خبر أبو مرزوق: نسعى للجم التدافع الطائفي

الساعة 07:10 م|28 يوليو 2015

فلسطين اليوم

حاوره محمد العلي ـ الجزيرة نت

مساعدات إيران لحماس وغزة ما زالت متوقفة، والعلاقة بين طهران والحركة ما زالت على جمودها. هذا أبرز استنتاج يخرج به محاور موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في هذا الموضوع الشائك والحساس، الذي تختلط فيه المبادئ بالإستراتيجيات الوطنية والإقليمية، دون أن تغيب المصالح عن نظر الطرفين.

يؤكد أبو مرزوق في الحوار الذي أجرته معه الجزيرة نت في الدوحة سعي حماس « لأن تكون هذه العلاقة قوية ومتينة »، وأن الحركة تعمل « لعدم تحول المنطقة إلى تدافع طائفي أو إقليمي بين دولها ». لكنه يشدد -في المقابل- على أن « العلاقات تقوم عادة بين طرفين، ولا بد أن تكون وجهة العلاقة مشتركة حتى تتحسن ».

وفي موضوع ثورات الربيع العربي -الذي أظهر الفروق والاختلافات العميقة بين الطرفين- يشدد أبو مرزوق على عدم وجود مبرر « للتراجع عن موقفنا كي تعود العلاقات مع إيران، أو أن يتراجعوا هم عن مواقفهم »، ويقترح حلا للقضية: تحييد هذه المواقف، والتركيز على شيء آخر هو العلاقة الثنائية المتعلقة بفلسطين والقدس.

أما عن الرأي الإيراني القائل إن حماس أخطأت التقدير وبنت حساباتها على الاستعاضة بدعم عربي قد يأتيها من مصر عن دعم طهران السخي فأبو مرزوق لديه رد عليه.

تطورات الأزمة بين إيران وحماس ومحطاتها الرئيسية، إلى جانب نتائج الاتصالات المتواصلة بين الطرفين، كانت محور هذا الحوار. وتاليا نصه:

في 18 ديسمبر/كانون الأول 2014 قلت في تصريح لوكالة رويترز « أعتقد أنه في الفترة الأخيرة وضع القطار على السكة في العلاقات الثنائية بيننا وبين جمهورية إيران الإسلامية »، وأن كثيرا من الدلائل تقول إن « الأمور عادت إلى مجاريها ». أين هي تلك الدلائل؟ لماذا لم يظهر منها شيء باستثناء اللقاء اليتيم الذي عقد في الدوحة في مارس/آذار الماضي بين علي لا ريجاني ومشعل؟

ــــ قد تكون حصلت لقاءات غير معلنة، لكنها أيضا قد لا تكون دليلا واضحا على تحسن العلاقة، بل مجرد لقاءات لحل مشاكل لحقت بالعلاقة نفسها. وبالتالي زيارات تدل على صعود أو هبوط العلاقات السياسية بين حماس وإيران. وإن كان هنالك لقاءات أخرى ومعلنة كثيرة عقدت بين الطرفين منذ ذلك التاريخ وحتى اللحظة. لكن العلاقات مع الجمهورية الإسلامية في إيران لم تتحسن في الحقيقة التحسن المتوقع منذ ذلك التاريخ، فالحركة في علاقاتها مع الجميع تريد فعلا علاقات حسنة ومتطورة ووثيقة لصالح القضية الفلسطينية. وهي لا تنظر كثيرا إلى العلاقات البينية بين الدول، حتى لا تؤثر على مستقبل علاقة تلك الدول تنافرا أو تقاربا مع القضية الفلسطينية. نحن نرغب بأن تكون بوصلة كل دول العالم العربي والإسلامي متجهة نحو فلسطين. وسياستنا ستبقى وتترسخ حتما باتجاه تعزيز هذه العلاقات لصالح القضية الفلسطينية، لذلك أقول إن هذا هو الهدف الذي نسعى إليه مع كل الدول وبينها الجمهورية الإسلامية في إيران، ونسعى إلى تحسين العلاقات معها إلى أقصى قدر ممكن.

