة اخرى الولايات المتحدة، الحليفة القريبة، هجرته منذ بداية الاحداث الامر الذي اعطى بلا شك ريح اسناد للمتظاهرين، مس بشدة بقوته النفسية وجعل من الصعب عليه ادارة الكفاح في سبيل حكمه. الجزيرة والولايات المتحدة – التحالف غير المقدس وغير المفهوم – ساهمتا كثيرا في سير الاحداث وفي النهاية في استقالته الاضطرارية.

الحكم انتقل أول أمس تماما الى ايدي الجيش، ولكن لفترة انتقالية فقط ولغرض اقامة نظام ديمقراطي مدني، يقوم على اساس دستور جديد وانتخابات ديمقراطية للبرلمان وللرئاسة. الثورة لن تكتفي بأقل من ذلك. أما الان فالجيش هو صاحب السيادة المؤقت فقط والذي يستمد شرعيته ليس من الدستور بل من الثورة، أي مباشرة من الشعب وسيتعين عليه أن يكون منصتا لمطالبه.

قادة المتظاهرين أقاموا منذ الان ائتلافا من أجل الديمقراطية وقالوا انهم لن يوقفوا الثورة اذا لم تلبى مطالبهم في الغاء حالة الطوارىء، تحرير كل المعتقلين السياسيين، حل البرلمان وتشكيل لجنة لصياغة دستور جديد. المعنى هو أن الثورة ستواصل متابعة خطوات الحكم العسكري، وستبعث بالجمهور الى التظاهر اذا ما كان هناك احساس بان الجيش بهذه الطريقة أو تلك سيحاول اعادة الامور الى سابق عهدها. وتجدر الاشارة الى ان وضعا مشابها يسود في تونس، حيث تشكلت حتى الان ثلاث حكومات وحلت تحت ضغط المتظاهرين ممن لم يرق لهم تركيبتها.

مصر تدخل الان الى المجهول. احد لا يعرف اذا كان الجيش سيعرف كيف يتصدى للمهمة المعقدة التي كلف بها دون أي اعداد مسبق. كما أن احدا لا يعرف اذا كانت عملية الانتقال الى الديمقراطية ممكنة. ماذا يكمن في داخلها وكم من الوقت ستستغرق هذه الفترة، التي ستكون ميزتها المركزية هي انعدام اليقين وانعدام الاستقرار. وعلى فرض أن البرلمان سيحل بالفعل، فستكون احزاب المعارضة والاحزاب الجديدة التي ستتشكل بحاجة الى فترة لا تقل عن ستة اشهر حتى سنة كي تتمكن من تنظيم نفسها استعدادا للانتخابات.

جانب آخر ومركزي – مصر كفت في هذه اللحظات عن أن تكون قوة عظمى اقليمية هامة. فقد كانت المرسى المركزي للولايات المتحدة في الشرق الاوسط وحافظت على السلام مع اسرائيل. كانت زعيمة الدولة العربية المعتدلة وقادت الكفاح ضد ايران وضد ارهاب الاسلام المتطرف. مع انصراف مبارك وبداية فترة من عدم الاستقرار بدون زعيم، تضطر مصر الى التوجه الى الداخل، الى تكريس طاقتها لاقامة نظام جديد، لاعادة بناء اقتصادها الذي تضرر شديد الضرر في الاضطرابات والى تنفيذ اصلاحات اقتصادية بعيدة الاثر.