خبر مع عدم وجود شركاء..هآرتس

الساعة 12:49 م|27 يناير 2011

بقلم: آري شبيط

إن لم يكن هذا محزنا فانه مضحك. فمرة كل بضع سنين يظهر نبأ ما عن تفاوض ما بين اسرائيليين ما وفلسطينيين ما في التسوية الدائمة. اذا فحصنا عن النبأ جيدا رأينا فورا انه لم يُحل بهذا التفاوض ايضا مشكلة اللاجئين، ولم تُحل مشكلة القدس ولم تُحل مشكلة نزع السلاح. ولم يتم تقديم جواب عن تحدي حماس، ولم يتم تقديم جواب عن تحدي اجلاء المستوطنين ولم يتم تقديم جواب عن تحدي ضعف نظام الحكم في اسرائيل وفي السلطة الفلسطينية.

        ولما كان محررو الليل أبناء قبيلة واحدة، فان عنوان الصباح لا يتناول ما لم يتم احرازه. ولما كان مُقدمو برامج المذياع والتلفاز أبناء القبيلة نفسها فلا تُسأل الاسئلة الصعبة. وفي غضون يوم تنشأ صورة واقع محكمة العُرى: كان الفلسطينيون الأخيار شركاء، وكان الاسرائيليون الأخيار شركاء، وكان الاتفاق الدائم على مبعدة لمسة لولا أن جاء الاسرائيليون الأشرار وأخربوا كل شيء أي الآن في عمق عمق عصر السلام.

        هذا مضحك، مضحك حقا. يستطيع فقط شخص لا يفهم المأساة الفلسطينية ان يصدق ان اللاجئين الفلسطينيين يستطيعون التخلي عن حقهم في العودة الى البيوت والقرى والمدن التي فقدوها في 1948. وإن شخصا لا يفهم البُعد الديني للهوية الفلسطينية فقط يستطيع أن يصدق ان القيادة الفلسطينية قادرة على المصالحة على جبل الهيكل وقلب القدس. وإن انسانا فقط لا يحترم القومية الفلسطينية يستطيع ان يصدق أن الشعب الفلسطيني الفخور سيكتفي بدولة منزوعة السلاح ومقطعة الأوصال ولا جيش لها، لا تسيطر على حدودها وسمائها. يجب ان ندرك ان الفلسطينيين غير قادرين حتى الآن على دفع الثمن الذي يُطلب اليهم دفعه لانهاء الصراع بسلام لا عن احتقار لهم بل عن تقدير عميق لهم.

        هذا مضحك، مضحك حقا. وإن شخصا لا يدرك المأساة اليهودية فقط يستطيع أن يصدق ان اليهود يستطيعون ألا يطلبوا الى الفلسطينيين الاعتراف بالدولة اليهودية والكف عن طلب العودة. وإن انسانا لا يحترم التاريخ اليهودي فقط يستطيع ان يصدق ان اسرائيل تستطيع التخلي في سهولة عن صلتها بجبل الهيكل وقلب القدس. وإن شخصا لا يفهم الوضع الاسرائيلي فقط يستطيع ان يصدق ان دولة اسرائيل تستطيع البقاء الى جانب دولة فلسطينية مسلحة حدودها مفتوحة وسماؤها مخترقة. لا عن استخفاف بالاسرائيليين بل عن تقدير عميق لهم يجب ان نفهم انهم ما زالوا غير قادرين على دفع الثمن الذي يُطلب اليهم دفعه لانهاء الصراع بسلام.

        مضحك مضحك، لكنه محزن محزن. منذ 15 سنة ونحن نضلل أنفسنا: ها هو ذا قريبا قريبا. فمرة أبو مازن – بيلين، واخرى كامب ديفيد، واخرى جنيف واخرى أنابوليس. لو لم يُقتل اسحق رابين فقط، ولو لم يُنتخب بنيامين نتنياهو فقط، ولو بقي لاهود اولمرت شهران فقط. بيد ان الحقيقة ان مخطط المسيرة السياسية الحالية هو مخطط كاذب. والأفق السياسي المقترح أفق باطل. فلا شريك فلسطينيا في السلام الدائم ولا شريك اسرائيليا في السلام الدائم، ولا يوجد أي احتمال للسلام الدائم في المستقبل القريب.

        كي لا يكون الامر محزنا جدا وكي لا تقع كارثة، يجب أن نفكر خارج الصندوق. يجب على الاسرائيليين السعي الى انهاء الاحتلال بلا مخاطرة بالبقاء. من اجل هذا يجب عليهم إحداث تغيير بنيوي في نظام الحكم، واخلاء مناطق في الضفة الغربية والحصول على ضمانات من الجماعة الدولية. وعلى الفلسطينيين السعي لبناء دولة ذات حياة وذات روح حياة ايجابية. يجب عليهم من اجل هذا الاستمرار في زخم فياض، وبناء مؤسسات رسمية وتوسيع سيطرتهم على المناطق. اذا كان الطرفان قادرين على التوصل الى اتفاقات بينية فذلك ممتاز. واذا لم تكن الاتفاقات البينية ممكنة فيجب التوصل الى تفاهمات بينية تنشيء في واقع الامر وضعا ثنائي الدولة. إن الايمان بأن تفاوضا آخر واحدا سيثمر وثيقة اخرى واحدة تفضي الى سلام داحض. وانتظار السلام الكامل أصبح خطرا. بعد 15 سنة من الحماقة حان وقت ترك النموذج المسيحاني لانهاء الصراع. الطريقة الوحيدة لتقسيم البلاد هي العمل في تصميم وحذر لتخفيف الصراع وانهاء الاحتلال.