لكن كما تعرف العلاقات تقوم عادة بين طرفين ، ولا بد أن تكون وجهة العلاقة مشتركة حتى تتحسن إلى الدرجة التي كانت عليها سابقا. ونحن نسعى لأن تكون هذه العلاقة قوية ومتينة. حتى لو كان هنالك معوقات وأهمها وضع المنطقة هذا بمختلف تلاوينه وانعكاسه على الرؤى والعلاقات والمخزون الثقافي عند الأمة، بصور مختلفة. ورغم ذلك نحن نحاول جهدنا ألا تتحول المنطقة إلى تدافع طائفي أو إقليمي بين دولها، ونحاول قدر جهدنا -خدمة للقضية الفلسطينية-  دفع الجميع لتركيز بوصلتهم باتجاه فلسطين والفلسطينيين.

أرى أنك تلمح إلى تحسن وإن كان غير ملموس بعلاقتكم في إيران، هل تقدم لنا دليلا غير لقاء مشعل لاريجاني؟

ــــ قلت إن كان المقياس هو اللقاءات فهنالك لقاءات متعددة، أما إذا كان مقياس التحسن هو الموقف السياسي، فموقف إيران تجاه القضية الفلسطينية لم يتغير، أما إذا كان التحسن هو في مساعدة الشعب الفلسطيني وحماس، فالمساعدات المختلفة التي كان تؤديها إيران في السابق توقفت إلى حد كبير. والمساعدات كانت في الحقيقة كبيرة وقيمة وذات أثر فعال في أعمال المقاومة في داخل فلسطين.

أفهم أن المساعدات ما زالت متوقفة، علما بأن الصحف الأجنبية تشير إلى حجمها الكبير سواء تلك التي تقدم إلى قطاع غزة أو إلى الجناح العسكري لحركة حماس؟

ــــ المساعدات ما زالت متوقفة نعم, سواء كانت مساعدات عسكرية، لصعوبة التعامل معها, أو مساعدة الأهل في قطاع غزة وتحديدا الحكومة الفلسطينية أو السكان في قطاع غزة. وهذه مسألة ملموسة طبعا. ونحن شهود على وجه الخصوص بعد الحرب (الإسرائيلية) الثانية (على  قطاع غزة) قامت كثير من الدول بتقديم مساعدات ظاهرة وبينة، ولا سيما قطر، لضحايا العدوان الإسرائيلي (ولإصلاح) الأضرار الكبيرة في قطاع غزة. في حرب 2008-2009 شاهدنا العكس ، كانت إيران أبرز الدول.

الظرف الذي يعيشه أهلنا في قطاع غزة يحتاج إلى تقديم المساعدة، وهذا ما نرجوه من كل الدول، تقديم المساعدات إلى القطاع الذي يقارب عدد سكانه مليوني نسمة في شريط صغير وخاض منذ العام 2006 أربع حروب، وهي حروب صهيونية لا أخلاقية موجهة للمدنيين في بيوتهم وللبنى التحتية. ونحن نعلم أن كل معاناة قطاع غزة سببها تلك الحروب. شركة الكهرباء تضررت جراء القصف وكذلك الطرق، أما البيوت فحدث ولا حرج، تضررت عشرات الآلاف منها في هذه الحرب. وهذا كله يقتضي الوقوف إلى جوار هؤلاء الناس الذين صمدوا في تلك الحروب وقاوموا الاحتلال. لذلك أقول إن هذا الظرف يشعر به سكان قطاع غزة وهم يشعرون بالامتنان إلى من ساعدهم سابقا ولاحقا.

ما يحصل في العلاقة بين إيران وحماس ليس معزولا عن أحداث المنطقة، أخذ على حركة حماس ما يمكن اعتباره ازدواجية في المواقف تجاه دول بعينها فسرت بأن جذورها مذهبية، فقد أعلنت حماس وقوفها مع الشرعية السياسية في اليمن أي إلى جانب الرئيس عبد ربه منصور هادي، لماذا لم تقف مع الشرعية عندما تعلق الأمر بالرئيس السوري بشار الأسد مثلا؟

