خبر د.علي عقلة عرسان يكتب: مصر التي نحبها..

الساعة 05:35 م|04 فبراير 2011

د.علي عقلة عرسان يكتب: مصر التي نحبها..

 

نحب مصر.. نعم نحبها، وفي عيوننا إشراق أمل تغلفه الدموع، وقلوبنا الجرح والسكين، نلهث وراء أخبارها وتطورات الأحداث فيها، ونبكي لأننا هي ولأنها نحن.. وكلنا أسى وأسف لما يجري فيها هذه الأيام من ترويع للآمنين، وتخريب للعمران، وفوضى مشوبة بمظاهر تخلف ليس من طبع أهلها وطبيعة تكوينها، وعدوان على من يعبِّرون عن وجهها المشرق ومستقبلها الواعد، بأسلوب حضاري، وعنفوان المنتمين إلى الأرض والشعب والتاريخ والقيم، الرافضين للظلم والاستبداد والفساد والإفساد، المتعلقين بالحرية والكرامة والديمقراطية، المتطلعين إلى مصر التاريخ والحضارة والموقف النبيل، من قضايا أمتها والعالم. نعم نحب مصر، وقد ارتوت عروق الكثيرين منا من مياه النيل، وجرت في أوردتهم وشرايينهم طيبة الشعب العريق، شعب مصر، ونعتز بتاريخها وتراثها ونضالها القومي، وبمكانتها العالمية، وبما قدمته للحضارة الإنسانية وللأمتين العربية والإسلامية من ثقافة ومعرفة ومنجزات لا يتجاهلها إلا جاهل أو جاحد أو حاقد. ولا نقبل أن تكون صورتها في الذاكرة والوجدان هي صورة الحاكم الظالم، والمسؤول الفاسد، والفوضى العارمة، أو الانحراف السياسي الذي يضعها خارج المعادلة العربية ـ الإسرائيلية، بل خارج النظرة المتوازنة إلى العدالة الإنسانية، ويحيدها في صراع الأمة العربية مع أعدائها ومحتلي أرضها.. ويجعل بعض ساستها أدوات بيد الأميركيين، وسدنة لأمن الكيان الصهيوني ـ العنصري.

نعم نحب مصر، ومن منا لا يتطلع إلى مصر هذه الأيام بعين الأمل والألم، الأمل بالتغيير السلمي والألم لما يحصل من تخريب واقتتال وانعدام أمن من جوع وخوف، وفداحة ثمن التغيير المنشود؟! نعم نحب مصر، ونقدر تقديراً كبيراً ثورة شبابها، وما حققوه من إنجاز سياسي في عشرة أيام مما عجزت الأحزاب المصرية كلها عن تحقيقه في عشرات السنين.. نحب مصر، ونريد لها أن تخرج من المحنة ـ الامتحان إلى بر السلم والأمان، معافاة وموحدة وقوية، متخلصة من صور الاستبداد والفساد ورموزهما، ومن البلطجة والعملاء والمتاجرين بالناس، ممن يركبون كل موجة، ويجدفون عكس تيار مصالحها ليقيموا مصالحهم على حسابها، ويدمروا مقومات الاستقرار فيها بتدميرهم لقيم العيش المشترك والمساواة والعدالة والحرية، ونريدها أن تتخلص من "الفهلوة " المدمرة بكل أشكالها، لتواجه الوقائع والمعطيات التي على أرضها بجدية وصراحة ومسؤولية، بوعي وحكمة وحنكة، باقتدار يطهر دارها من كل ما لحق بتلك الدار العزيزة من عفن، جراء فتح أبوابها لمن يريدونها مطية لهم وخادماً لمصالحهم.. فليس من مصلحة مصر أن تلقي بجريرة ما جرى ويجري فيها، خارج حدود الجغرافية الطبيعية والبشرية التي لها، وتعزوه إلى مؤامرات خارجية فقط، أو إلى عناصر ليست مصرية، لتبرئ كل أبنائها من كل أدوائها.. فذلك ليس صحيحاً بالمطلق، فجسم مصر مصاب "بفيروسات مزمنة" تحدثت عنها المعارضة، وعانى منها الشعب، وشكا منها بعض مسؤولي النظام، وهي أعراض وأمراض جاءت من سياسات وممارسات وانحرافات ضاق بها الشعب المصري العظيم الذي أقام السد العالي وسجل ملحمة العبور.. وهي سياسات وممارسات سدت منافذ الأمل أمام كثيرين شبابها، فضاقت بهم أرضها، وخرجوا إلى ميادينها يضيئون أنفسهم شموعاً لكي ترى مصر طريقها في مدلهمات الخطوب ومظلمات الليالي، ولتتخلص مما يحمله الزمن من مصائب وكوارث.. نعم قد يكون هناك مندسون وصنائع وأدوات، ولكن لا يمكن أن يكون كل ما يحدث مؤامرة خارجية. 

