خبر حزب العمل مستمر كالعادة- هآرتس

الساعة 10:59 ص|08 فبراير 2016

فلسطين اليوم

بقلم: جدعون ليفي

          (المضمون: بدون أي بريق اجتمع مؤتمر حزب العمل ليثبت أنه لم يتغير وأنه يزيف الافكار وأن الزمن بالنسبة له قد توقف - المصدر).

          لقد أظهر حزب العمل أمس الامر الذي يتميز بفعله اكثر من أي شيء آخر: لقد زيف نفسه مجددا. حزب السلطة السابق زيف نقاش سياسي، خطة سياسية، وحدة حزبية، قائد وعودة قريبة للسلطة (البعض تحدثوا عن 40 مقعدا وليس أقل من ذلك). كل شيء وكأنه حقيقة لكن غير حقيقي. بدا للحظة أنه يعرف ذلك جيدا وافضل من الآخرين، لكن الامر لم يمنعه من الاستمرار في التزييف وبأكبر قدر ممكن.

          هتافات التشجيع « بوجي بوجي » كانت مزيفة بالضبط مثل خطته السياسية، خطة الانفصال. مجرد الحديث عن التأييد الدولي لخطة سياسية اخرى، خطة السكرتير العام حليك بار – « حينما نطرحها سيقف كل العالم من ورائنا » – كانت مزيفة. مع ذلك حدث شيء يلامس القلب أمس في فضاء قاعة المؤتمرات في تل ابيب: رائحة العفن والنفتالين. يبدو أن الزمن في هذا الحزب قد توقف.

          أنا أتابع هذا الحزب منذ اربعين عاما، احيانا من الداخل واحيانا من الخارج، ويبدو أن هناك أمور لا تتغير أبدا. المؤتمر الذي اجتمع أمس ذكرني بما نسيته.صحيح أن شعر الكثيرين اصبح رماديا وأقل واحيانا مصبوغ وازدادت الكروش. واختفى كبار السن واصبح الشبان كبار وانضم اليهم اصدقاء جدد وهم يحملون نفس الـ دي.ان.اي، دي.ان.اي حزب العمل الذي لا يعرفه الشخص الغريب. لقد بقي الحزب كما هو والمؤتمر: اشكنازي في معظمه ينقصه البريق. إنه افضل واكثر راحة من مؤتمر الليكود حيث الصراخ أقل – ومع ذلك يبقى مؤتمرا للصفقات بالمعنى السيء للكلمة.

          قبل عشرات السنين كانت هذه هي المؤسسة العليا التي كانت تجتمع مرة كل بضع سنوات، وعادة بحضور تمثيل دولي لاحزاب العمل في اوروبا وفي معارض الثقافة في تل ابيب أو مباني الامة في القدس. لم يبق الكثير من هذا. فقط « اسحق الغالي » التي أُسمعت في المؤتمر الدراماتيكي الذي لا يمكن نسيانه من فم شمعون بيرس الى صديقه رابين، تبدلت أمس بـ « اسحق الغالي » بفم ايتان كابل الذي توجه لهرتسوغ في خطاب زيف الانفعال والوحدة بشكل فوق المتوسط – وابتز التصفيق.

          سمعت خطابات التسخين بعد الظهر. الواحد تلو الآخر صعدوا الى المنصة وقدموا خلال ثلاث دقائق الخطط السياسية الخاصة بهم والتي تتماثل كلها تقريبا. هذا يقول دولتين وهذا يقول دولتين والجميع يقولون معا ليس الآن. هذا يقول سلام وهذا يقول أمن والجميع يعرف أنه ليس الآن. هذا يقول يهودية وهذا يقول ديمقراطية وكلهم معا لا يفهمان أن هذين المفهومين يتناقضان جوهريا. كانت اللهجة أمنية كما يسمونها. واحد اعتبر ياسر عرفات قاتل والثاني هدد الفلسطينيين بنكبة جديدة وثالث تحدث بفخر بأن حزب العمل هو الذي شق جميع الطرق الالتفافية للمستوطنات. بالفعل انه احترام كبير. واحد اقترح أن تكون غزة هي الدولة الفلسطينية وآخر اقترح قلندية للفلسطينيين والقدس لليهود الى أبد الآبدين. واحد قال إنه لا يوجد شريك فلسطيني وقال الثاني إن غور الاردن سيبقى في ايدينا دائما، وتحدث ثالث عن دولة منزوعة السلاح.

