خبر مصر تستيقظ بعد نوم طويل ..د. محمد مورو

الساعة 06:34 م|02 فبراير 2011

مصر تستيقظ بعد نوم طويل  ..د. محمد مورو

 

يُمكننا أن نقرِّر بكل الثقة أن مصر ما قبل 25 يناير 2011 غير مصر بعد ذلك اليوم المشهود، وأن مصرًا جديدة نسأل الله أن تكون جميلة بدأت تتشكَّل على يد ذلك الجيل الجديد الذي استخدم منجزات العلم في التواصل والاتصال لصالح أمتِه، ولم يكن مثلما كان يوصف عادة يسيء استخدام تلك المنجزات وشبكات التواصل الاجتماعي في التفاهات أو الأمور السيِّئة المعروفة – فتحيةً إلى هذا الجيل.

 

إنها في الحقيقة نقلةٌ نوعيَّة غير مسبوقة منذ قيام ثورة يوليو 1952 على الأقل، تلك الثورة التي ألغت العمل السياسي وجمَّدَت القوى السياسيَّة واستأثرت بالسلطة بوسائل متعدِّدة، في جمهورياتها الثلاث، وهذه النقلة النوعية في رأيي هي نهاية حقبة يوليو بكل ما أوصلت إليه البلاد من خراب.

 

يجب أن نكون شجعانًا في مواجهة الحقائق، فبعد ستين عامًا من الثورة بات المصريون مهددين بالعطش، ونقصان موارد النيل، بات جزء منهم كبير جائعًا، وجزء آخر عاطلًا، وباتت العدالة وكرامة واحترام حقوق الإنسان أمورًا غائبة.

 

ضعف دور مصر الإقليمي والدولي خارجيًّا، وظهر الفساد في برّ مصر وبحرها بما كسبت أيدي الحكام والله لطيف بالعباد، لطيف بهم حيث بعث لهم جيلًا جديدًا يحاول إخراجهم من النوم والسلبية والصفقات المشبوهة بين الحكومة والسياسيين.

 

قال الشباب كلمتهم، لقد فشلت الحكومة، وفشلت أحزاب المعارضة، وفشلت الجماعات السياسيَّة المحظورة وغير المحظورة، وأن على الجميع أن يراجع نفسه قبل فوات الأوان.

 

وفي الحقيقة فإن الحكومة المصريَّة تبدو صمَّاء لا تسمع، لأنها حتى الآن لا تزال تردِّد نغمة مشروخة عفَا عليها الزمن، عن مسئولية الإخوان المسلمين مثلًا عن تلك الانتفاضة، وهذا غير صحيح، تحاول الحكومة تخويف الشعب، وتخويف القوى الدوليَّة واستجداء دعم تلك القوى، وإلا فإن البديل سيكون إسلاميًّا، وما لم تفهمْه الحكومة حتى الآن أن الغرب سوف يغير موقفه الاستراتيجي من الحركات الإسلاميَّة، ويقبل بحركاتٍ معتدلة، بل ربما يدعمها على الغرار التركي، بدلًا من الفوضى الشاملة وانتشار الإرهاب الذي زادت وتيرتُه من موريتانيا إلى الصومال وسيضرب السودان وساحل العاج ونيجيريا وغيرها بالضرورة نظرًا لتعقيدات الأوضاع هناك.

 

ما لم تستطع الحكومة أن تفهمه حتى الآن أن هناك جيلًا جديدًا تشكَّل في مصر يريد حقَّه وحقيقته، ولم يعد يُجدي معه المسكنات وطرق الخداع، لأن الجوع والبطالة أقصى من أن تسكن المسكنات آلامها، وأن الرغبة في التغيير جارفة.

 

وعلينا أن نلحظ أن قوى سياسيَّة كانت متورِّطة حتى النخاع مع الحكومة مثل حزب التجمع بات يدعو إلى التغيير السياسي وعدم التجديد للرئيس أو ابنه، وقوى أخرى فرضت عليها ممارسات النظام أن تأخذ موقفًا أقوى مثل حزب الوفد فطرحت رؤى أعلى من ذلك، ناهيك عن حركات التغيير والبرادعي والإخوان المسلمين والمطالب العشرة، الجميع يريد أن يلحق بالموجة العاتية، وهم قد أدركوا أن المصريين استيقظوا، ولن يسامحوا هذه المرَّة من يضربُهم في ظهرهم، أو يحصل على مكاسب سياسيَّة على حسابهم، وندعوهم ألا يتوقفوا في منتصف الطريق ويفقدوا الثقة في الشعب مرةً أخرى، فيخرجوا من التاريخ والجغرافيا مثلما يخرج النظام الآن وحتى لو لم تحقّق هذه الانتفاضة أهدافها كاملة، فإن ملامح الفجر الجديد غير الكاذب قد لاحت في الأفق ولن يوقف بزوغ الفجر شيء، لقد ظهر النور وعلى الجميع أن يستيقظ.

 

ولا ننسى في هذه المناسبة أن نشير إلى فضل الشعب التونسي في إيقاظ الوعي العربي، فقد بدأ التوانسة المسيرة، التي لن تتوقَّف إن شاء الله، وإن قال البعض أن الظروف في مصر غيرها في تونس، فهذا هو الغباء الذي يتَّسم به الاستبداد عمومًا، فالحقيقة أن الأوضاع في مصر أسوأ بكثير من تونس، وكذلك الأوضاع في عددٍ كبير من الدول العربيَّة والإسلاميَّة.