خبر من الذي على حق -هآرتس

الساعة 10:26 ص|08 أكتوبر 2015

فلسطين اليوم

بقلم: جدعون ليفي

 (المضمون: الوضع الحالي قد يستمر سنوات طويلة. لماذا؟ لأن اسرائيل قوية والفلسطينيين ضعفاء والعالم غير مبالي - المصدر).

من وراء غيوم المصداقية والدعاية في وسائل الاعلام والتحريض وصرف الانظار وغسل الدماغ، يظهر من جديد وبقوة السؤال البسيط والاساسي: من الذي على حق؟.

 

          لم تبق ادعاءات صادقة في التشكيلة الاسرائيلية، تلك التي يقبل بها الانسان المستقيم. مهاتما غاندي كان سيفهم اسباب اندلاع العنف الفلسطيني، وكل من يتحفظ من العنف سيعتبره عملا لااخلاقيا وبدون فائدة، ولا يستطيع عدم الفهم كيف يندلع مرة تلو الاخرى. والسؤال هو كيف أن العنف لا يندلع أكثر بكثير من مسألة من الذي بدأ وحتى سؤال من الذي يتحمل المسؤولية، فان الاصبع موجهة وبحق، لاسرائيل، اليها فقط. وهذا لا يعني أن الفلسطينيين غير مذنبين ولا يتحملون أي مسؤولية. لكن المتهم الاساسي هو اسرائيل. فطالما لا تحرر نفسها فليس لها أساس لتأتي وتطلب شيئا من الفلسطينيين. أما ما تبقى فهو دعاية كاذبة.

 

          « نحن الشعب الوحيد في الكون الذي يُطلب منه تحمل مسؤولية أمن من يحتله، في حين أن اسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تطلب الحماية من ضحاياها »، كتبت النشيطة الفلسطينية حنان عشراوي – ماذا سنقول لها؟ « كيف تتوقع من الشارع الفلسطيني أن يرد بعد قتل الفتى محمد أبو خضير، واحراق عائلة دوابشة وتهجمات المستوطنين على مرأى من الجنود؟ »، سأل محمود عباس أمس صحيفة « هآرتس ». – ماذا سنقول له؟.

 

          لقد أضيفت السنوات الاخيرة، التي تميزت بالقمع الاسرائيلي، الى مئة عام من الاقتلاع والطرد. اعتقدنا في هذه السنين أن اسرائيل تستطيع فعل أي شيء دون دفع الثمن: وزير الدفاع يفخر بأنه يعرف هوية قتلة دوابشة ولا يعتقلهم، والفلسطينيون يتجاهلون الامر؛ كل اسبوع تقريبا يُقتل ولد أو شاب برصاص الجنود، والفلسطينيون يصمتون؛ قيادة الجيش الاسرائيلي وحكومة اسرائيل تغطي على هذه الجرائم، ولا أحد يُحاكم بسببها؛ البيوت تُهدم والرعيان يتم اخلاءهم، والفلسطينيون يُسلمون بالأمر بخضوع؛ زعران المستوطنين يخربون ويحرقون ويتعاملون مع الممتلكات الفلسطينية وكأنها لهم، والفلسطينيون يطأطئون رؤوسهم؛ الجنود يداهمون كل ليلة ويهينون ويخيفون ويعتقلون؛ المئات يتم اعتقالهم بدون محاكمة؛ « الشباك » يعود الى تعذيب المحقق معهم؛ المضربون عن الطعام والمحررين في صفقات التبادل يتم اعتقالهم مجددا، احيانا بدون سبب؛ اسرائيل تدمر غزة مرة كل سنتين أو ثلاث، وغزة تستسلم وتبقى الضفة الغربية بعيدة عن الامر؛ الرأي العام الاسرائيلي يبارك كل ذلك بجوقة وبالتشجيع في أحسن الحالات، ويطلب المزيد من الدم الفلسطيني في اسوأ الحالات، بتعطش لا يمكن فهمه، والفلسطينيون يتسامحون.

 

          إن هذا قد يستمر سنوات اخرى. لماذا؟ لأن اسرائيل أقوى من أي وقت مضى، والغرب غير مبالي وهو يسمح لها بالتصرف كما لم يسبق أن سمح لها. والفلسطينيون ضعفاء ومنقسمون ومعزولون وينزفون كما لم يسبق أن كانوا منذ النكبة. لذلك قد يستمر هذا سنوات اخرى لأن اسرائيل تستطيع والرأي العام فيها يريد. ولن يحاول أحد وقفها باستثناء الرأي العام العالمي والعدالة الطبيعية والاخلاق الانسانية اللذان لا يقبلان بهذا بأي شكل.

 

          حينما يخرج الشباب لقتل المستوطنين والقاء الزجاجات الحارقة على الجنود أو رشق الاسرائيليين بالحجارة، فان هذا يقف من ورائهم. ونحن بحاجة الى قدر كبير من الانغلاق والجهل والقومية المتطرفة والتعالي، أو جميعها، من اجل تجاهل ذلك.