خبر في فلسطين: مواقع التواصل استخداماتها هائلة وعلى خطين متناقضين

الساعة 09:03 ص|16 مارس 2015

فلسطين اليوم

تغيّرٌ كبيرٌ يشهده العالم على نحوٍ غير مسبوق مع انتشار ثورة العالم الرقمي ومواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير، هذا التغيّر الذي تغلغل في كافة نواحي الحياة وبدّل الكثير من المفاهيم التي اعتقد الانسان لوهلةٍ أنها ثابتة وصعبة التغيير، وأظهر مفاهيم أخرى كـ« الإعلام الجديد » و « التلفزيون الرقمي ».

ولم يعد هناكَ حاجزٌ أو قيد أمام البيئة الالكترونية التي تنمو بشكل متسارع، فمواقع التواصل الاجتماعي أصبحت من العادات الأساسية للإنسان التي يصعب التخلي عنها أو عدم مزاولتها، تزامن ذلك مع الانفجار الكبير الذي يشهده سوق الهواتف الذكية والحواسيب اللوحية التي أتاحت فرصة الولوج إلى الانترنت من أي مكان وفي أي وقت، وسهلت عملية التواصل وتبادل الآراء والصور والملفات مع ظهور التطبيقات الخاصة للهواتف، كما اخترقت حاجز الوقت بشكل يصعب تصديقه.

في دراسة حديثة حول استخدام شبكات التواصل الاجتماعي في العالم، بينت الإحصاءات أن عدد مستخدمي شبكات التواصل حول العالم تجاوز2.5 مليار مستخدم، وأنَّ معظمهم يستخدمون شبكات التواصل الاجتماعي لتبادل الآراء والبيانات النصية والوسائط المتعددة ((Multimedia، وأنّ 1.9 مليار مستخدم يستخدمون الهواتف الذكية لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي.

كما أظهرت الإحصاءات أنَّ موقع التواصل (Facebook) حاز على حصة الأسد حيث تخطى 1.15 مليار مستخدم فعَّال حول العالم، يليه منصة المدونات القصيرة   (Twitter) بأكثر من 500 مليون مستخدم، متساوياً مع موقع التواصل  (Google+)، ثم شبكة (Linkedin)  بأكثر من 238 مليون مستخدم، والموقع المختص بالصور والفيديوهات القصيرة (Instgram ) بأكثر من  130 مليون مستخدم.

أبو القمبز:« هناك ما يقارب مليون و 300 فلسطيني فعال على شبكة الفيس بوك، وأكثر من 200 ألف مستخدم لشبكة تويتر وأعداد كبيرة من المستخدمين للشبكات الأخرى ».

محمد أبو القمبز

تفاعل فلسطيني متسارع

الفلسطينيون لم يكونوا بعيدين عن هذا العالم، بل إن عدد مستخدمي الإنترنت إلى أكثر من مليوني مستخدم حسب الإحصاء الفلسطيني لعام 2013، كما تتصدر فلسطين دول العالم من حيث استخدام موقع التواصل « الفيس بوك » مقارنة بعدد السكان، حيث بلغ عدد المشتركين الفلسطينيين أكثر من مليون مشترك.

وفي هذا الإطار الفلسطيني يرى محمد أبو القمبز المدرب المختص في شبكات التواصل الاجتماعي في حديث لــ« وكالة فلسطين اليوم الإخبارية » أن التفاعل الفلسطيني على شبكات التواصل في تسارع مستمر، كذلك الأمر في مسألة التأثير، حيث تظهر الاحصائيات أن هناك ما يقارب مليون و 300 فلسطيني فعال على شبكة الفيس بوك، وأكثر من 200 ألف مستخدم لشبكة تويتر وأعداد كبيرة من المستخدمين للشبكات الأخرى.

يرجح أبو القمبز التواجد الفلسطيني الكبير للمستخدم الفلسطيني على شبكات التواصل لمجموعة من الأسباب قائلاً « أنّ البيئة الالكترونية توفر مساحة جيدة جداً للتعبير عن الذات والقضايا المجتمعية، كذلك فإن شبكات التواصل سوق مميز وسريع للتسويق للمشاريع والمنتج الفلسطيني، وأنّ هذه الشبكات مساحات للتعارف وتكوين شبكات علاقات محلية ودولية، ناهيك عن استخدامها في الحصول على المعارف والاستفادة منها في المسائل الدراسية ».