لقد تابعت، معظم ما جرى خلال الأيام الماضية في مصر، من فجر يوم الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني 2011 إلى صباح يوم أمس الجمعة، الرابع من فبراير/ شباط الذي أطلقوا عليه يوم " رحيل الرئيس"، وأدمى قلبي يوم الحرائق، وترويع السكان في القاهرة، ويوم الخيول والجِمال في ميدان التحرير، والمواجهات التي جرت في ذلك الميدان بين أبناء مصر العزيزة.. واستمعت إلى مفكرين وفنانين ووعاظ ومسؤولين، واستفدت من معظم ما قيل، ففي مصر الخير، وهو بين حتى لو ظلل بعض معالم الأفعال التي تجري فيها الشر والادعاء والخداع والخبث. وفي أثناء تلك المتابعة لم أستطع أن ألجم انفعالاتي، ولا أنا استطعت أن ألجم غضبي أيضاً، فلمصر مكانة في قلبي وفضل علي، وأعد نفسي من أبنائها المتواشجين مع أفراحها وأتراحها، مع انتصاراتها وهزائمها، مع معاناة أبنائها من الفقراء والبسطاء، ومع المحرومين منهم حتى من الإفصاح عما يعتمل في ضمائرهم ويشكل فضاء أنفسهم.. وأنا مع ما يرفع شأن مصر ويعلي البنيان الحضاري فيها، وضد ما يخرب البنيان والعلاقات والقيم وصلة الإنسان بالإنسان فيها.. أنا من المتواشجين بعمق مع كل ما يجري في مصر ولها، فهي ثقل الأمة، والمؤثر في قرارها وتطورها، على الرغم من المرارة التي تراكمت في نفسي من أفعال وأقوال وقرارات ساسة، ومن ممارسات أشخاص قلة يزعمون أنهم كثرة، وأنهم مصر، والناطقون باسم شعبها الطيب الأبي، ممن يتكلمون باسمها وهم مرتبطون تاريخياً بدول وتنظيمات وأجهزة خارجها، ويؤلفون مع من هم على شاكلتهم، من أبناء بلدان أخرى، كتلة تبيع وتشتري في سوق الكلام وسوق السياسة والقيم، من دون رادع أو وازع.. كتلة تشوه وتزور، وترفع وتخفض، من دون معايير من أي نوع، مدعية المعرفة وهي الجهل والحقد المتفشي بكل أسف.. أنا متواشج مع مصر،  ومصر قلب أمتي، وأمتي تشكو من كثير مما تشكو منه مصر، ويعاني أبناؤها مما يعاني منه المصريون.. ومن موقع المحب والمنتمي أقول مستفيداً من درس مصر وتونس، في شأنهما وشأن كل قطر من أقطار الوطن العربي العزيز علي:

 1 ـ لا للطغيان والاستبداد والفساد والإفساد، للطغاة والمفسدين، ليس في مصر وحدها، بل في كل قطر عربي أولاً، وفي أي بلد من بلدان العالم ثانياً.. فذلك كله مما يدمر البلدان، ويشوه الإنسان، ويقضي على العلاقات السليمة بين الشعوب، ويقهر الناس، ويلوث البيئة الروحية والمعرفية والخلقية، ويرفع شأن من لا شأن لهم في المجتمعات ويعلي أصوتهم فوق صوت العقل والمنطق، ويزيد الانتهازية انتشاراً وعملقة وقوة، ويزري بالعقل والضمير والمعرفة والعلم والحكمة والقدرة، حيث يطرد أولئك المؤهلون من ساحات الرأي والقرار والفعل، ويلقَوْن في العتمة، بفعل مد تلك الموجات المتخلفة التي تتلاطم في بُحران اجتماعي متفلِّت من كل عقال، يغرق مراكب الشمس والخير والعدل والحق والعقل، ولا يستفيد منه إلا أعداء الأمة وتجار الحروب ومن يستلبون الشعوب.    