          لا توجد أي فكرة جديدة واحدة. لا يوجد شيء لم نسمعه في هذا الحزب منذ سنوات. وسبق أن قلت يبدو ان الزمن توقف. لا يوجد عالم، لا يوجد احتلال عمره 50 سنة – الامر الوحيد الذي لا يقولونه هنا هو الحل الجغرافي، لا يوجد حل وسط وظيفي، لا يوجد خيار اردني، لا توجد خطة الون – التي هي خطة حزب العمل على مر الاجيال. كل هذه الخطط اختفت قبل سنوات ولم ينشأ شيء جديد بدلا منها باستثناء الحديث عن دولتين، حيث اتفق جميع المتحدثين على أنه ليس الوقت الملائم لهذا الحل. متى؟ في مرة اخرى. ليس الآن. لينتظر الفلسطينيون بهدوء. لم التعجل.

          في الوقت الحالي: الفصل. اللعبة القديمة الجديدة لهرتسوغ والتي تتميز بالعنصرية: هم هناك ونحن هنا كما عبر عن ذلك اهود باراك. « أنا أريد الانفصال عن اكبر عدد من الفلسطينيين في اسرع وقت ممكن »، كتب هرتسوغ في الخطة التي وزعت في كراسة بما في ذلك بعض التقييمات التي تؤيدها بالذات من الصحفيين في اليمين، « هم هناك ونحن هنا. نبني جدار كبير بيننا. هذا هو التعايش الممكن الآن »، حيث قال هرتسوغ كلمة فصل عشرين مرة في خطابه. الفصل فقط يحافظ على الامن، الفصل فقط يحافظ على القدس يهودية، الفصل فقط سيؤدي الى مؤتمر اقليمي.

 

          لقد قال هرتسوغ انه سيعيد الحزب الى ايام اسحق آخر، اسحق رابين ودافيد بن غوريون. لم يقم بمقارنة نفسه معهم. « جميعنا لا نريد السيطرة على شعب آخر ». انهم لا يريدون شيء هؤلاء المساكين، لا يريدون السيطرة على شعب آخر. والواقع السيء هو الذي يفرض هذا عليهم، انهم ضحايا. بكلمات اخرى: سيستمر الاحتلال حسب خطة هرتسوغ اذا لم تفهموا ذلك.

          مع ذلك، كانت هناك عدة لحظات مؤثرة. في ذروة المؤتمر دخل رئيس الهستدروت آفي نيسان كورن. لقد انضم يوم الثلاثاء الماضي ودخل أمس وهو ترافقه حاشية كبيرة. وقد وعد هرتسوغ بأن عمير بيرتس سينضم غدا – حيث علا التصفيق الهتاف. لن تصدقوا أن افرايم سنيه ايضا « الذي لم يكن معنا منذ فترة طويلة »، عاد أمس الى البيت، عاد الى المؤتمر بعد مغامرة « اسرائيل قوية ». يجب الاعتراف أن الهواء كانت فيه كهرباء: عودوا الى البيت أيها الاولاد الضائعين.

          مع سنيه أو بدونه اعتقدت ان اعضاء الكنيست الحاليين سيقولون شيئا. اقترح نحمان شاي بث الأمل، اقترحت ستاف شبير قول الحقيقة، قال زهير بهلول ان هناك طاقات في الحزب، وعندها جاء دور شخص آخر له خطة سياسية هو عومر بارليف، رجل الامن الحالي للحزب. « اذا قام ليقتلك فبادر الى قتله ». واظهر بذلك انه يمكن تجاوز نتنياهو من اليمين. معارضة أم غير معارضة؟ « حان الوقت للكف عن سياسة الاحتواء لنتنياهو والانتقال الى سياسة المبادرة والهجوم ». بارليف اذا مع عملية برية في غزة في لحظة اكتشاف النفق الاول. خطة سياسية أو غير سياسية. تصفيق. هو ايضا ضد « سياسة الغطاء » لنتنياهو – لديه ايضا خطة فصل مثل هرتسوغ ولكنها من اربع مراحل. والمهم هو عدم ذهاب أي جندي الى أي مكان. الاحتلال باق مثلما لدى هرتسوغ.

          « بوجي، بوجي، بوجي »، حاول احد الشبان الهتاف حينما كان كابل يحاول احياء المؤتمر. « بدلا من ذلك، المطلوب هو طاقة. ما الذي حدث لكم؟ ». توجه كابل الى اسحق ليترك هاتفه المحمول، فسارع هرتسوغ الى فعل ذلك، وعندها بدأ كابل بالقاء خطاب لن يخجل منه أي خطيب من بيونغ يانغ البعيدة. « وظيفتنا هي اعطاء قائدنا اسحق القوة، واسحق هو قائدنا » – هذه الكلمات اقامت هرتسوغ من مكانه من اجل أن يقبل كابل.

          عندها صعد هرتسوغ وقال ان حلم الدولتين لم يمت، لكنه لن يتحقق غدا.