خبر صدق إدوارد سعيد -هآرتس

الساعة 09:54 ص|02 فبراير 2011

صدق إدوارد سعيد -هآرتس

بقلم: أنشيل بابر - القاهرة

 (المضمون: أتستحق شعوب الارض جميعا الديمقراطية ولا يستحق المصريون ذلك. هل أُصيب الاسرائيليون والغربيون عامة بما تكلم عليه ادوارد سعيد في "الاستشراق" - المصدر).

        يبدو انه صدق البروفيسور ادوارد سعيد. كلنا مصابون بالاستشراق، ولن نقول العنصرية، اذا كان منظر شعب كامل يتحلل من عبء الاستبداد ويطلب في شجاعة انتخابات حرة – يملؤنا خوفا بدل ان ينعش قلوبنا، لمجرد انهم عرب، حتى إن فرسان اليسار وكبار معسكر السلام مستمرون في مكافأة حسني مبارك لاستضافته الضيوف في القصر الرئاسي بتصريحات ولاء حتى بعد أن بيّن له الشعب المصري الطريق الى الباب.

        هل نخشى ألا نستطيع التمدح باسم "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط"؟ ألا تستحق مصر ذلك ايضا؟ يُخوفوننا من سيطرة اسلامية على الجارة الكبيرة. من المؤكد ان يلعب الاخوان المسلمون دورا مهما في كل بنية سياسية ديمقراطية تنشأ في مصر وتجب مواجهة هذا. والاصوليون المتدينون عندنا ايضا يشاركون في الحكم. هذا هو ثمن الديمقراطية النيابية. كانت الادارة الامريكية السابقة متعلقة من حبلها السري بالاصوليين ايضا. لكن هذا الامر هناك لا بأس به فالمسيحيون الانجليكانيون هم مُحبو اسرائيل.

        ماذا سيكون مع اتفاق السلام؟ قال مئات المصريين الذين سئلوا عن ذلك هذا الاسبوع في شوارع القاهرة انهم يؤيدون استمرار العلاقات الدبلوماسية بين اسرائيل ومصر. بل كان يصعب ان تجد بين مؤيدي الاخوان المسلمين من يدعو الى إبعاد السفارة الاسرائيلية، برغم انه وجد عدد من هؤلاء. ثبتت اتفاقات كامب ديفيد لقتل أنور السادات الذي لم يكن هو ايضا ديمقراطيا عظيما بالضبط، ولا سبب كي لا تثبت بعد أن يعتزل حسني مبارك ايضا.

        بحثت وسائل الاعلام في اسرائيل بين عشرات آلاف الصور التي صدرت عن القاهرة عن لافتة لمبارك مع نجمة داود يرفعها المتظاهرون ووجدوا في النهاية. كان بين الآلاف الذين دعوا مبارك الى الرحيل الى السعودية اثنان أو ثلاثة صرخوا "إذهب الى تل ابيب". لكن حتى لو كان من الصعب علينا قبول هذا، فان اسرائيل لم تكن ببساطة عاملا في كل الهبة المصرية في الاسبوع الاخير ولا سبب لتكون.

        صحيح، هم لا يحبوننا، ولماذا يحبوننا. فهم عرب ومسلمون وهم يرون اسرائيل سواء كان ذلك حقا أم غير ذلك دولة محتلة، وهم يريدون ان تصنع حكومة مصرية أكثر لتقويم الاعوجاج. هل زرتم اوروبا في المدة الاخيرة؟ فهناك ايضا لا يحبوننا لنفس الاسباب بالضبط – لكن الاوروبيين كما يبدو يستحقون الديمقراطية أكثر من المصريين فقد فرحنا عندما سقط سور برلين.

        سيقول الخبراء: هذه بدائية. ففي ايران ايضا بدأت الثورة على الشاه في 1979 حركة شعبية وديمقراطية وحصلنا في نهاية الامر على الخميني. ومن الحقائق ان محمود احمدي نجاد سارع الى مباركة المتظاهرين. مما لا شك فيه ان زعماء ايران شامتون بمبارك، لكنهم يرتجفون لمشاهدة ما يُبث من ميدان التحرير. فهم يعلمون ان الالهام الأصلي للمظاهرات ليس هو ثورة الياسمين في تونس، بل المواطنين الذين خرجوا الى شوارع طهران قبل سنة ونصف. نجح الحرس الثوري آنذاك في قمع الانتفاضة لكن تبين في مصر ان تأثير ردع دولة شرطة قد بُني مدة عشرات السنين، يمكن ان يتلاشى تماما في ساعات. سيتشجع الايرانيون ويحاولون مرة اخرى وسيكون من الصعب هزيمتهم في المرة القادمة.

        ربما يكون خوفنا الحقيقي مشابها جدا لخوف الطبقة الحاكمة عند جيراننا. فماذا لو أن الأمة العربية القادمة التي ستنتفض لن تكون الاردنيين أو اليمنيين بل الفلسطينيين خاصة؟ كيف سيرد الجيش الاسرائيلي في اليوم الذي يسير فيه عشرات الآلاف بأيد مكشوفة نحو جدران المستوطنات ويطلبون دولتهم الحرة.