2 ـ لا لسياسات لا تنبع من التربة الاجتماعية والثقافية والعقدية والاقتصادية للبشر المنتمين إلى بلد ذي حدود وسيادة ومصالح وإرادة وخصوصية وتاريخ، بحرية واستقلالية وكرامة.. ولا للارتباط بسياسات قوى خارجية، ولا سيما تلك الاستعمارية والمعادية للأمة العربية، أياً كانت الأسباب والذرائع والفوائد. فتلك حين تكون هي عمالة وخيانة، ومن يقوم بذلك خائن للوطن والأمة ومتآمر عليهما.. وكفانا تردداً في إطلاق الصفة على الفعل الموصوف، فنفي المؤامرة والخيانة، جزء من الفعل الرامي إلى تكريس المؤامرة والخيانة وإنجاحهما، وحماية من يقوم بهما.. ولا يمكن أن تكون المؤامرة والخيانة وجهة نظر كما يصفون، بل هما في صلب مسماهما الفعلي " مؤامرة وخيانة"، لأن ذلك هو المنصوص عليه في الدساتير والقوانين، والمتعارف عليه في ثقافات الشعوب وتقاليدها وأعرافها، ولأن شرور ذلك تنعكس الأوطان وعلى الناس كافة في القطر الواحد والأمة الواحدة.

3 ـ لا لسيطرة فئة، أياً كان شأنها ومسماها وحجمها، على الفئات الأخرى في البلد الواحد والأمة الواحدة.. لأن ذلك يدخل في مجال العنصرية والتمييز، ويشكل عدواناً على حقوق الفئات الأخرى، وعلى مقومات حريتها وكرامتها ووجودها، ويُعد خرقاً للعقد الاجتماعي وللشرائع والتشريعات، ولمفهوم المواطَنة الذي يساهم احترامه في إطلاق الطاقات الخلاقة والإبداع، وبناء البلدان والحضارات.

4 ـ لا للظلم والقهر والفقر والجوع والترويع، والجهل والتجهيل، الابتزاز والانتهاز والتخويف والتخريف، واستلاب الحقوق والحريات، واستخدام قوة الدولة لتكريس ظلم واستبداد وحاكم ونظام، أو حزب أو فئة أو طائفة أو.. أو.. على حساب الوطن والناس والتقدم والنهضة، وبما لا يحقق تطبيق الدساتير والقوانين المقرة بصورة شرعية، تطبيقاً سليماً وصحيحاً ومتوازناً. فسيطرة فريق من الناس، بظلم وقهر، على سائر الناس تخرجهم على الحكم والنظام، دفعاً للقهر والجور.. وهو أمر تكمن فيه الفتنة والفوضى.. ولكن حين لا يمكن أن يُدفع الظلم إلا بالقوة والثورة، فذلك يدخل الطرفين، المظلوم الثائر والمستبد القاهر، في معادلة القوة مقابل القوة، والدفاع عن النفس ضد من يريد أن يستلب الحق ويزهق النفس.

 5 ـ لا لتفصيل الدساتير والقوانين على مقاس أشخاص أو أحزاب أو فئات وأسر، لأن ذلك يؤدي إلى انعدام المساواة، ويطعن في الحقوق المشروعة لكل فرد من أبناء الوطن، بوصفه الشريك في المواطنة والمصير، ويؤدي إلى الخروج على الدساتير والقوانين الجائرة التي لا تحقق العدالة والفرص المتساوية للجميع.

6 ـ لا للانتقاص من شأن أية سلطة من السلطات، في دولة تأخذ بمبدأ فصل السلطات، وتحتكم إلى أسس ومعايير وقواعد عمل عادلة وسليمة وواضحة، تحكم المجتمع، وتقيم قوام المؤسسات، وتحفظ حقوق كل الأفراد والأطراف، وتتيح لهم المشاركة لفاعلة في الشؤون العامة للوطن والأمة.

