خبر كتب صالح النعامي:إسرائيل تخشى نظام إقليمي معادي بعد مبارك

الساعة 08:13 ص|03 فبراير 2011

كتب صالح النعامي:إسرائيل تخشى نظام إقليمي معادي بعد مبارك

 

رغم التعليمات الصريحة التي أصدرها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لوزرائه وكبار مسؤولي الدولة بعدم التعليق على ما يجري في مصر، فإن مظاهر القلق الشديد مما يتصاعد في مصر تبدو أكبر من أن تحتويها هذه التعليمات.

 

فالمسؤولون الصهاينة الذين بدوا صباح يوم الجمعة واثقين بأن نظام الرئيس مبارك سيكون قادراً على احتواء الغضب المصري، أدركوا في نهاية ذلك اليوم أن تفاؤلهم كان مبالغ فيه إلى حد كبير. ومن وراء الكواليس التقى ممثلين عن كل أجهزة التقدير الإستراتيجي الإسرائيلي لتقييم مآلات الأوضاع في مصر، حيث أن الحكومة الإسرائيلية والمؤسسة الأمنية في الكيان الصهيوني حرصتا على الإبقاء على سرية قرار اتخذ بتشكيل خلية أزمة مكونة من ممثلي الأجهزة الاستخبارية والجيش ووزارة الخارجية تعمل على مدار الساعة لمتابعة ما يجري في مصر.

 

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما الذي يدفع دوائر صنع القرار الصهيوني لإبداء هذا الاهتمام منقطع النظير بما يجري في مصر؟

 

مصير " كامب ديفيد "

 

مما لا شك فيه أن أكثر ما يثير الفزع في دوائر صنع القرار الصهيوني هو أن يؤدي انهيار نظام مبارك إلى تجاوز النظام الديموقراطي القادم في القاهرة لاتفاقية " كامب ديفيد "، التي ترى جموع الشعب المصري ونخبه السياسية والفكرية أنها قيدت مصر وأخرجتها عن دائرة الفعل العربي والإقليمي والعالمي، إلى جانب أن نظام مبارك استند إلى هذه الاتفاقية في تكريس تبعيته المطلقة والعمياء لكل من الإدارة الأمريكية وإسرائيل، بحيث بات يؤدي دوراً وظيفياً محدداً، يحرص من خلاله على خدمة المصالح الأمريكية والإسرائيلية. وتخشى تل أبيب من أن أي قرار أو سلوك للنظام القادم يفيد بتجاوز اتفاقيات " كامب ديفيد "، يعني تغيير البيئة الاستراتيجية لإسرائيل بشكل كامل وقاطع، حيث أن هذا التطور يفرض على الكيان الصهيوني تغيير العقيدة الأمنية الإسرائيلية من أساسها، وسيعيد رسم خارطة التهديدات التي تحيط بإسرائيل، بحيث أنه يخشى أن ينتهي الأمر بتحول مصر إلى دولة " عدو " بكل ما تعنيه الكلمة، وهذا يتطلب إعادة نشر القوات الإسرائيلية بشكل مختلف، وبشكل سيؤدي إلى استنزاف مخزون القوى البشرية في الجيش الإسرائيلي، المستنزف أصلاً، علاوة على الكلفة المالية الباهظة لمثل هذه التحولات.

 

كرة ثلج، لكنها ملتهبة

 

إن أكثر ما يثير الرعب في نفوس الصهاينة أن يكون التحول الديموقراطي في العالم العربي هو كرة ثلج بدأت مسيرتها في تونس ولن تنتهي في القاهرة، بل تنتقل إلى ساحات أخرى، سيما في الأردن ، وهما الدولتان المجاورتان لفلسطين، إذ أن هذا التحول سيؤدي حتماً إلى حلول أنظمة حكم جديدة تستند إلى شرعية انتخابية شعبية، وما سيفرض إدخال تغييرات على سياسات هذه الدول. ومن نافلة القول أن إسرائيل تعيش حالة ذعر حقيقية من إمكانية حدوث تغيير الأوضاع في الأردن، ولا حاجة هنا للتذكير بأن الحدود الأطول لفلسطين هي مع الأردن، وفي حال حدوث تغيير في الأردن، فإن الإرهاق الذي سيتعرض له الجيش الإسرائيلي من أجل تأمين الحدود معه سيكون أكبر بكثير مما سيسفر عنه تغيير النظام في مصر. لكن المحللين الصهاينة يتوقعون تطوراً في كل من مصر والأردن بعد حدوث التغيير التام في البلدين، ألا وهو وقف التعاون الأمني والاستخباري بين إسرائيل من جهة والأردن ومصر من جهة أخرى، كما قال ذلك صراحة نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي سيلفان شالوم.

 

قوة دفع للمقاومة الفلسطينية

 

تنظر محافل التقدير الاستراتيجي في تل أبيب أنه في حال إنجز التحول الديموقراطي في مصر والأردن، وفي غيرها من دول، فإن المستفيد الأكبر ستكون المقاومة الفلسطينية، ومن خلال التوقعات الصهيونية، فإن التحولات الديموقراطية ستؤدي على هذا الصعيد للتالي:

 

أ –  احتراماً للرأي العام، فإن الأنظمة الديموقراطية الجديدة في العالم العربي لن تتعاون مع إسرائيل في حربها ضد المقاومة الفلسطينية، كما كانت عليه الأمور حتى الآن.

 

ب – لن تتهاون الأنظمة الديموقراطية في العالم العربي مع القمع الإسرائيلي للمقاومة، وستتخذ على صعيد الدولي والسياسي إجراءات تقلص هامش المناورة أمام إسرائيل.

 

ج- التحرر من حاجز الخوف من المنظومات الأمنية للأنظمة المستبدة، سيجعل ردة فعل الشارع العربي على أي عدوان إسرائيلي ضد الفلسطينيين كبيرة، وهذا ما قد يعيد خلط الأوراق بشكل لا يخدم المصالح الأمريكية والإسرائيلية.

 

د - سقوط الأنظمة الديكتاتورية سيمثل ضربة كبيرة لسلطة رام الله وسيقلص هامش المناورة أمامها، مع العلم انها تواجه مأزقاً خانقاً بسبب رفض حكومة نتنياهو إبداء أي مرونة تجاهها.

 

نظام إقليمي جديد

 

ويكاد يجمع الصهاينة على أن التحولات الديموقراطية المرتقبة في العالم العربي ستؤدي حتماً إلى تغير واضح في سلم أولويات الأنظمة العربية الجديدة، متوقعة أن ينشأ نظام إقليمي جديد، يعتمد أجندة جديدة. وشدد المعلقون الصهاينة على أن إسرائيل والولايات المتحدة ستعانيان كثيراً من النظام الإقليمي الجديد، الذي من المرجح أن يعيد تشكيل قائمة الحلفاء والأعداء، حيث من المؤكد أن إيران ستغيب عن قائمة الأعداء، حيث أن نظام مبارك كان أكثر الأنظمة العربية تطوعاً لخدمة الخط الدعائي الأمريكي المناهض لإيران، وهذا ما سينتهي حتماً في حال أدت الثورة المصرية إلى تغييره، وما ينطبق على مصر ينطبق على الدول الأخرى.