خبر خطوط الاجماع -معاريف

الساعة 10:58 ص|05 سبتمبر 2015

فلسطين اليوم

بقلم: كارني إلداد

          (المضمون: اجماع في الاعتراض على الجدار في بيت جالا. ويجب اخراج الجيش الاسرائيلي من المواقع التي يصطدم فيها بالسكان المدنيين المحليين. فهذا ضار لاسرائيل وضار للجيش نفسه - المصدر).

عند النظر الى الصراع الاسرائيلي العربي، ونفهم أنه لا حل له لأنه صراع ديني، لذلك فهو أبدي، فان هناك من يصيبه الاكتئاب. « الى الأبد سنعيش على سيوفنا؟ » يسألون. يدخل الى هذه الاماكن بسهولة انبياء الكذب. من الصعب العيش بدون أمل بالسلام. وكل وعد بالهدوء يتم تلقيه باذرع مفتوحة مع القليل جدا من الفحص.

          هكذا هو جدار الفصل. بغض النظر كم هو مكلف وكم من الخبراء الامنيين يقولون إنه لا يساعد – إلا أنه مستمر في البناء – وبزرع الدمار. الجدار لا يساعد لأنه من يريد  تنفيذ عملية – يعبر الجدار. وايضا من لا يريد تنفيذ عملية يعبره. عشرات آلاف العمال الغير قانونيين يعملون في اسرائيل ويعبرون الجدار بسهولة، اضافة الى ذلك: جميع العمليات في القدس في السنتين الاخيرتين نفذها سكان من القدس الشرقية الذين ليسوا بحاجة الى عبور الجدار من اجل القتل. هؤلاء الخبراء يزعمون أن التراجع الكبير في العمليات لم يحدث بفضل الجدار بل بفضل عمل قوات الامن داخل احياء القصبة وغيرها والقضاء على بنية الارهاب.

          لماذا الدمار؟ مثلا في مقطع الجدار في جنوب القدس في منطقة بيت جالا، فان المنطقة منذ سنوات في مركز الصراعات القضائية حيث يعترض مستوطنون من غوش عصيون على بنائه، وكذلك فلسطينيون من بيت لحم وبيت جالا، مسيحيون من اثنين من الاديرة التي تقع على خط الجدار. المسيحيون يقولون إن بناء الجدار يعني اقتلاع اشجار زيتون قديمة وهدم سلاسل عمرها آلاف السنين.

          وبسبب تميز المنظر الطبيعي في المنطقة تم استيراد ادوات خاصة في الثمانينيات عندما تم بناء شارع الانفاق لعدم تدمير المنظر الطبيعي. لكن يوجد هنا بعد آخر يثير الاستغراب فيما يتعلق بوجود ادارة الجدار كلها: سكان الأديرة يعارضون فصلهم عن بيت لحم والقدس. جهاز الامن الاسرائيلي تفهم هذه الحاجة ووافق على عدم بناء الجدار في المنطقة، وبدلا منه توضع ادوات تكنولوجية. السؤال الذي يطرح نفسه هو اذا كانت الادوات التكنولوجية تكفي هناك فلماذا يجب تدمير المنظر الخاص والطبيعي من خلال الجدار؟ لماذا لا يتم وضع الادوات التكنولوجية على طول ذلك الخط بدل سحقه من قبل الجرافات؟ محكمة العدل العليا وافقت مؤخرا للجهاز الامني على بناء الجدار، لكن بشرط أن تتم الاعمال بالتنسيق مع سلطات الطبيعة والحدائق. يبدو أن هذا الشرط لم يصل الى آذان الجهات الامنية التي بدأت اعمالها مع ادوات هندسية ضخمة في الاسبوع الماضي، واقتلاع اشجار الزيتون القديمة وتحطيم المشهد الرائع. لم يتم أي تنسيق ولم تتم استشارة أي مهندس، ببساطة بدأوا بالحفر.

          لماذا يحدث هذا؟ لأن ادارة الجدار تحصل على مبالغ طائلة للبناء. كل كيلومتر من الجدار يكلف 25 مليون شيكل (واذا سألتم كيف يمكن تقليص ميزانية الامن دون الحاق الضرر بالتقاعد للجنود، فهذا هو الجواب). ادارة الجدار لن تكون موجودة بدون الجدار. وهي ستستمر بالتحطيم وببناء الجدار السيء هذا سواء كانت حاجة له أم لا، وليس مهما حجم الضرر الذي سيسببه لمن يسكن بجانبه.

