خبر حدود الكوميديا- هآرتس

الساعة 11:44 ص|03 يوليو 2015

فلسطين اليوم

حدود الكوميديا- هآرتس

بقلم: تسفي برئيل

 (المضمون: في المسلسل الجديد نجح الممثل المصري عادل إمام في إغضاب اليسار والمؤسسة الاكاديمية في مصر - المصدر).

الدكتور فوزي جمعة، استاذ في قسم الزراعة في جامعة القاهرة، تم خطفه من قبل اجهزة الامن واقتيد الى منطقة صحراوية، وهناك تعرض للضرب الشديد واحتاج الى العلاج في المستشفى. جمعة هو نشيط يساري، محاضر محبوب من قبل طلابه، يمثل شخصية المثقف العلماني الذي يعيش حياة رغدة ويرتاد النوادي الليلية ويشرب الكحول. لكن خلال فترة قصيرة يتضح أن المثقف هو شخص انتهازي، وهو مستعد للتنازل عن مبادئه من اجل منصب الوزير الذي يمنحه إياه الاخوان المسلمون.

جمعة ليس شخصية حقيقية، بل هو بطل مسلسل تلفزيوني باسم « محاضر ورئيس قسم » من تأليف الكاتب يوسف معاطي. ويمثل شخصية جمعة الفنان والمخرج عادل إمام. عادل إمام ليس يساريا، وفي مقابل تمثيله في المسلسل حصل على 35 مليون جنيه مصري. وفي نفس الوقت هو لا يؤيد الاخوان المسلمين، رغم أن ابنته سارة متزوجة من أحد قادة الاخوان.

إمام هو بطل مصري يعيش الكثير من التناقضات. أفلامه المميزة تعالج مشكلة الفقر والفساد في الدولة، وقد حصل على اللقب الشعبي « الزعيم » بسبب فيلم له يحمل هذا الاسم، حيث يهزأ فيه من الانظمة العربية، ويلمح لحسني مبارك. لكن عندما اندلعت الثورة في 2011 عارضها، وقال إن المتظاهرين تحركهم جهات خارجية. وبعد سقوط مبارك في شباط 2011 غير عادل امام موقفه وخرج بتصريحات مؤيدة لـ « الشباب المصري العظيم ».

يعود إمام الآن مرة اخرى الى الدور المختلف فيه، حيث يهزأ من اليسار. وفي السياق لا يستثني مؤسسات التعليم العالي واجهزة النظام عموما.

في أحد المشاهد الأولية، الذي يصف الحياة في الدولة قبل بداية الثورة، يسافر متولي، وهو محاضر حاصل على الماجستير وسيبدأ بالتحضير لرسالة الدكتوراة، يسافر الى الجامعة ليفحص ما اذا كان حصل على الوظيفة التي وعده بها الدكتور جمعة. وعلى خلفية النشيد الوطني « بلادي بلادي » يُسمع صوت امرأة تصرخ. وعندما يسأل السائق « ماذا حدث؟ »، يجيب « امرأة ولدت في السيارة ». فيقول السائق بغضب « انظر ماذا يحصل لدينا بسبب ازمة السير، لو كان الجميع يسافرون بدون ازمة، لكنا مليار انسان، مليار ».

السائق مقتنع أنه يسافر معه دكتور، لكن متولي يقول له إنه سيبدأ بالتحضير لرسالة الدكتوراة. السائق يخرج من جيبه بطاقة تشير الى تحصيله العلمي. « أنا حاصل على الماجستير في الكيمياء الحيوية »، يقول لمتولي المندهش. لكن الصدمة الكبيرة تحدث لمتولي عندما يتبين له أن اسمه غير وارد في قائمة الموظفين. وليس صدقة أنهما يمران في طريقهما الى الجامعة بتمثال محمود مختار الذي تم وضعه في عام 1928، الذي يمثل بداية العهد الجديد في مصر، وكأنه ينظر الآن بأسى على ما يحدث في الدولة.

رغم أن الصورة الاولى التي تظهر في المسلسل مكتوب عليها كانون الاول 2010، أي قبل الثورة بشهر، إلا أنه من الواضح للمشاهد أنه لم يتغير الشيء الكثير منذ الثورة. وما زال من الضروري استخدام الكوميديا السوداء التي ساعدت مصر في تجاوز فترات صعبة في الماضي. هذا هو بالضبط النوع الفني الذي يتميز به عادل امام ومعاطي. لكن مثل الجارة في الشرق – فان الكوميديا التي تتهكم على الدولة ومؤسساتها لا يتم تشجيعها.

« الدول الذي يلعبه إمام يمس بمكانة المحاضر والمعلم كقدوة للطلاب »، يزعم محمد خلف، وهو محاضر في قسم الصحافة في جامعةالقاهرة، « صحيح أن هناك أمور جيدة وأمور سيئة في كل مكان. وعلينا الكشف عن السيئين. لكن محظور علينا أن نهدم الأسس الجيدة ». وما أزعجه هو تصوير المحاضر وكأنه يركض وراء النساء ويثمل. وزميله في القسم، د. محرز غالي، يبتعد أكثر: « المسلسل يلحق الضرر بالمحاضر الى درجة تهدد وحدة المجتمع، لا يجب علينا أن نوافق على ذلك ».

يوسف القعيد، الكاتب المعروف، يختلف مع المسلسل من زاوية اخرى. "لماذا يتهجم الكاتب معاطي على اليسار؟ يستطيع أن يتهجم على النخبة عموما، لكنه اختار اليسار. يبدو أن له مشكلة مع اليسار المصري بشكل خاص، واليسار بشكل عام. مثلما في اسرائيل فان اليسار في مصر هو جزء من الاطلال. الارث الوطني لجمال عبد الناصر هو اليسار الاشتراكي. لكن بخلاف اسرائيل، فان اليسار المصري هو من يقف مثل الجدار ضد الدين والمحافظة. أيقونة لا يجب المس بها. ويبدو أنه من الأجدر أن تطلب وزارة الثقافة في اسرائيل شراء الحقوق لمسلسل عادل إمام، لأنها بهذا ستريح من يريد ازالة القناع عن وجه اليسار. لكن المشكلة هي أن عادل امام لا يحب اسرائيل، ومن المشكوك فيه أن يوافق على بيع المسلسل لسلطة البث، حتى لو وعدوه أنه سيستخدم لأهداف تربوية.