ــــ الفارق واضح، هي ليست مع الشرعية بشكل مطلق، حماس حركة شعبية، ولا يمكن أن تقف بمواجهة الشعوب، فهي تلتصق بالشعوب حيث هي وجهة الشعوب. الواقع أن الشعب اليمني هو الذي اختار هذه الحكومة، بانتخابات شارك فيها الحوثيون أنفسهم وكل القوى السياسية، وكان هنالك توافق عام شمل الرئيس السابق علي عبد الله صالح والقوى الأخرى، قبل أن تنقلب الأوضاع، هذا هو ما أنتج هذه الشرعية. لذلك فهي شرعية شعبية معترف بها ولا يستطيع أحد إنكارها. وحتى على المستوى الرسمي لا يوجد أي نظام أنكر هذه الشرعية. أما سوريا  فلا شك أن النظام قدم للحركة خدمات كثيرة، ونحن وقفنا (بعد الثورة عليه عام 2011) على الحياد. لكن واضح جدا أن هذا الحياد هو بين الشعب ورغباته وطلباته، وبين الحكومة وأعمالها المختلفة. نحن اختلفنا مع الحكومة في الإجراء الأمني. لم نكن راضين باعتماد إجراء أمني بمواجهة الناس حينما تحركوا. وفي الوقت نفسه لم نكن نرضى بقيام أحد بمعالجة المشاكل الداخلية بأيٍّ من أشكال العنف. هذا ضد سياسة الحركة (حماس) بالمطلق، لذلك فالبيان الذي أصدرته الحركة حول سوريا ذكرت فيه الطرفين، واعترفت بالنظام كما اعترفت بحقوق الناس، كان بيانا متوازنا بشأن الخلاف بين الطرفين. هذا هو لب موقف الحركة في سوريا كما هو لب موقفها من اليمن.

كان لإيران موقف مختلف من الثورات العربية منذ بدايتها، فوصفت ثورة مصر وتونس بأنها إسلامية رغم أن الإسلاميين أنفسهم حتى لم يشاطروها هذا التصنيف. أما في سوريا فاعتبرت ومنذ البداية أن ما يحدث هناك هو مؤامرة. والفرق واضح، حيث لإيران في سوريا مصالح مباشرة وحيوية، تلزمها بالوقوف مع نظام الرئيس بشار الأسد، أما في مصر وتونس فلا. هل تعتقد أن عودة العلاقة مع إيران تقتضي مراعاة مصالح إيران في سوريا أو مجاملتها هناك إذا جاز التعبير؟

ــــ قطعا لا. نحن موقفنا في سوريا كان واضحا، وموقفهم أيضا (الإيرانيين) كان واضحا، موقفهم هو الحفاظ على النظام في سوريا ودعمه بكل الإمكانيات، واعتبار أن كل من خرج على النظام فعلها في ظل مؤامرة أميركية-صهيونية-إمبريالية. أما موقفنا فكان موقفا متوازنا حياديا. لم نتدخل بالشأن السوري في أي حال من الأحوال. وكان رأينا ألا يكون الحل أمنيا, وأن يكون سياسيا، تلبى فيه مطالب الناس وحقوقهم سلميا. هذا هو موقفنا في سوريا الذي اختلفنا بشأنه مع الإيرانيين، وهو ما نتج عنه في النهاية ضعف في العلاقة وتراجعها.

ليس لدينا أي دافع أو سبب لتغيير أي من مواقفنا السياسية النابعة من تقديراتنا لما يجري في المنطقة ومستقبلها، سواء تعلق الأمر بالمبادئ أو المصالح. وهذا ما اختلفنا عليه (مع الإيرانيين). لانرى مبررا للتراجع عن موقفنا كي تعود العلاقات ( مع إيران) أو أن يتراجعوا هم عن مواقفهم. الأفضل هو تحييد هذه المواقف، والتركيز على شيء آخر هو العلاقة الثنائية المتعلقة بفلسطين والقدس، فإذا حيدنا المواقع الخلافية، وركزنا على العلاقات الثنائية المتعلقة بفلسطين، أعتقد أنه سيكون هناك مجال واسع للتعاون، ولصياغة علاقة مختلفة عما كانت عليه في السابق.

في موضوع الثورات العربية وتبعاتها، حشرت حماس في مواقف لم يكن هي تسعى إليها، فعلى سبيل المثال يرى كاتب في صحيفة « الأخبار » اللبنانية أن عودة العلاقة بين حماس وإيران غير ممكن بدون موافقة الرئيس السوري بشار الأسد. هل تعتقدون بصحة هذا التقدير؟ ألا يشكل هذا الشرط نوعا من الإذلال للحركة  بشكل أو آخر؟

ــــ لم أقرأ ولم أسمع بمثل هذا الرأي. وأعتقد جازما أن الإيرانيين لا يمكن أن يقعوا تحت تأثير أطراف خارجية عند رسم علاقاتهم. الأرجح أن يكونوا هم أصحاب التأثير بحكم قوة التأثير والمصالح الإيرانية في الوقت الحاضر. على العكس منذ ذلك بات شرط البروز السياسي في مناطق أخرى هو الحصول على موافقة إيران.