7 ـ لا للبلطجة، والفهلوة، والخداع، والخبث، وتسخير قوى الأمن للقمع والترويع والتعذيب.. فليس من حق أحد أن ينتهك حرمة أحد، وليس من حق حاكم أو نظام أن ينتهك حرية الجميع من أجل بقائه وعلوه، فلكل حاكم ونظام مثلما لكل مواطن ومواطنة، حق اللجوء إلى قضاء عادل مستقل مصان قادر، غير ملغم بالفساد، ولا مسيَّس، ولا مصاب بأي نوع من الفيروسات التي تعطل الضمير والعقل والعدالة والقوانين.  

8 ـ لا لسوق شراء الضمائر وبيعها، ولا للمال الذي يسيطر على قرار الدولة وينهب الوطن والمواطنين من خلال تسلم السلطة أو السيطرة على من يتسلمونها.. وهذا يستدعي حسن اختيار الساسة والمسؤولين، ومراعاة الجانب الخلقي والعقدي والوطني فيهم، ومتابعة أداء والأفراد والمؤسسات من جهات نظيفة حكيمة وقادرة، يناط بها ذلك وفق أسس ومعايير وقوانين تحول دون سوء التصرف أو سوء التقدير والتدبير.

9 ـ لا لتسخير الإعلام وسيلة سياسية للتضليل والتشهير والتلميع والتضخيم والتعتيم والتقزيم، عبر إشاعة الأكاذيب والأوهام والممارسات الفاسدة تحت مظلة الحرية والحماية الإعلامية.. ولا لإعلاميين ووسائل إعلام مطروحة في سوق المال أو ملقاة على عتبات الأنظمة والحكام والممولين، تقدم خدماتها بأثمان، شأنها في ذلك شأن مؤسسات القتل مثل "بلاك ووتر" الأميركية وسواها.. تضلل الرأي العام أو توجهه وفق استراتيجيات هذه الدولة أو تلك، هذا الحاكم أو ذاك، هذا التنظيم أو ذاك.. وبما يخدم من يدفع ويشتري ويأمر ويقدر، ومن ينصب نفسه وصياً على الناس، مستخدماً أموال الوطن وأجهزته وقواته ليرفع شأن نفسه ويرتفع فوق الناس والقانون والوطن، فوق الحقيقة والعدالة والناس.. فوق القيم والقوانين والشرائع. ولا لإعلام تعيث فيه فساداً.. ميليشيات لأحزاب وطوائف وفئات وأنظمة وحكام، أو لأجهزة غير وطنية وخارجية، ويستخدَم للتلميع والترويج، أو للتزوير والتشهير، باسم حماية الإعلام وحرية التعبير.. فحرية التعبير مقدسة ولكن حرية التشهير مرفوضة ومدانة، ومن يقوم بذلك من الإعلاميين والناس، في وسيلة إعلامية ما، ينتهك الضمير، ومعايير المهنة عن تعمد وقصد، ويكون جرمه أكبر من جرم مجرم يمارس القتل، لأنه يضلل الناس، ويفسد العدالة، ويشوه الحقائق، وقد يقود إلى إشعال الفتنة.. والفتنة أشد من القتل.

إنني أقدر تقديراً عالياً كل من يؤدي دوره من الإعلاميين في الساحات المضطربة، ويتعرض للأخطار، ويغامر بحياته من أجل الحقيقة، ولكنني لا أستطيع أن أنظر هذه النظرة ذاتها إلى من يستغل تلك المهنة أو يحرفها عن مساراتها الصحيحة والنبيلة، فيدخل ميادين الإعلام وهو يدرك أنه يقوم بعمل لا يتصف بالنقاء والنظافة والمهنية العالية، ولا يخلص للحقيقة ويخدمها ويساندها، فلا ينقل الخبر وإنما يصطنعه و" يفبركه" ويختلقه أحياناً، ليؤدي دوراً محدداً في خطة مرسومة أصلاً.