          أيها الجيش اخرج

          شعار طرحه الصندوق الجديد في اعقاب الصورة من النبي صالح يقول: « الصور التي تبث في كل الشبكة تصف بدقة متناهية وضعية متعذرة، عبثية، لجيش ارسل لمهام حفظ النظام في اوساط سكان مدنيين معادين، لا يريدونهم هناك. ولكن لا شيء يحصل مما في الشريط – لا الضرب، لا العض ولا اللكمات الصغيرة، يمكنها ان تقارن بتلك اللحظة التي ينزع فيها اللثام عن وجه الجندي، فيتبين وجه رقيق، بلا لحية، مشوش ومهان. ومثلما في الشريط الذي كتبته يد لطيفة، يسأل المشاهد نفسه الى اين ينبغي ان يتجه عطفه؟ ولا يمكن لاي ام أن تتمكن من صرف عينيها. إذ غدا ابنها الخاص سيكون هناك حقا، سواء كان مكان الجندي، ام مكان الطفل ».

          دون أن أتلقى قرشا واحدا من النرويج، هكذا بالمجان، اجدني اؤيد الصندوق الجديد واطلب: اخرجوا الجيش الاسرائيلي من هذه المواجهات. هذا ليس عمله، فهو ليس خبيرا فيه، وهو لا يفترض أن يكون هناك. هذا عمل شرطي.

          صحيح، شرطتنا هي من اسوأ ما يمكن للمرء أن يتصوره عن الشرطة، ولكن لا يزال لا يوجد هناك أي سبب يجعلنا نسمح لجندي ابن 18 أو 19 أن يواجه سكانا مدنيين دون أن تكون لديه الادوات النفسية والجسدية لمثل هذه المهامة. الجندي بحاجة الى مهامة واضحة: شخص العدو، اطلق النار عليه كي تقتله. اما تفريق المظاهرات في ظل الحساسية تجاه احتياجات السكان الفلسطينيين، محاولة التملص من الكاميرات وخلق فرص لصور تخرج سمعة سيئة لاسرائيل في العالم، في ظل تعريض حياتك للخطر، ولكن دون اسناد قانوني في حالة أن تضطر الى انقاذ حياتك – فان هذا يشبه ان تبعث به الى المعركة مع خزان فارغ من الرصاص، بلا هدف واضح، بلا تحديد واضح للعدو، وبلا معرفة، تجربة أو وسائل لتفريق المظاهرات. هذا ليس عمل الجندي. هذا مشوش، خطير، ضار لاسرائيل من ناحية اعلامية ولا يحقق الهدف.

          توجد نقطة اخرى: تكليف ضباط المشاة بان يعالجوا بقفازات من حرير الاطفال الذين يرشقون الحجارة يضعف جدا الجيش الاسرائيلي. عندما قالوا ان « الاحتلال مفسد »، فانهم كانوا يقصدون هذا ايضا. هذا الوضع مستحيل. غرائزنا كمخلوقات محبة للحياة هي أن ندافع عن أنفسنا وان نهاجم من يحاول أن يقتلنا. اذا كان احد ما يرشقنا بحجر (نعم، بهدف القتل، فرشق الحجارة ليس تصريحا سياسيا، بل محاولة قتل، ولا يهم كم هو عمر القاتل المحتمل) – فاني اطلق النار عليه. وفي اللحظة التي يضعون فيها الجندي امام معاضل اخلاقية، في اللحظة التي يقولون له فيها انه لا يمكنه أن يطلق النار، في اللحظة التي تكون فيها نجمة قرب هذه الغريزة – فانه سيتعلم كيف يعارضها وسيكون جنديا اقل جودة في المعركة. وبدلا من العمل غريزيا، مثلما يتوقع من الجندي أن يتصرف في المعركة – فاني سأعمل قانونيا أو كما تفترضه الصورة.

          الشرطة يعرفون تفريق المظاهرات. لديهم وسائل عنيفة اقل من البندقية لعمل ذلك، وهذا عملهم. اما الجنود فعليهم أن ينفذوا في المناطق مهام الامن فقط. عليهم أن يستلقوا في الكمائن، ان يعتقلوا المطلوبين وان يحرسوا المحاور. اما اعمال الاخلال بالنظام؟ المظاهرات، الاستيلاء على الارض ومعالجة السكان المدنيين؟ فكل هذه يجب أن تنتقل الى الشرطة، الى وحدة « يسم » وحرس الحدود.