بالمناسبة، نحن لم نقبل شروطا من (اللجنة) الرباعية الدولية، وهي التي كانت ملء السمع والبصر في حجم تأثيرها السياسي والاقتصادي وغيره، فهي تضم الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الروسي، كلها اتحادات، ومع ذلك رفضنا مبدأ أن يملي أحد شروطه على الحركة بأي حال. وأريد أن أقول لك: من يرد أن يحمل قضية القدس يجب أن يكون لديه فائض من الكرامة حتى لا يقبل شرطا واحدا مرتبطا بمسيرته نحو تحرير القدس وعودتها.

أريد أن أعرض لك وجهة نظر إيرانية، يعيد كاتب إيراني التبدل في موقف حماس من إيران إلى خطأ في حساباتها بعد ثورات الربيع العربي ومراهنتها مع صعود الإخوان في مصر قبل الانقلاب على الاستعاضة عن إيران بداعمين جدد، خصوصا بعد فوز محمد مرسي بالرئاسة. ويقول أيضا إن خلطا في الأولويات وقعت فيه الحركة حيث لم تعد المقاومة تتخذ أولوية لديها. كيف تردون على هذا الكلام؟

ــــ فيما يتعلق بحساباتنا تجاه موضوع الدعم وثورات الربيع العربي في حينها، أريد أن أوضح أن الدعم لم يكن يأتينا من إيران وحدها، فكل البلدان التي شهدت ربيعا عربيا كان يأتينا منها دعم باستثناء مصر. كما أن وضع مصر الاقتصادي لا يحتمل إعطاء دعم لأحد. وفي الملف الفلسطيني عموما لا تتعامل مصر بقصة الدعم المالي، مصر تعطي قوة دفع سياسية لقضية فلسطين، وفي الملفات الفلسطينية كلها تشكل مصر رقما صعبا لا يمكن تجاوزه، وكذلك موقعها الجغرافي وأثرها على القضية الفلسطينية، وكذلك التاريخ وقيمته في القضية الفلسطينية. لذلك نحن لم نكن نراهن بأن دعما سيأتينا من بلاد الربيع العربي، لأننا على اطلاع على أحوالها الاقتصادية.

وهذه البلاد كان الوضع الاقتصادي والاجتماعي أحد أهم عوامل الثورة، سواء كان ذلك في تونس أو مصر أو اليمن أو ليبيا. كانت الأوضاع سيئة فيها عموما. لذلك لم تكن تلك هي الحسابات. ولم يكن هذا هو السبب، وليس نحن من تعامل تعاملا سلبيا مع إيران، العكس هو الصحيح. إيران تعرف تماما أننا تحادثنا معها بكثرة حول ثورات الربيع العربي, وهي كانت تعتقد أن إلهامات ثورتها هي التي دفعت كل الشعوب للثورة في وجه حكامها الظلمة. وهي بالتالي كانت مرتاحة للشعوب وثوراتها. الانقلاب حصل عندما تحرك الشعب السوري. وقد كان ذلك ضد رغبة إيران ومصالحها وضد المستقبل الذي رسمته إيران للمنطقة. وبالتالي أصبحت إيران بالضرورة ضد هذه الثورة، وتوقفت عن تأييد تلك الثورات. لو تتذكر موقفها من الوضع في مصر صعودا وهبوطا.

وهذا دليل واضح بأن تقدير المصالح كان تقديرا مختلفا. وليس نحن من تنكب بسبب الحسابات المرتبطة بثورات الربيع العربي، وإن كنا نحن دائما من يراهن دائما على الشعوب وهي التي ثارت. وبالمناسبة نحن وقفنا إلى جانب الشعوب بدون أن يكون هنالك انحياز إلى أي طرف من الأطراف، لأن الأمور لم تكن قد رسمت. وكنا نعرف تماما أن شعارا واحدا حول القضية الفلسطينية لم يرفع بكل ثورات الربيع العربي إذا لاحظت, ومع ذلك كنا نعتقد جازمين بأن خيارات الشعوب دائما في النهاية هي نحو فلسطين.