صافي: « أنصح الشباب بتكوين هدف واضح ورؤية تبرر غاية وجوده ومقصد تأثيره، كذلك التحرك من خلال وعي ومعرفة بالقضية التي يسعى لإثباتها، ويتحلى بدافع قوي يحثه على دوام العطاء »

خالد صافي

الشباب تحديداً

ويشترك خالد صافي مدرب الإعلام الجديد مع أبو القمبز في أنَّ الوجود الفلسطيني على شبكات التواصل يعود لمجموعة من الأسباب، مرجعاً في حديث لـ« وكالة فلسطين اليوم الإخبارية » الإقبال الشديد من فئة الشباب على أنهم وجدوا فيها قدرة كبيرة على التعبير عن آرائهم وحبهم للتغيير والتعبير عن مواهبهم وخبراتهم وقدراتهم في كافة مناحي الحياة الاجتماعية قبل السياسية، ولأنهم فئة مؤثرة في المجتمع أرادوا من خلال تكوين شبكات ممتدة على هذه المواقع أن يثبتوا لأنفسهم ولمن حولهم أنهم قادرون على التغيير، وقد كانت هناك محطات فارقة أثبت الشباب وجهات نظرهم وبرهنوا على قوة تأثيرهم « .

وبدوره قدّم صافي مجموعة من النصائح للشباب الفلسطيني على مواقع التواصل الاجتماعي من بينها تكوين هدف واضح ورؤية تبرر غاية وجوده ومقصد تأثيره، كذلك التحرك من خلال وعي ومعرفة بالقضية التي يسعى لإثباتها، ويتحلى بدافع قوي يحثه على دوام العطاء، وأن ينتقي له جمهورًا واضحا يخاطبه برسالة مفهومة لتصل لهم فيقوموا بدورهم بتمريرها لآخرين بشكل عشوائي منتظم.

الفرا: » قام الشباب الفلسطيني بعمل كبير في العدوان الأخير من كشف لهمجية ودموية الاحتلال أمام العالم أجمع، من خلال نشر الأخبار الموثقة بالصور ومشاهد الفيديو، كذلك العمل في بيئة منظمة وموحدة في ظل انقطاع التيار الكهربائي، لذا لم يشعر المتابع بانخفاض وتيرة التغطية أبداً« .

طارق الفرا

 

القضية الفلسطينية

وفي ذات السياق وفي الحديث خدمة شبكات التواصل للقضية الفلسطينية يؤكد طارق الفرا الناشط السياسي الفلسطيني في حديث لـ »وكالة فلسطين اليوم الإخبارية« أنَّ الشباب الفلسطيني مثقف وطموح وعلى دراية كاملة بقضاياه الوطنية وأرضه المسلوبة، لذا فإنّه لا يدخر جهداً ولا وسيلة في إيصال صوت فلسطين، نرى ذلك جلياً في الحسابات التي ترفع شأن القضية وتبرزه، كذلك العمل الكبير الذي قام به هذا الشباب في العدوان الأخير من كشف لهمجية ودموية الاحتلال أمام العالم أجمع، من خلال نشر الأخبار الموثقة بالصور ومشاهد الفيديو، كذلك العمل في بيئة منظمة وموحدة في ظل انقطاع التيار الكهربائي، لذا لم يشعر المتابع بانخفاض وتيرة التغطية أبداً.

يتابع الفرا » حديثه أن الشباب الفلسطيني له قوة كبيرة في الضغط والتشبيك والمناصرة مقارنة بأي منطقة جغرافية أخرى، لذلك نرى أن قضايا مثل الأسرى ومخطط برافر والاحتلال وغيرها من القضايا المطروحة تأخذ حيزاً كبيراً وعالمياً عند طرحها على شبكات التواصل، مما يحقق دعماً كبيراً للقضية الفلسطينية، وأدعو هذا الشباب الواعي إلى أخذ خطوات عملية على الأرض لكي يعززوا هذه القضايا التي يطرحونها وحتى يثبتوا للعالم أن القضية الفلسطينية ليست كلام على ورق فقط، بل فعل مستمر ومتفاعل حتى وصول الفلسطيني إلى حقه وإلى أرضه « .

