خبر أصبح السلام ذخرا فجأة- هآرتس

الساعة 09:14 ص|03 فبراير 2011

أصبح السلام ذخرا فجأة- هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

أصبح السلام فجأة ذخرا حيويا في نظر اسرائيل؛ وأصبح حسني مبارك فجأة أكبر اصدقاء اسرائيل. مثل رجل يوشك ان يفقد المرأة التي نكل بها سنين، وآنذاك فقط يعرف في تأخر آثم قيمتها، تنطوي اسرائيل على نفسها في خوف من الآتي: فماذا سيكون لو ألغى الحكم الجديد في مصر اتفاق السلام. تسارع كعادتها الى مد يدها الى مسدسها، وتشيع الخوف كعادتها من الأخطار الحقيقية والمتوهمة، ويمنع رئيس حكومتها وزراءه الكلام على هذا الشأن بل انهم يطيعون ذلك. حذارِ، خطر: السلام يوشك أن يتمزق.

        انه نفس السلام الذي تلعبنا به ونكلنا به مدة سنين. تحدثوا دائما عن مبلغ كونه باردا، وعن مبلغ عداوة مصر وخطرها. فمبارك لا يأتي، والسياح لا يأتون، والنخبة معادية للسامية، وكم هي خطرة زيارة وادي النيل. يا للشيطان، المصريون يكرهوننا. اقترح افيغدور ليبرمان قبل عقد فقط قصف سد أسوان، وفعل مثله قبل ذلك بعشرين سنة يغئال الون ايضا.

        عندما كانت المعاهدة توشك ان يوقع عليها، تحصن مستوطنون في يميت، بل هدد تساحي هنغبي بالانتحار من اجل ذلك. وعندما وُقعت التزمت اسرائيل في اطارها احترام الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني، التزمت ونقضت، والتزمت وخادعت، ومنذ ذلك الحين لم تكف مصر عن التوسل لاسرائيل ان تعمل على تقديم تسوية مع الفلسطينيين – وتجاهلت اسرائيل في صلف وهي تفرض عليهم الحروب والاحتلال. سلام باطل، وتفاوض فارغ، ووصف السلام مع مصر دائما بأنه تحايل. لكنه أصبح الآن فجأة ذخرا استراتيجيا.

        انه نفس السلام الذي ما كان ليوجد أي احتمال لتقبله الحكومة والكنيست الحاليتان. ما كان بنيامين نتنياهو ليوقع عليه أبدا، وما كانت الكنيست لتُجيزه أبدا. لا يصعب أن نتخيل ماذا كان يحدث لو اقترحت مصر اليوم سلاما مقابل المناطق: تفاوض لا ينتهي في الترتيبات الأمنية والترتيبات البينية، وترتيبات مياه وترتيبات جو لكن لا سلام.

        كان ليبرمان سيهدد، واهود باراك سيتهرب، وكان الحاخام عوفاديا يوسيف سيصدر فتوى شرعية، وكان المحللون سيصفون جملة الأخطار، والجمهور في عدم اكتراث، وكان نتنياهو سيكون أجبن من ان يقرر – كانت اسرائيل ستقول لا للسلام. لكن الآن مع وجود خطر ان يؤخذ السلام منا عاد ليصبح حلما، ولعبة لن نتخلى عنها.

        الآن ايضا، في ساعة مصر المصيرية المدهشة، نحن سادرون. كارثة كبيرة: مصر متجهة الى الديمقراطية. وازمة عظيمة: مبارك يوشك ان يختفي. ما يحدث هناك يفسره لنا في الأساس جنرالات ومراسلون عسكريون وكأن الحديث حتى الآن عن دولة عدو. ويُعرض كل شيء بأضواء حمراء خفاقة تشير الى الخطر. لا يستولي الاخوان المسلمون على مصر فقط بل يتجهون الى اسرائيل ايضا. حتى عندما يبدو ان مصر لن تصبح ايران، وان الثورة فيها علمانية وشعبية، وان كراهية اسرائيل لا تلعب أي دور مركزي فيها، يُخوِّفون عندنا فقط. كان سيُعين حتى يوآف غالنت رئيس اركان بعد لحظة بسبب الخطر المترصد. وبدل ان نحاول استنفاد الاحتمالات نسارع الى التحدث الكثير عن الأخطار.

        من الجيد أننا عرفنا في نهاية الامر قيمة السلام مع مصر بعد جميع سني الاستخفاف. إن سنواته الـ 32 أحسنت الى اسرائيل جدا. فكم من القتل مُنع بسببه، وكم من الأمن والهدوء كسبنا بسببه، وكم من الموارد وفرنا بسببه. انه ذخر استراتيجي حقا. لكن ما الذي فعلناه طوال تلك السنين للحفاظ عليه؟ وكم فعلنا من اجل تعميقه مع الشعب المصري، الذي يرجو ان يرى نهاية احتلال اخوانه الفلسطينيين؟.

        وفوق كل شيء، ما الذي فعلناه للتوصل الى اتفاقات اخرى كتلك التي نستخف اليوم بأهمية احرازها، وربما يصيبنا ذات يوم خوف وجودي ازاء خطر ضياعها. فكروا في الفلسطينيين وفي سوريا، فكروا في اليوم الذي سنوقع فيه على سلام معهم – وفكروا في اليوم الذي سيوجد فيه خطر ان يُؤخذ منا.