10 ـ لا لأنظمة القمع والترويع، والاستبداد والاستعباد، والديمومة "الأبدية"، والتعالي وادعاء العصمة، ولا التوريث والتبعية والاحتماء بأعداء الأمة والاستقواء بهم على الشعوب والأوطان.. فلن يحمي المستعمِر حاكماً ضد شعبه.. ولا يحمي الحكم والحاكم والنظام ولا يسنده ولا يقيمه أو يديمه إلا العدل والاستقلال أولاً والشعب ثانياً، ومن يقدر النظام والحكم والحاكم هو الشعب الذي يختاره ويرضى به ويرضه عنه وينقذه عند اللزوم..

ولا لأمن يستنفد أموال الوطن ويسخَّر ضد المواطن والمصالح الحقيقية للوطن، ولا يكون من أجل أمن الناس وأمن الوطن أولاً وأخيراً، ولا يوجَّه نحو معرفة العدو والعمل ضده بالدرجة الأولى. ولا لأجهزة لا تكشف وتلاحق المخبرين الكاذبين الذين تعرف مقدار ما يلحقونه بأشخاص أبرياء من أضرار وآلام. فهناك من يصفي حسابات مع خصومه من الناس، أو من يبتز الناس ويتلذذ بتشويه صورتهم وإلحاق الأذى بهم، عبر تقارير كاذبة يقدمها للأمن الذي يأخذ بها، وقد يكتشف كذبها.. ولكنه في تلك الحالة لا يحاسب من يفتري على الناس وينتهك حرماتهم.. الأمر الذي يبقى المخبرين والكذبة في مأمن.. ويبقى الأمن في معزل عن الحقيقة والعدالة.. وحجة بعض القائمين عليه، في ذلك الشأن، أنهم يريدون مخبرين.. وكيف يعرفون ما يجري في البلاد إذا كشفوا المخبرين وعاقبوهم؟! إنها حجج واهية تعلي من شأن الكذَبة والمفترين والمرتشين والواشين بالناس زوراً وبهتاناً، وتشوه الوقائع أمام الحكام والقضاة العادلين أو تضللهم، وترفع بأعينهم من يرتفع وينتفع على حساب الحقائق والأبرياء ومن لا يخضعون للابتزاز.. إن ذلك شر قد تهون دونه شرور، ولكنه للأسف نافذ المفعول في كثير من أقطارنا. 

بقيت أمور وأمور لم ألامسها في هذا المقام، وهي مما يجب التعرض له والكشف عنه والاعتراض عليه.. وربما يكون لذلك مجال في وقت قادم، ولكن ما أريد أن أختم به قولي، وأنا في خضم وجع مصر ووجعي مع مصر، هو أن مصر وشعبها فوق الأشخاص والأنظمة والأحزاب والحكام، ومصلحتها فوق مصالحهم، ووجودها فوق وجودهم، وهي الباقية وهم الزائلون.. وأنه لا يجوز بأي حال من الأحوال أن يكون ثمن تغيير نظام أو حاكم، بالوسائل السلمية والمناداة بالديمقراطية والعدالة والحرية والإصلاح وتوفير مقومات العيش الكريم للناس.. إراقة دمائهم وترويعهم، وإلحاق المعاناة بالملايين منهم، وإشعال الحرائق وتخريب العمران، وإلحاق الخسائر بالاقتصاد، وتشويه سمعة البلد وصورة الشعب.. إن مصر غنية برجالها ومفكريها ومشرعيها وتنظيماتها، وهي ذات تاريخ عريق، ولا يمكن أن نقبل قول من يقول بأن الخراب سيحل بها إذا رحل عنها شخص، سواء أكان الرئيس أو سواه، وإذا تغير فيها نظام الحزب الحاكم أو سواه.. فمصر لا تقوم على رجل من خشب، و" أم الدنيا" قامت واستمرت وبقيت وستبقى في الدنيا.. لأن في شعبها وشبابها القدرة على البقاء والتجدد والتجديد.. ففي مصر رجال، وشباب مصر خير ضمان لمستقبلها.

تحية لمصر وصناع مستقبلها المشرق. وأسال الله تعالى أن يحميها والأمة العربية من كل مكروه.

 

دمشق في 4/2/2011