بعلوشة: »المساحة التي توفرها شبكات التواصل والجمهور اللامحدود تجعل من برامج التوك شو مجالاً كبيراً للتنافس ومجالاً آخراً للوصول«

أحمد بعلوشة

تجارب خاصة

وعن تجربته الخاصة يحدثنا أحمد بعلوشة الكاتب السياسي الساخر ومقدم برامج »التوك شو« قائلاً أنَّ المساحة التي توفرها شبكات التواصل والجمهور اللامحدود تجعل منها مجالاً كبيراً للتنافس ومجالاً آخراً للوصول، وهنا يبرز دور الشخص أو المجموعة المنتجة في تسخيرها للطاقات وفي فهمها لواقع مواقع التواصل لحشد أكبر كم من الجمهور، وجعل المشاهد في شوق مستمر لكل جديد مما يتم تقديمه.
ويؤكد  في حديثه لـ »وكالة فلسطين اليوم الإخبارية« ، على ضرورة التنوع في المحتوى موضحاً » طبيعة البيئة الالكترونية تعتمد على الاختصار والتكثيف والتنوع، لذا أحرص بشكل شخصي على تقديم كل جديد بشكل وطابع مختلف كل مرة، حتى لا يمل المشاهد أولاً، وحتى أحافظ على الوتيرة المتصاعدة التي أعمل بها، لذلك أنصح الشباب الفلسطيني الذي يعمل على نشر محتوى سواء كتابي أو مرئي على العمل على التجديد المستمر، وعلى تقديم المعلومة بشكل مختلف وجذاب، كذلك الصبر فالنجاح يحتاج إلى الوقت والمجهود، فمعظم البرامج التي تصدر هي جيدة بطبيعة الحال، لكن تفتقر لصبر معديها فالجمهور الالكتروني مزاجي ويحتاج لوقت كافي حتى ينسجم ويتناغم مع شيء جديد يتم طرحه« .

زقوت: »الأثر النفسي والاجتماعي لمواقع التواصل على الشباب الفلسطيني والمجتمع بشكل عام قد يكون أثرا ايجابيا أو سلبيا حيث يصل الأمر عند البعض إلى حد الجنون أو الإدمان« .

سمير زقوت

أزمات اجتماعية وسياسية

في سياق مشترك يُرجع سمير زقوت الطبيب النفسي في مركز غزة للصحة النفسية  الوجود الفلسطيني الكبيرة على شبكات التواصل إلى أنَّ المجتمع الفلسطيني واقع تحت اضطهاد المحتل وأزمات اجتماعية وسياسية خانقة، لذا فإن الميزة التي توفرها شبكات التواصل تدفع هذا المجتمع للاقبال بشكل كبير للتعبير عمّا في داخله تجاه هذه القضايا التي تؤرقه، كذلك استخدامها في رحلة بحث البعض عن ذويهم الذين لا يستطيعون رؤيتهم منذ أعوام سواء لعدم القدرة على دخول فلسطين أو الابعاد الذي يفرضه الاحتلال أو ما نتج عن تهجير الناس قصراً من قبل الاحتلال عام 1948، كذلك فإن شبكات التواصل تعتبر وسيلة مريحة للخروج إلى الأفق العالمي المفتوح بلا قيود ولا معابر ولا تصاريح سفر قد لا ترى النور إلا في الأحلام .

أمّا عن الأثر النفسي والاجتماعي لشبكات التواصل يقول زقوت لـ »وكالة فلسطين اليوم الإخبارية«   » الأثر النفسي والاجتماعي لمواقع التواصل على الشباب الفلسطيني والمجتمع الفلسطيني بشكل عام قد يكون أثرا ايجابيا أو سلبيا حيث يصل الأمر عند البعض إلى حد الجنون أو الإدمان حيث يسهر الشباب طيلة الليل على مواقع التواصل , ويستيقظون صباحا لتفقدّ ما وصلهم عليه من رسائل، والبعض يقوم بتكوين مجموعة عائلية للتواصل أو مجموعة أصدقاء للتسلية وتصبح الحياة تسالي لا قيمة للجدية فيها، وقد ينعدم أحيانا التواصل المباشر بين أفراد العائلة فالتطور التكنولوجي جعل الغالبية يملكون أجهزة محمولة حديثة ويتواصلون عبرها دون التفات للحياة الواقعية ".

ويشير زقوت أنّ المستخدم هو من يحدد الأثر العائد عليه وعلى مجتمعه، فقد تكون شبكات التواصل بؤرة لضياع وقت الشباب وابتعادهم عن مطالعة الكتب ومتابعة واجباتهم، لا سيما التأثير النفسي الكبير على الأطفال، فقد رصد العاملين في مجال الصحة النفسية حالات الكثير من المراهقين والأطفال الذين يعانون من مشكلات مرتبطة باستخدام الإنترنت، كذلك يمكن أن تكون هذه الوسائل مساحةً جديدة للتعلم والمطالعة والتثقيف، وخدمة القضية الفلسطينية بشكل أساسي إذا تم استغلالها بشكل معقول ومتزن وممنهج.