خبر ثنائية قومية مضاعفة -هآرتس

الساعة 09:40 ص|24 سبتمبر 2014

ثنائية قومية مضاعفة -هآرتس

بقلم: أ.ب يهوشع

(المضمون: جدير ومناسب لطالبي السلام النشطاء والمخلصين في اسرائيل وفي الاسرة الدولية ان يستوعبوا حقيقة بان السلام يتأخر ليس فقط بسبب الهذيان الثنائي القومية الاسرائيلية، بل وايضا بسبب الهذيان الثنائي القومية الفلسطيني - المصدر).

 

كل من يعرف الوضع في يهودا والسامرة – انتشار الطرق، البلدات، البؤر الاستيطانية والمناطق الصناعية والزراعية سواء في الوسط الاسرائيلي أم في الوسط الفلسطيني – يفهم بوضوح آخذ بالازدياد بان الدولة الثنائية القومية محتمة. ولكن لا يزال رجال السلام ذوو النوايا الطيبة، الذين بهرائهم مستعدين لان يقتلعوا 300 الف مستوطن يهودي، يرفضون رؤية الواقع المادي والانساني الذي يتبلور ويتعمق في المناطق.

 

في اسكتلندا طلب الكثيرون الانفصال عن انجلترا، تشيكوسلوفاكيا تنقسم الى دولتين، الاتحاد السوفييتي تفكك. يوغسلافيا تفككت. جماعات عرقية كانت على مدى اجيال طويلة آمنة وبتعاون كامل داخل اطر قومية كبيرة، تسعى الان الى تحقيق استقلال وطني ولغوي منفصل. وبالذات في هذه الفترة فان اليهود – مرة اخرى خلافا للتاريخ – يربطون انفسهم بالفلسطينيين. فهم يعقدون شخصيتهم وهويتهم في داخل أنسجة شعب غريب، دار ضده ويدور منذ أكثر من مئة سنة صراع مضرج بالدماء؛ شعب دينه مختلف، ثقافته مختلفة، تاريخه مختلف، مستواه الاقتصادي مختلف واضافة الى ذلك فهو مرتبط بالامة العربية الكبرى وبالعالم الاسلامي الضخم، اللذين لم يمنحا بعد الشرعية لدولة اسرائيل. هذا الفعل السيف والعابث يتم ليس فقط في خلاف تام مع موقف الاسرة الدولية، بل وايضا في خلاف مع موقف نحو نصف الشعب الاسرائيلي.

 

كيف يحصل يحصل الامر؟ نحن نعود ونتساءل عن ذلك في معسكر السلام، بل ونكون مطالبين بجواب من كل اصدقائنا ومحبي صالحنا في العالم بأسره. فهل غاب فهمكم ولم تعودوا تدركون ما تفعلوه لانفسكم؟

 

وفضلا عن كل الاتهامات – الصحيحة وغير الصحيحة – بشأن ضعف معسكر السلام واليسار الاسرائيلي، ووهن الضغط الامريكي والاوروبي لتحقيق فكرة الدولتين، علينا ان نعترف بحقيقة أن فعلة "الربط" للشعبين الواحد بالاخر مستمرة في ظل عمى مصيري ومأساوي، ليس فقط بسبب اسرائيل بل وايضا بسبب الفلسطينيين، الذين رغم تصريحاتهم الرسمية هم ايضا يحلمون ويعملون من أجل دولة واحدة – ثنائية القومية – وان كان حسب تفسير خاص بهم. بمعن ان الصعوبة المستمرة والمثابرة لمعسكر السلام، وكذا كل الساحة الدولية، في احلال حل الدولتين تنبع في واقع الامر من معارضة عميق، داخلية وليس دوما علنية من الطرفين للوصول الى حل الدولتين.

 

فهل غمضت عيون الفلسطينيين عن ان يروا بان كل يوم تؤكل ارضهم، الارض التي هي ايضا الاساس الاولي للهوية الوطنية؟ أوليس الاحتلال يضيرهم؟ افلا يفهمون بان السياقات الاسرائيلية الواقعة في الضفة الغربية لا مرد لها؟ برأيي هم يفهمون جيدا كل ما يجري في مناطقهم، ولكن حلم الدولة ثنائية القومية، حلم الدولة الواحدة، هو الذي يواسيهم في آلامهم واحباطاتهم. ولا يدور الحديث فقط عن الفلسطينيين في الضفة، بل وايضا عن أغلبية الفلسطينيين الاسرائيليين. ظاهرا تجدهم يتفقون مع فكرة الدولتين، والتي تكون فيها اراضي الدولة الفلسطينية اقل من ربع فلسطين الاصلية. ولكن في أعماق قلوبهم، يحلمون ويتمنون، مثل موشيه آرنس ورفاقه، بدولة واحدة، ثنائية القومية؛ بداية بصيغة أبرتهايد معتدل، وبعد ذلك، حسب تقاليد كفاح نلسون مانديلا ورفاقه، بصيغة دولة واحدة، ديمقراطية، تكون مع الايام وحسب نهجهم، في واقع الامر احادية القومية، إذ انهم حتى الان يشككون بالقومية اليهودية، ويرون في اليهودية دينا فقط.

 

فلو كان الفلسطينيون حقا يريدون، على حد قولهم، التحرر من الاحتلال، اقامة دولة فلسطينية قبل أن يكون فات الاوان، فقد كان يتعين عليهم ان يسعوا بسرعة الى الانفصال، الى التقسيم والى نصب الحدود. كان يتعين عليهم ان يوافقوا على حدود 67، وان يثبتوا دولة موجودة ومعترفا بها في الاسرة الدولية. كان يتعين عليهم ان يوافقوا على طلب بنيامين نتنياهو الاعتراف بدولة اسرائيل كالدولة القومية اليهودية – اعتراف ليس له أي أثر عملي – والكف عن المطالبة المرة تلو الاخرى بحق العودة، والذي لن يكون ممكنا أن يتحقق ابدا. كان يتعين عليهم ان يوافقوا على تبادل الاراضي، ولا سيما في منطقة غوش عصيون، والموافقة حتى على ان تتوطن اقلية يهودية صغيرة في الدولة الفلسطينية. الزمن ضيق، وكل يوم يبعدهم أكثر عن دولتهم. وحسب كل منطق،