أما في قصة المقاومة فأنا لا أريد أن أتكلم بهذا الموضوع كثيرا، لأنه لا أحد يستطيع أن يزايد على حركة حماس بالمقاومة، لا بعدد الشهداء، ولا بعدد القادة الذين قدمتهم، ولا بعدد الحروب التي خيضت. آخر حرب خاضتها حماس استمرت 51 يوما، لا يوجد حرب من الحروب العربية (مع إسرائيل) است

جمهور المعارضة السورية هو أكثر فئة تترقب تطور العلاقة بين حماس وإيران، فهل تضعون هذه الفئة في حسابكم في حال تحسنت العلاقة مع إيران؟

ــــ موقف حماس من أي قضية هو مهم لكل الأطراف نظرا لما تمثله  حماس، ولاعتبارات أخرى متعلقة بالقضية الفلسطينية ، بالإضافة إلى أن حركة حماس هي في الوقت الحاضر ضمير الأمة في ما يتعلق بأهم قضية موجودة ، والبوصلة التي تحددها حركة حماس لا يستطيع الآخرون أن يتجاوزونها بسبب قدسية القضية ولأهميتها لانعكاسها على كافة القضايا الأخرى.

قوة موقفنا وسببه وأهم نقاط القوة فيه هو حرصنا على ألا يتفرق الناس من حوله، وهو أن يبقى الجميع واقفا إلى جوار الحق الفلسطيني دعما للحركة، وفي اليوم الذي ننحاز فيه إلى أي فئة أو نلقي بأنفسنا في الخلافات الداخلية فسنُحرم من هذا التأييد والدعم. منيريد أن يعمل في القضية الفلسطينية يجب ألا يتحرك في أي شكل من الأشكال في القضايا الداخلية للدول العربية، وألا يحسب على تيار أو حلف، لأن سياستنا أن يكون كل هؤلاء إلى جوارنا، ونحن -سياسيا- منفتحون على كل الأطراف حتى نستطيع أن نقدم الخير إن كان هناك من خير نستطيع تقديمه، لكن في النهاية نحن نريد أن نعزل أنفسنا عن أي تدافعات داخل أي قُطر من الأقطار أو في العلاقات البينية بين الدول العربية أو الإسلامية أو في خلافاتها. هذه وجهتنا وهذه سياستنا.

ما قراءة حماس لمرحلة ما بعد توقيع اتفاق إيران مع الغرب بشأن برنامجها النووي؟

ــــ توقيع الاتفاق جاء لصالح إيران من أوجه عدة: فالنسبة المسموح بها للتخصيب كافية لكل ما تريد فعله في مجال الأبحاث أو الطاقة أو غير ذلك، كما أن النوايا لم تكن في الأصل معقودة على صناعة القنبلة الذرية. لذا، فإيران في هذا الجانب لم تخسر شيئا على الأطلاق، كما أن الحصار المفروض عليها كان في الأصل حصارا ظالما، ولا يتمتع بشرعية قانونية بأي حال من الأحوال، فهي إجراءات كانت الولايات المتحدة وأوروبا تدفعان العالم نحوها دون أن تتمتع بأي شرعية، وكانت ظالمة بحق الشعب الإيراني وحق إيران. رفع العقوبات الآن سيساعد إيران كثيرا في مجالات عديدة.

ما أرجوه هو أن تكون وجهة إيران في المنطقة تتجه نحو استقرار المنطقة وعدم زيادة حدة الخلافات الداخلية بين الدول العربية. إيران الآن بلا شك على مفترق طرق، والاتفاق يتضمن اعترافا بأنها دولة إقليمية كبيرة ودولة مؤثرة ودولة لا يستطيع أحد أن يتجاوز القرار فيها، وهو اعتراف كبير من المجتمع الدولي والدول الست بالمكانة السياسية لإيران في المنطقة. وبلا شك هي تمتلك من القدرات الإضافية ما يتيح لها الحفاظ على « المومينتوم » أي توجهاتها في سياساتها ومشروعها، لكن يجب أن تراعي ألا تغريها حالة الفراغ الموجودة في المنطقة بأي حال من الأحوال بمزيد من المغامرات الموجودة، فالمنطقة بحاجة إلى كثير من الاستقرار والكثير من السياسات التي تخرجها من أزماتها الداخلية في الوقت الحاضر وتستطيع إيران أن يكون لها دور إيجابي في هذا السياق.